إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

من آلة الحرب إلى آلة القانون.. مذكرات موسيقي سوري في مصر

بيانات صحفية

من آلة الحرب إلى آلة القانون.. مذكرات موسيقي سوري في مصر

أحمد صعب هو عازف بيانو وقانون متخصص في الموسيقى الشرقية، وقد روى لنا كيف هرب من حماة إلى القاهرة في عام 2013.
6 سبتمبر 2015
55eeb7606.jpg
اللاجئ السوري أحمد صعب وهو يعزف على آلة القانون. وقد شق أحمد طريقه في المهنة التي لطالما حلم بها في سوريا.

القاهرة، مصر، 8 سبتمبر/أيلول (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - لا شك أن البحث عن مستقبل موسيقي في القاهرة ليس بالأمر السهل، ولكنه يهون أمام البحث عنه في مدينة حماة وسط الحرب الطاحنة في سوريا. فأن ينشد المرء مسيرة مهنية موسيقية في بلد يرزح تحت نير الحرب لهو ضرب من العبث وأقرب إلى المستحيل. هذا هو حال أحمد صعب، الشاب السوري اللاجئ في مصر.

أحمد صعب هو عازف بيانو وقانون متخصص في الموسيقى الشرقية، وقد روى لنا كيف هرب من حماة إلى القاهرة في عام 2013. ولحسن حظه، فقد تمكن من الوقوف على قدميه وشق طريقه في المهنة التي لطالما حلم بها في سوريا.

وُلد أحمد في عائلة موسيقية، وبسبب التحاقه بمدرسة ثانوية ذات توجه علمي كان سينتهي به المطاف في كلية الهندسة لولا أن شجعه صديق له على السعي وراء شغفه. وحتى يومنا هذا، يعتبر أحمد هذا التحول في مساره المهني أفضل قرار اتخذه في حياته، وقد كان يأمل أن تفتح له الدراسة الجامعية للموسيقى في حمص على مدار أربعة أعوام باب العزف في الفرق الموسيقية المصاحبة لكبار المطربين السوريين وفي مهرجان الموسيقى العربية في الأردن.

وعندما اندلعت الثورة في سوريا في عام 2011، كان قد تخرج لتوه وباشر البحث عن وظيفة تدريس هادئة في جامعته، وكان ما يشغله هو بدء الدراسة في برنامج ماجستير في التلحين.

وبعد أن حمي وطيس النزاع، قرر أن يغادر حمص ليلتحق بعائلته في حماة، حيث لا يزال يعيش فيها أبواه وأخواه وأخته ويديرون متجر إلكترونيات تملكه العائلة. واستدعي أخواه لأداء الخدمة العسكرية ولكنهما قررا الفرار.

أما أحمد فلم يكن البقاء خياراً متاحًا له، فرغم أن عائلته كانت آمنة في حماة وتعيش حياة كريمة، إلا أنه كان يواجه تهديداً من نوع آخر وهو استدعاء الشباب للانخراط في القتال، وهو أمر يعارضه بشدة، كما أنه شعر بأنه لم يعد ثمة مكان للموسيقى والموسيقيين الواعدين وسط لهيب الحرب في سوريا.

وأعدّ أحمد خطته، وبحلول فبراير2013 كان على متن طائرة متجهة إلى القاهرة. غير أن معاناته لم تنته، فكان أحمد قد رتب للمبيت على أريكة في بيت صديق له، وكان يأمل أن يعثر على عمل ويواصل دراسته لنيل الماجستير وينتظر أن تنضم إليه زوجته. وقال أنه في وقت وصوله كان العثور على عمل أمراً صعباً لأن حينها كان الرأي العام في مصر في مرحلة تقلب تجاه اللاجئين السوريين. وقد ضاعت عليه فرصة للالتحاق بدار الأوبرا المصرية كعازف بيانو وقانون لكونه سوري، وكانت فرص العمل سواها ضئيلة. فهو يرى أن فرص السوريين المحدودة في العمل تعد من أكبر التحديات التي تواجههم في مصر.

تنقل أحمد بين القاهرة والاسكندرية بحثًا عن لقمة العيش، وسجل في برنامج ماجستير مدته سنة واحدة ولكنه سرعان ما وجد بأن نفقات الدراسة أكثر مما تتحمله جيوبه الخاوية.

وشيئاً فشيئاً، بدأ الموسيقي أحمد يقف على قدميه، فقد وصلت زوجته ندى في شهر مارس من عام 2014 من سوريا بالطائرة بعد أن تمكنت من الحصول على تأشيرة، وهي عازفة عود هاوية "ذات حس موسيقي مرهف"، واستقر الزوجان في شقة بالجيزة. وكان لقاؤه بعازف العود الشهير نصير شمه سبباً في عثوره على وظيفة مدرس موسيقى، وانضم إلى فرقة موسيقية من 6 أفراد تدعى "الفرقة السورية" تعزف موسيقى سورية ومصرية. وهو يرى أن لقائه بنصير شمه كان بمنزلة الحافز لتطوره مهنياً في مصر.

ويرى أحمد أن حياة المهنيين الموسيقيين في أي بلد حياة صعبة، وتزداد صعوبة على صعوبة في البلدان العربية، خاصة مصر. فهو يرى أن الموسيقى باتت من الترف الذي لم يعد الكثير من العرب قادراً على تحمل ثمنه، ويقول أنه رغم أن المصريين يحبون موسيقاهم، إلا أنهم لا يقبلون على سماع غيرها من الألوان الموسيقية مثل الموسيقى التركية أو السورية.

شارك أحمد في العديد من الحفلات الموسيقية في الأردن وسوريا قبل اشتعال الثورة السورية، إلا أنه في مصر لم يعزف سوى في حفلات تابعة لمفوضية اللاجئين.

ورغم أن أحمد كان قد عمل سابقًا مع المفوضية، إلا أنه لم يطلب مساعدتها سوى في أكتوبر 2014 عندما انقضت صلاحية جواز سفره، ليضطُر في نهاية المطاف إلى التسجيل كلاجئ.

ولا يزال مستقبل أحمد ضبابياً، فهو يتمنى أن يسافر حول العالم ليعزف على نطاق أرحب، ولكن القيود المفروضة عليه بسبب وضعه كلاجئ تمنعه من مغادرة مصر. وتتضمن أحلامه دراسة التأليف الموسيقي في ألمانيا أو النمسا. ورغم أنه يحب تدريس آلة القانون، إلا أنه يفضل العزف. أما أمانيه الكبرى فهي أن يعزف أمام جماهير كبيرة في مدن وبلدان جديدة.

لن يعود أحمد إلى سوريا في وقت قريب، فهو يقول أنه لا ينتظره في وطنه سوى المخاطر والصراعات، ورغم أن حياته المهنية لا تسير في الاتجاه الذي كان يأمله، إلا أن المشهد الموسيقي في القاهرة لا يزال يعد منصة موسيقية مناسبة وقاعدة ينطلق منها نحو تحقيق أحلامه القديمة.

بقلم راتشيل ويليامسون، القاهرة