إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

حلم عداءة أولمبية ينتهي بمأساة في مياه المتوسط

بيانات صحفية

حلم عداءة أولمبية ينتهي بمأساة في مياه المتوسط

انتهت حياة العداءة الصومالية سامية يوسف عمر انتهت بمأساة أثناء عبور البحر المتوسط الخطير من ليبيا إلى أوروبا.
16 أبريل 2016
57132b376.jpg
سامية يوسف عمر في الألعاب الأولمبية في عام 2008 في بكين.

انتهت حياة العداءة الصومالية سامية يوسف عمر انتهت بمأساة أثناء عبور البحر المتوسط الخطير من ليبيا إلى أوروبا.

فبعد أن دخلت المنافسة باسم الصومال في أولمبياد عام 2008 في بكين، عزمت سامية يوسف عمر على المشاركة في ألعاب لندن في عام 2012، ولكن نهاية هذه الشابة البارزة لم تكن سعيدة.

في كتابه، حلم الأولمبياد، الذي صدر الشهر الماضي باللغة الإنكليزية عن SelfMadeHero، يتعقب راينهارد كلايست، الرسام الغرافيكي الألماني الحائز على عدة جوائز، الأعوام الأخيرة في حياة العداءة الصومالية التي انتهت بمحاولتها المشؤومة للوصول إلى الأمان في أوروبا.

يبدأ كتاب السرد من خلال الرسوم - الذي يُعتبر رواية وعملاً يُصنف في فئة الصحافة التصويرية - بمشاركتها في أولمبياد بكين ويتابع مع محاولاتها الطموحة واليائسة وأخيراً الفاشلة في الوصول إلى المنافسة في لندن في عام 2012.

إنها قصة طموح واندفاع ورفض لفكرة كون التغلب على الفقر والقمع والتهديد والعنف، غير ممكن.

إنها أيضاً قصة ملايين المهجرين جراء الحرب والجوع، الذين بلغ عددهم 59.5 مليون شخص مع نهاية عام 2014 وارتفع إلى أكثر من ذلك بكثير في عام 2015، والذين اتخذوا طرقات خطيرة للحصول على حياة أفضل وأكثر أماناً في غياب بدائل أخرى.

وقد دعت المفوضية لزيادة الطرق الآمنة والنظامية لحصول اللاجئين على الحماية في أوروبا بموجب برامج مدارة - كبرامج القبول الإنساني والرعاية الخاصة ولم شمل العائلات والمنح الدراسية للطلاب وخطط تنقل اليد العاملة- لكي لا يذهب اللاجئون إلى المهربين والمتاجرين للوصول إلى الأمان.

طموح سامية واندفاعها هو ما ألهم كلايست الذي كان في لندن في مارس/آذار السابق لتسويق النسخة الإنكليزية من كتاب صدر باللغة الألمانية في ربيع عام 2015، بعد أن بدأت حالة الطوارئ الناجمة عن اللجوء تؤثر بشكل كبير على أوروبا.

وأخبر الحاضرين في معهد غوته في لندن قائلاً: "إنها أولاً قصة فردية؛ فقد أردت إخبار قصة سامية".

كانت سامية التي بلغت من العمر 17 عاماً في حينها، واحدة من رياضيين اثنين يمثلان الصومال التي مزقتها الحرب في ألعاب بكين. حملت علم بلدها ونافست في سباق الـ200 متر. كان أداؤها أفضل من أي مرة في الجولة الأولى ولكنها أنهت المنافسة في المركز الأخير، بفارق 10 ثوانٍ.

لا تزال الأفلام المصورة لهذا السباق متوفرة تظهر عداءة عازمةً على إنهاء السباق، على الرغم من أنها بدت في الخلف. عبرت خط النهاية في ظل هتافات مرتفعة من الحشود.

تبدأ قصة كلايست مع معاناة عائلة سامية لإيجاد تلفاز في مقديشو لمشاهدتها بينما كانت تشارك في السباق. وعادت إلى الوطن عازمةً على أن تكون منافسة قوية في ألعاب عام 2012 في لندن.

لم تكن الصومال مكاناً مناسباً لامرأة شابة من خلفية فقيرة تتمتع بطموح رياضي. ونظراً إلى القتال بين القوات الحكومية وزعماء الميليشيات العشائرية والمتمردين الإسلاميين، لم يكن في البلد مرافق رياضية مناسبة. فقد دُمر المعلب الرئيسي في العاصمة وعانت سامية من تحرش المتمردين.

وقالت تيريزا كروغ، وهي صحفية أميركية أمضت أعواماً في أرض الصومال وتعرفت على سامية وعائلتها جيداً: "تلقت تهديدات من "الشباب". وتم استهداف عائلتها بسبب ممارستها الرياضة. فقد اعتُبر الفريق الوطني متصلاً بالحكومة". ويعارض المتمردون المتشددون ارتداء النساء للسراويل القصيرة التي يعتبرونها غير محتشمة.

في عام 2010، سافرت سامية إلى أديس أبابا، في أثيوبيا المجاورة، حيث يعيش أحد أقربائها وحيث يوجد مرافق رياضية مناسبة. لكنها لم تتمكن من إيجاد مدرب أو فريق تنضم له، ووفقاً لكلايست، لم تتمكن من تجديد تأشيرتها. ومع اجتياح الصراع للصومال، قررت القيام برحلة إلى أوروبا مع خالتها.

اتبعت مساراً معروفاً لكنه خطير يمر في السودان والصحراء الكبرى وليبيا.

وقال كلايست في مقابلة مع المفوضية في وقت سابق من هذا الشهر بأن "الرحلة التي قامت بها لم تكن مختلفة على الإطلاق. فهذا أمر يحدث مراراً وتكراراً". ومع ذلك، فإن القليل من الناس يفهمون خطورة هذه الرحلات.

"في بعض الأحيان، تمتد هذه الرحلة بالنسبة لبعض اللاجئين على مدى أعوام؛ فهي ليست سهلة. إنها قصص رهيبة يضطرون فيها أحياناً إلى العودة أو يتعرضون للخطف".

في رحلتها الطويلة، مرت سامية بذلك كله وعبرت مناطق باردة. جمع كلايست مراحل رحلتها من خلال ما نشرته سامية على حسابها الخاص على الفيسبوك وبمساعدة شقيقتها هدان التي لجأت إلى فنلندا.

عبرت الصحراء ووصلت إلى ليبيا بينما كانت الحرب الأهلية في البلاد قائمة. وهناك، أقدمت جهة مجهولة على خطفها. وتم الاتصال بعائلتها وطُلب منها دفع فدية. وليس من الواضح ما إذا تم تبادل الأموال، لكنها تمكنت في النهاية من الخروج للقيام بالجزء الأخير من رحلتها المميتة عبر المتوسط، بعد شهور من السفر الشاق.

وجد كلايست بعض الفجوات في القصة، ولملئها، أجرى مقابلات مع لاجئين صوماليين آخرين سافروا بالطريقة نفسها. واستعمل تفاصيل من قصصهم لصياغة مجموعة من تجاربهم.

وقال كلايست: "أعتقد بأنني اقتربت من وصف ما قد حصل... فلا أحد يعرف ما الذي حصل بالضبط".

سمح له البحث بشمل هذه التفاصيل عن الطريقة التي يجد من خلالها قطاع الطرق المال الذي يخبئه اللاجئون عادةً في ملابسهم؛ فيعرونهم ويهددونهم بحرق ملابسهم، ويخيّرونهم بين الاحتفاظ بكرامتهم أو فقدان أموالهم.

"حاولت اكتشاف ما حدث قدر الإمكان. ملأت الفجوات لكنني لم أرِد أن أتصور ما حدث بنفسي، لذا استعملت تجربة لاجئين آخرين لجعل القصة تبدو أكثر واقعية."

يدور الكتاب حول تصميم سامية الراسخ للوصول إلى ألعاب لندن، الذي يظهر في كل رسم لها تقريباً ترتدي فيه قميصاً يحمل كلمة "أركض".

وقالت كروغ: " أعتقد أنه كان انعكاساً دقيقاً لشخصيتها، فهي لم تكن رياضية فقط، ولم تكن لاجئة فقط. كانت شخصاً حنوناً ويعتني بالآخرين، وكان لديها حلم كبير جداً. أعتقد بأنني عكست شخصيتها بشكل دقيق".

يقدّم كلايست عروضاً في المدارس الألمانية متحدثاً إلى الطلاب عن سامية واللاجئين بشكل عام، ويقول بأن الأمر يذهلهم. "يعتقدون أولاً أن الرسوم خيالية ولكنهم يدركون لاحقاً أن مَن فيها أشخاص حقيقيون. وفي النهاية، يطرحون أسئلة مهمة. وفي بعض الأحيان تتمكن من إزالة الأحكام المسبقة".

مع ذلك، يُعتبر اكتساب درس من حياة انتهت فجأة، أمراً صعباً. فهل يجب اختيار البقاء أو الذهاب، عندما يعرض الخياران الحياة للخطر؟ وقالت كروغ بأن بعض أقاربها قالوا بأنه لم يكن يتعين عليها المغادرة ولكن ذلك يأتي بعد أن فقدت حياتها، فلو نجحت، لما كان أحد ليقول ذلك اليوم.

"تحدثت إلى الكثير من اللاجئين الذين قاموا بهذه الرحلة وقال الكثيرون منهم بأنهم يتمنون لو لم يقدموا على ذلك... ولكن ثمة أشخاص في مقديشو يقولون: "لا يمكننا البقاء هنا، فلا يوجد مستقبل".

تنتهي قصة سامية بإعلان زميلها اللاعب الصومالي عبدي بيلي، عن وفاتها. وقد شارك بيلي مرتين في الألعاب الأولمبية وفاز ببطولة العالم في عام 1987 لسباق الـ1,500 متر.

وبعد الألعاب الأولمبية لعام 2012، أعلن بيلي بغضب وحزن في خطاب ألقاه في مقديشو أن سامية قضت في البحر الأبيض المتوسط.

وقال طالباً من الحضور تذكر سامية: "نحن المسؤولون، وإن لم نتذكر، فلا يمكننا إصلاح الأمر".

بقلم عمر كرمي، الصومال