إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

قصص من الواقع.. الألمان يستقبلون اللاجئين في منازلهم

قصص

قصص من الواقع.. الألمان يستقبلون اللاجئين في منازلهم

يفتح الكثير من الألمان العاديين أبوابهم أمام طالبي اللجوء في عام شهد دخول أعداد كبيرة إلى بلادهم.
28 فبراير 2016 متوفر أيضاً باللغات:
5d8cda593.jpg
رحبت سارة وستيفي بعائلة من طالبي اللجوء الأفغان في منزلهم في قرية بالقرب من درسدن.

الغرف الإضافية لم تعد شاغرة والمكاتب في المنزل أصبحت غرف نوم. تعرفوا على الألمان الذين فتحوا أبوابهم أمام اللاجئين الواصلين إلى أوروبا.

ينام إبراهيم في مكتب صاحب المنزل الذي استضافه، في حين يتشارك همام وسميرة إستوديو في منزل أحد الفنانين. ويملك محمد غرفته الخاصة بينما تم تقديم منزل كامل لعائلة ميسيد الكبيرة لتعتبره منزلها الخاص.

بالنسبة إلى مئات آلاف الواصلين حديثاً إلى ألمانيا، إن المنزل هو حالياً مأوى جماعي - وهذا حل مؤقت بينما ينتظرون نتائج طلباتهم. لكن قلة محظوظة بدأت تبذل جهوداً للاندماج من خلال العيش مع الألمان في منازلهم.

تعرفوا على بعض الألمان من بين الكثيرين الذين يستقبلون اللاجئين لمساعدتهم على الوقوف على أقدامهم.

أندريا وأليكس

نظراً لأنهما لا يعرفان سوى بضع كلمات باللغة الإنكليزية، تعتمد سميرة وابنها الشاب همام إلى حد كبير على الإشارات اليدوية للتواصل مع العائلة الألمانية التي تستضيفهم.

لكن من خلال لغة العيون والابتسامة، تمكن السوريان من بناء صداقات عميقة مع أندريا وأليكس الألمانيين اللذين استقبلاهما وأخذاهما إلى شقتهما في برلين.

وتقول سميرة البالغة من العمر 45 عاماً متحدثةً من خلال مترجم: "لقد كانت مفاجأة كبيرة بأن يدعونا هؤلاء الأشخاص للإقامة في منزلهم. ثمة لحظة لن أنساها عند وصولنا حين حملت أندريا حقيبتي ووضعتها في الداخل من أجلي، شعرت حينها بإنسانيتها. شعرت بأنها إنسانة طيّبة".

وتصرح أندريا البالغة من العمر 39 عاماً، وهي فنانة قررت تقديم الاستوديو في منزلها إلى اللاجئين عندما سمعت بأن الكثيرين بحاجة إلى مساكن طارئة، قائلةً: "عشت هذه اللحظة أيضاً. رأيت في عينيها أنها شخص طيّب. وأنا أثق عادةً بالأشخاص عندما ألتقي بهم أو لا أثق بهم. إنها مسألة تتعلق بالقلب".

كانت سميرة وهمام يعيشان في منطقة تقع شمال عاصمة سوريا، دمشق، عندما أجبرهما القتال على الفرار من البلد. على أمل أن تجتمع الأم والإبن بزوج سميرة الذي وصل إلى ألمانيا في أوائل هذا العام ويعيش حالياً في مأوى للرجال.

يقول الموسيقي أليكس البالغ من العمر 39 عاماً: "قلنا لهما بأن يبقيا هنا لشهر إلى أن نتمكن من لم شمل العائلة مجدداً. نريدهما أن يحظيا ببداية جيدة. وما نقوم به هو تعريفهما على الحياة هنا - بطريقة يومية وعادية".

56d2e93f6.jpg
سميرة البالغة من العمر 45 عاماً وهمام، 17 عاماً من سوريا يعيشان مع أليكس، 39 عاماً وأندريا، 39 عاماً وأطفالهما الثلاثة في شقتهم في برلين.

سارة وستيفي

بعد النجاة من كابوس الرحلة من أفغانستان إلى ألمانيا، كاد ميسيد وعائلته يطيرون فرحاً عندما أُحضروا إلى منزل في قرية بالقرب من درسدن وقيل لهم بأنه يمكنهم العيش فيه.

فر ميسيد من منزله في جنوب أفغانستان بعدما قتل قطاعو الطرق شقيقه الأصغر سناً وجيرانه بوحشية. ويقول والد السبعة أطفال بأنه لا يستطيع العيش بخوف دائم.

يقول ميسيد البالغ من العمر 37 عاماً متحدثاً من خلال مترجم: "قتلوا شقيقي من دون سبب على الإطلاق. وبعد ذلك، كان من المستحيل البقاء. كنت أشعر بالقلق في كل دقيقة من أن يأتوا في المرة المقبلة لقتل بناتي".

ويقول "في اليوم الذي وصلنا فيه إلى هذا المنزل لم نحلم قط أننا سنأتي إلى هنا لنعيش. لم أصدّق أنه بإمكان بناتي الخروج واللعب بأمان. فمن الصعب التعوّد على ذلك بعد كل ما جرى".

منزل ميسيد الجديد هو ملك لثنائي ألماني مؤلف من سارة البالغة من العمر 39 عاماً وستيفي البالغ من العمر 43 عاماً وهما موسيقيان ومؤسسان لمجتمع فنانين في شرق منطقة روهرسدورف. هذا الصيف، ومع عبور مئات آلاف طالبي اللجوء إلى ألمانيا، كان الثنائي منشغلاً في أخذ قرض من أجل منزل ضيوف سابق مجاور بهدف استضافة عائلة.

وتقول سارة: "أردنا استخدامه للاجئين لأن الكثيرين من الذين يصلون يحتاجون إلى منازل. وكان من الواضح أنه علينا القيام بشيء عملي. إن لم نساعدهم فإلى أين سيذهبون؟"

وبعد مرور شهر واحد، بدأت فتاتا ميسيد الأكبر سناً تتعلمان اللغة الألمانية في مدرسة محلية. وغالباً ما يتشارك ستيفي وسارة العشاء الأفغاني مع جيرانهما بينما يلعب طفلاهما الصغيران في المنزل مع أصدقائهما الأفغان الجدد. ويقول ميسيد: "حصلنا على هبة رائعة من الله. وفي الكثير من الأوقات أفكر أنا وزوجتي كيف سنتمكن من التعويض لهؤلاء الأشخاص - عائلتنا الجديدة، أشقائنا وشقيقاتنا الجدد".

56d2ebc06.jpg
سارة وستيفي رحبا بعائلة أفغانية طالبة للجوء في منزلهما الواقع في قرية بالقرب من درسدن.

أليكس وفنسنت ومنى

يحلم محمد وهو طالب في مجال الحقوق من سوريا ويبلغ من العمر 24 عاماً بإنهاء دراسته في برلين. ومع انتقاله للسكن مع مجموعة من الرفاق الجدد في الشهر الماضي، اقترب خطوة واحدة من عيش أسلوب حياة الطالب الألماني.

ويقول محمد الذي فر من القتال الذي دار بالقرب من منزله في حلب الصيف الماضي: "كنت أعيش بعيداً عن المنزل في الجامعة في سوريا لذا أدرك طريقة عيش الحياة المستقلة". ويضيف قائلاً: "إنها ثقافة مختلفة بالطبع. بلد جديد وأشخاص جدد - لكنني أستمتع بالأمر حقاً".

إزاء مشاهد طالبي اللجوء الذين يقيمون في مآو جماعية، قررت مجموعة في العشرينيات من العمر ومؤلفة من أليكس وفنسنت ومنى القيام بواجبهم من خلال تقديم غرفة الضيوف في منزلهم.

تقول منى البالغة من العمر 26 عاماً: "في هذه اللحظة من حياتنا نحن نشكل جزءاً كبيراً من التاريخ. وعليك اتخاذ موقف. كانت هذه طريقة سهلة لتقديم المساعدة لكننا شعرنا بأنه علينا القيام بشيء. لكن قبل وصوله لم نكن نعرف ما نتوقعه".

قام رفاق السكن بتسجيل غرفة ضيوفهم مع مبادرة "مرحباً باللاجئين" وهي مبادرة تطوعية تهدف إلى التوافق بين طالبي اللجوء والألمان المستضيفين. وبعد مرور شهر، كان محمد يجلس معهم على طاولة العشاء ويشاركهم نصائحه حول المطبخ السوري.

منذ إطلاقها في العام الماضي، سمحت مبادرة "مرحباً باللاجئين" بمشارك 200 طالب لجوء المسكن مع الألمان. تكمن الفكرة في جمع الأشخاص القادمين حديثاً مع رفاق السكن المناسبين ما يساعد على تسريع عملية الاندماج.

يقول أليكس الذي يبلغ من العمر 27 عاماً: "اتفقنا على أن نستقبل أي شخص يأتي بحاجة إلى المساعدة. ولكن عندما علمت أننا سنستقبل طالباً في مجال المحاماة يبلغ من العمر 24 عاماً، بدا الأمر طبيعياً تماماً كتبادل الطلاب. كان الأمر سهلاً جداً".

ويقول فنسنت الذي يبلغ من العمر 26 عاماً والذي ساعد محمد في إنجاز المستندات باللغة الألمانية الضرورية ليغطي مركز العمل بدل الإيجار: "عندما يبدأ بأخذ دروس اللغة سنتحدث معه اللغة الألمانية في المنزل"

 

56d2ed216.jpg
محمد البالغ من العمر 24 عاماً يستمتع بحياة الطالب في برلين مع رفاقه الألمان الجدد في السكن وهم منى وفنسنت وأليكس.

جانين وستيف

بالنسبة إلى الثنائي جانين وستيف، فإن قرارهما باستضافة وائل وهو طالب لجوء سوري-فلسطيني شاب كان عادياً جداً.

ويقول ستيف البالغ من العمر 28 عاماً وهو مصمم غرافيك من برلين إلتقى وائل بعد الرد على ما نشره على موقعه على شبكة التواصل الاجتماعي باحثاً عن مكان هادئ لدراسة اللغة الألمانية: "نحن لسنا هؤلاء المتطوعين الرائعين والسخيين الذين تقرأون عنهم".

ويضيف قائلاً بأن "لا شيء مميز بالذي نقوم به. قرأنا ما نُشر وفكرنا أنه يمكننا تقديم المساعدة. كان الأمر تلقائياً".

لكن بالنسبة إلى وائل الذي يبلغ من العمر 20 عاماً والذي غادر دمشق الخريف الماضي عندما منعته القنابل من الدراسة، إن الترحيب الذي تلقاه من الثنائي - وكلبهما وقطتيهما- لا يقدر بثمن.

يقول وائل: "يجعلني ذلك أتمنى لو كنت ألمانياً. لا أستطيع أن أتخيل مدى الفخر الذي يمكن أن يشعر به الفرد لمعرفة أن بلده مليء بالأشخاص الطيببين".

لم يكن باستطاعة جانين وستيف أن يأملا قدوم ضيف أفضل. وتقول جانين وهي محاسبة تبلغ من العمر 28 عاماً ومن برلين أيضاً: "إنه سعيد بكل شيء. وبالطبع يجعلنا هذا الأمر نفكر بعدم أهمية الأمور التي تزعجنا".

56d2edbc6.jpg
وائل، شاب سوري-فلسطيني، يلعب بالألعاب على الكمبيوتر مع مضيفه الألماني، ستيف، في شقته في برلين.

وتضيف قائلةً بأن "وائل كان يشعر بالقلق من أن تطول فترة استضافته لكننا أخبرناه بأنه يستطيع البقاء طيلة الوقت الذي يناسبه. فنحن من برلين ونقول ما نفكر فيه. تعرفت والدة ستيف عليه ودعته إلى منزلها يوم عيد الميلاد".

وبالتأكيد فإن سلوك وائل المتسم بالعزيمة من الأمور المساعدة. وبعد أسابيع قليلة من الدخول إلى البلد، إستقر وائل بشكل جيد جداً في الحياة في ألمانيا. وفي كل صباح، يقوم بتوضيب الفرشة الهوائية على أرض مكتب منزل ستيف ويستعد للذهاب إلى دروس اللغة الألمانية في الجامعة المحلية. وعندما يصبح طليقاً باللغة، يأمل وائل أن يتابع دراسته ويحقق حلمه في أن يصبح مبرمجاً في غوغل.

بقلم جوزي لو بلوند