إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

أطفال "الغابة" يزرعون بذور مستقبلهم بعيداً عن الوطن

قصص

أطفال "الغابة" يزرعون بذور مستقبلهم بعيداً عن الوطن

يُعد أولئك المراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً من بين المحظوظين القلائل لأنهم مُنحوا مكاناً في "دار اللاجئين .الشباب" في سانت أومير
29 سبتمبر 2016 متوفر أيضاً باللغات:
57e917053.jpg
يسقي هذا الفتى البالغ من العمر 15 أرضاً زراعية في مأوى للأطفال غير المصحوبين في كاليه، فرنسا.

 

في يوم غائم في بلدة سانت أومير في شمال فرنسا، يعتني ابراهيم من دارفور في السودان بمحاصيل الخضار مع ثمانية مراهقين آخرين.

ويُعد أولئك المراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً من بين المحظوظين القلائل لأنهم مُنحوا مكاناً في "دار اللاجئين الشباب" في سانت أومير الذي تديره المنظمة غير الحكومية "فرانس تير دازيل".

يعيش خمسة وأربعون طفلاً في المركز، وهو أحد الأماكن القليلة التي توفر الإقامة والحماية للأطفال غير المصحوبين الذين كانوا يعيشون في المخيم المؤقت المعروف باسم "الغابة" بالقرب من كاليه، على بعد 45 كيلومتراً. هنا، وجدوا المأوى والحماية، وأصبح بإمكانهم الاستمتاع بطفولتهم مجدداً- على عكس ما كانوا عليه في "الغابة"، حيث ينام الأطفال خارجاً في ملاجئ مؤقتة ويتعرضون للعنف وسوء المعاملة.

العديدون منهم واجهوا الخطر أثناء عبورهم الطرق غير الآمنة في العديد من البلدان في أوروبا.

تعتبر الزراعة إحدى الأنشطة الترفيهية التي ينظمها المركز وهي تلاقي استحساناً بين المقيمين. فالأطفال يزرعون ويجنون ويحصدون الخس والكوسا والزعتر والطماطم والريحان والراوند.

جيرمين تيتو، وهي عاملة في الحقل الاجتماعي في سانت أومير، تعلمهم أسماء الخضروات وأدوات الزراعة بالفرنسية. يرددونها، يمزحون ويضحكون على طريقة لفظهم للكلمات.

57e916f34.jpg
مجموعة من الأطفال غير المصحوبين من أفغانستان وتشاد والسودان يسيرون في شوارع سانت أومير.

وتيتو التي أتت هي أيضاً إلى فرنسا كلاجئة من بنين، تقول بأن الأطفال يتعلمون بسرعة. وتضيف: "أشعر بالامتنان كل يوم لأنني أقوم بهذا العمل. أفهم ما سيعانيه هؤلاء الأطفال".

تذكّر الزراعة ابراهيم* الذي يبلغ من العمر 14 عاماً بمزرعة جدته في دارفور. ويقول: "أحب كل شيء هنا في سانت أومير، وبالأخص البستنة".

وصل إلى فرنسا قبل 42 يوماً، بما فيها الخمسة عشر يوماً التي أمضاها في "الغابة"، حيث نام في مأوى مؤقت مع مراهقين آخرين فروا من دارفور مثله، من دون ذويهم.

ويقول رالف غرونير، ممثل المفوضية في فرنسا: "على فرنسا الالتزام بحماية الأطفال غير المصحوبين الذين يعيشون في ما يسمى بـ"الغابة" في كاليه". وذلك يعني أولاً وقبل أي شيء آخر إيجاد حلول مناسبة للسكن وتوفير الرعاية القانونية والاجتماعية والصحية لهم، ولكنْ أيضاً إنشاء نظام عملي وسريع للم شمل الأسرة للأطفال الذين لديهم عائلات في بلدان أوروبية أُخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة، حيث ستأتي هذه الخطوة لمصلحتهم".

وتشمل الأنشطة في المركز دروساً في اللغة الفرنسية والرياضيات والموسيقى والفنون والرياضة والسينما والزراعة. وهنالك مكتبة أيضاً.

يشاهد منال* من السودان، والبالغ من العمر 16 عاماً، بعد تناول الغداء صوراً لقلاع في جنوب فرنسا. ويسأل: "إنها جميلة، أين تقع؟". يريد أن يجد الموقع على الخريطة لمعرفة إذا كان بالإمكان زيارتها.

وبعد الظهر، سيتوجه بعض المقيمين إلى السينما، حيث يأتي فيلما "غوست باسترز" و"ستار تريك بيوند" على رأس قائمة خياراتهم. ويخططون للعب كرة القدم في الحديقة بعد ذلك. يشعرون بالأمان في المركز، حيث بأمكانهم أن يحلموا مجدداً كما يفعل الأطفال.

ويعيش جمال*، البالغ من العمر 17 عاماً، وهو من غزنة في أفغانستان، في مركز سانت أومير كذلك. وصل إلى كاليه وحده بعد أن فر من بلاده.

ويقول بأنه يشعر بالراحة في سانت أومير ويحلم بأن يصبح مهندساً إلكترونياً. ويضيف: "لا يقع شجار هنا كما كان يحدث في "الغابة". أحب كل شيء هنا ولكن نشاطي المفضل هو تعلم اللغة الفرنسية".

57e917894.jpg
يعيش حوالي 7,000 لاجئ ومهاجر في كاليه، فرنسا.

مراكز الإيواء والأماكن محدودة للأطفال. ومعظم الأطفال غير المصحوبين الذين يعيشون في كاليه لا تتوفر لهم الفرص نفسها المتاحة لجمال وابراهيم.

وكما يشرح مدير المركز، جان فرانسوا روجيه: "نتلقى كل يوم طلبات لاستقبال المزيد من الأطفال، لكننا مجبرون على الرفض لأن المركز مليء بشكل دائم. علينا إيجاد أماكن إضافية. يحتاج الأطفال لأن يكونوا في بيئة آمنة".

ووفقاً للمنظمات غير الحكومية، يعيش حوالي 850 طفلاً غير مصحوبين في "الغابة" في كاليه.

وكإجراء طارئ، يقيم 215 قاصراً في مخيم استقبال مؤقت (ويُعرف بالفرنسية بالاسم المختصر "كاب") ومركز "جول فيري" للنساء والأطفال، وتديرهما منظمة "لا في أكتيف". كلاهما مليئان ولا يمكنهما استيعاب عدد أكبر. يعيش الأطفال الآخرون في خيام ومآوٍ مؤقتة في "الغابة".

وحتى الآن من هذا العام، تبلغ نسبة الأطفال بين 300,000 لاجئ ومهاجر وصلوا إلى أوروبا، 28% وكثر منهم يسافرون وحدهم. وفي إيطاليا، بلغت نسبة الأطفال غير مصحوبين 15% من الوافدين منذ بداية العام.

في عام 2015، وصل عدد الأطفال إلى أكثر من نصف جموع السكان اللاجئين في العالم والبالغ عددهم 21.3 ملايين، بينهم عدد متزايد بشكل كبير من الأطفال المتنقلين غير المصحوبين والمفصولين عن ذويهم.

وهنالك حوالي 100,000 طلب لجوء قدمه أطفال غير مصحوبين ومفصولين عن ذويهم في 78 بلداً في عام 2015 وحده. وكان هذا أعلى رقم على الإطلاق منذ بدأت المفوضية بجمع مثل هذه البيانات في عام 2006.

تصاعدت حدة التوترات في كاليه على مر الأسابيع القليلة الماضية، حيث منع المتظاهرون الفرنسيون الوصول إلى نفق المانش وعبّارة كاليه في مسعى لدعم الدعوات المطالِبة بإغلاق "الغابة".

ومهما يكن الأمر، فمع اقتراب فصل الشتاء، هنالك حاجة ملحة لتأمين أماكن سكن مناسبة للأطفال غير المصحوبين أمثال جمال وابراهيم ومنال.

*تم تغيير الأسماء لأسباب تتعلق بالحماية.