إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

وفاة طفل من جمهورية إفريقيا الوسطى بعد انفصاله عن والدَيه

قصص

وفاة طفل من جمهورية إفريقيا الوسطى بعد انفصاله عن والدَيه

كان يوسوفا، ابن الأحد عشر عاماً، أحد آخر ضحايا الإرهاب الذي اجتاح وطنه في العامَيْن الماضيَيْن. كان يتوق لرؤية والدَيْه واستعادة حريتّه.
17 فبراير 2015 متوفر أيضاً باللغات:
54e3469f6.jpg
انفصل يوسوفا البالغ من العمر 11 عاماً من والديه لأكثر من ثمانية أشهر وحوصر في بلدة ياكولي. وقد تتبعت المفوضية والديه مؤخراً في الكاميرون ولكن بعد فوات الأوان حيث توفي الأسبوع الماضي.

بانغي، جمهورية إفريقيا الوسطى، 17 فبراير/شباط (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - عانى هذا الصبي الصغير من جمهورية إفريقيا الوسطى الأمرّين من ألم الفراق. وبعد أن فقد الأمل من إمكانية الفرار من هذا السجن الوهمي الذي يعيش فيه والاجتماع بوالدَيْه، أعلن الإضراب عن الطعام وتوفي في الأسبوع الماضي.

يوسوفا هو أحد آخر ضحايا العنف والإرهاب المريرَيْن اللذين أنتجتهما الحرب الطائفية التي عصفت بوطنه منذ مارس/آذار 2013 عندما استولت قوات سيليكا المناهضة للحكومة وغالبية أفرادها من المسلمين على الحكم في بانغي وارتكبت انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان، ما استدعى رد فعل دموي من جماعات ميليشيا أنتي بالاكا التي يغلب عليها المسيحيون.

تسبّب العنف الشديد بنزوح جماعي للسكان، حيث أُجبر عشرات آلاف الأشخاص على الفرار من منازلهم والبحث عن الأمان في جمهورية إفريقيا الوسطى أو البلدان المجاورة. انفصل الكثير من الأطفال عن عائلاتهم وسط الصدمة وفوضى الفرار، وبينهم يوسوفا وأختاه راماتو وأواو.

وتنظر المفوضية إلى القاصرين غير المصحوبين والأطفال المفصولين عن ذويهم على أنّهم أشخاص ضعفاء بصورة خاصّة وتحاول اقتفاء أثر أهاليهم أو أقرباء آخرين لهم، وهي تعمل بصورة وثيقة مع السلطات في بلدان اللجوء وفي جمهورية إفريقيا الوسطى لجمع الأطفال بأفراد عائلاتهم.

إلا أن الأوان قد فات على جمع يوسوفا بعائلته، ولكنّ المفوضية تأمل بأن تجتمع أختاه وأطفال آخرون مفصولون عن ذويهم في بلدة يالوكي التي حُوصِروا فيها لمدّة أشهر، مع عائلاتهم في تشاد والكاميرون.

بدأت محنة الفتى في شهر فبراير/شباط خلال العام الماضي، عندما فرّت عائلته وأشخاص آخرون من الهجمات التي شنتها الجماعات المسلّحة ضدّ المسلمين البدو من الفولاني في محافظة لوباي غرب العاصمة بانغي.

مشوا لأشهر واختبأوا في الأدغال محاولين النجاة بحياتهم وبحثوا يائسين عن ملاذ آمن لهم. ولكنّ الكارثة وقعت عندما حاولت العائلة أن تصعد على متن شاحنة متّجهة نحو الكاميرون. وسط التدافع المستميت، تمكّن والدَا يوسوفا من الفرار ولكنّ الفتى وأختيْه وجدّهم بقَوا حيث كانوا.

بعد الفرار من الهجمات، لجأ الأربعة إلى بلدة صغيرة تدعى يالوكي تقع على بعد 200 كيلومتر تقريباً شمال غرب بانغي. ولكنّ وطنهم الجديد تحوّل فعلياً إلى سجن مع وجود 400 فولاني تقريباً يعيشون في منطقة يبلغ محيطها 500 متر تحميها القوات المسلحة. شكّل ذلك صدمةً بالنسبة إلى هؤلاء الرحّل الفخورين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن تلبية احتياجاتهم ومحتاجين إلى المساعدات الإنسانية.

مع تدهور الوضع، أصبح يوسوفا أكثر اكتئاباً ويأساً. فهو لم يرَ والدَيْه منذ أكثر من ثمانية أشهر كما عانى من كافّة أنواع الرعب خلال فراره. أضرب عن الطعام منذ أسابيع عديدة ورفض أن يأكل قبل أن يرى من جديد والدته ووالده الغاليَيْن على قلبه.

تأثّر الجميع بهذا الفتى الصغير وبحُبّه لعائلته وشعروا بالحزن عليه عندما بدأت حالته تسوء. وقبل أسبوعَيْن، تمكّنت المفوضية أخيراً من تعقّب والدَيْه والعثور عليهما في غادو، في شرق الكاميرون.

فرح الوالدان عندما سمعا بأنّ أطفالهما الثلاثة لا يزالون على قيد الحياة ولكنّهما شعرا بالقلق على وضعهم. كانا ينتظران تلك اللحظة المميزة التي سيجتمعون فيها. ومن ثمّ وصلهما الخبر المفجع عن وفاة ابنهما بسبب حبّه لهما وبسبب طفولته التي سُلِبت منه.

وقال كواسي إتيان، ممثل المفوضية في جمهورية إفريقيا الوسطى: "شكلّ خبر وفاة يوسوفا صدمةً لنا جميعاً. نحن نعمل بجد لتحديد مواقع أفراد آخرين نازحين داخلياً مفصولين عن عائلاتهم محاصرين في يالوكي بهدف تسهيل جمعهم قبل فوات الأوان".

وإذ تعبّر عن حزنها الشديد لوفاة يوسوفا، تأمل المفوضية أن تُعيد لمّ الشمل أختَيْه ووالدَيْهما وقد حددت 14 طفلاً آخر منفصلين عن ذويهم في بلدة يالوكي فضلاً عن 23 فرداً يأملون أن يعاد جمعهم بعائلتهم في الكاميرون أو تشاد.

وتواصل المفوضية حشد الدعم لتحترم كافّة الأطراف حرية تنقّل الأشخاص المُعرّضين للخطر كحقّ أساسي من حقوق الإنسان. وقال أكثر من 90 في المئة من الفولانيين في يالوكي لمجموعات الإغاثة إنّهم يرغبون في أن يتمّ إخلائهم من هذه البلدة لأسباب إنسانية.

بقلم داليا العشي في يالوكي، جمهورية إفريقيا الوسطى