إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

لاجئون سابقون في فيينا يستقبلون الزائرين في فندق فريد

قصص

لاجئون سابقون في فيينا يستقبلون الزائرين في فندق فريد

يقدّم فندق ماغداس "للمسافرين والمحتفلين والمستكشفين" تجربةً عصريةً متعددة الثقافات في العاصمة النمساوية.
29 يناير 2017 متوفر أيضاً باللغات:
588dd0884.jpg
مدخل فندق ماغداس في فيينا.

 

"مساء الخير سيدتي. أهلاً بك من جديد في فندق ماغداس. لقد حجزنا لك الغرفة رقم 112 مجدداً. هل ستتناولين الفطور؟"

لا يشمل سعر الغرفة الفطور لكنني حجزت الغرفة بحماسة، نظراً إلى أن الفطور في ماغداس، حيث يعمل لاجئون سابقون من جميع أنحاء العالم، هو عبارة عن أطباق وفيرة من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.

شعار الفندق هو: "كن منفتحاً؛ واختبر شيئاً فريداً". الإقامة في ماغداس غير اعتيادية وتثقيفية وقيّمة مقارنةً بكلفتها، بما أنها تقدّم للزائرين الذين يسعون إلى اختبار شيء مختلف عن التقاليد النمساوية تجربةً عصريةً ومتعددة الثقافات في فيينا.

وكان الفندق، الذي يقع على مرأى من "العجلة العملاقة" وهي من أبرز معالم فيينا، دار رعاية قبل أن يتم تحويله، كما يقول الإعلان، "لاستقبال المسافرين والمحتفلين والمستكشفين". افتُتح في عام 2015، ويعمل فيه 10 متخصصين في مجال الفنادق و20 لاجئاً سابقاً من 16 بلداً.

"كنت هنا منذ البداية ... وساعدت في تفريغ الغرف وأعمال الترميم. كان الأمر ممتعاً للغاية".

إنها شركة تابعة لمؤسسة كاريتاس الخيرية الكاثوليكية التي كانت تشرف على دار الرعاية، وهي ذاتية التمويل وحريصة على الحفاظ على هدفها المتمثل في مساعدة المحرومين.

الفندق الذي يتضمن 88 غرفةً يبدأ سعره بـ62 يورو لليلة الواحدة لا يتلقى أي تمويل عام غير التمويل المقدم للشركات الأخرى.

وتقول الرئيسة التنفيذية المساعدة غبريالا سونليتنر: "افتتحنا الفندق في الوقت المناسب، بما أنه تزامن مع أزمة اللاجئين. ووصل الأشخاص المتحمسون الذين أرادوا العمل عندما كان الطلب على العمال مرتفعاً في السوق. وهذان أمران غالباً ما لا يحصلان معاً، لا سيما في مجال الضيافة، حيث تحتاج إلى موظفين متمتعين بالكفاءات".

يعمل في الفندق لاجئون سابقون مُنحوا اللجوء في النمسا. يجب أن يجيدوا تحدث القليل من الألمانية. وتقول سونليتنر: "لا بأس إن كانوا يعانون نقصاً في المهارات لكننا نشجعهم على التحسّن".

588dd23f4.jpg
أوميد شريف، من أفغانستان، يعمل في قسم الاستقبال في الفندق.

عند مكتب الاستعلام، استقبلني أوميد شريف بلياقة وكفاءة. بدأ العمل في ماغداس بدوام ليلي، وهو يبلغ من العمر 25 عاماً ويأتي من أفغانستان. كان أداؤه جيداً لدرجة أنه ترقى وأصبح نائب رئيس مكتب الاستقبال. أخذت مفاتيحي وتوجهت إلى غرفتي ذات الجدران الزرقاء والمزينة بكرسي مخملي أحمر اللون وعاكس ضوء.

لا يوجد غرفتان متشابهتان. فالمصممون الذين يعملون بميزانية محدودة، أعادوا تدوير الأثاث والتجهيزات التي كانت في دار المسنين القديم لخلق جو فني. وتم قطع الخزائن وتحويلها إلى مقاعد وأعيد تعليق المرايا على الأبواب القديمة. وبلمسة بارعة، تم إحضار رفوف الأمتعة من القطارات النمساوية وتركيبها فأصبح بإمكان الزبائن توضيب أمتعتهم فيها. وفي الطابق السفلي، تم إنشاء مقهى مريح ومكتبة للترفيه أو المناسبات الاجتماعية.

عندما استيقظت، سمعت صوت المكنسة الكهربائية في الممر. كانت تواتا مونسارووا، كبيرة عمال التنظيف التي فرت من الشياشان الذي مزقته الحرب، في ماغداس منذ البداية.

 

588dd2d84.jpg
تواتا مونسارووا، كبيرة موظفي التنظيف، فرت من الشياشان الذي مزفته الحرب في عام 2004.

 

وتقول: "أنا هنا منذ البداية، عندما تم تحويل دار لرعاية المسنين إلى فندق. وساعدت في تفريغ الغرف وأعمال الإصلاح. كان الأمر ممتعاً للغاية. وكانت رفوف الأمتعة التي أُحضرت من القطارات سوداء اللون ومتسخة لكنني قمت بطلائها".

بدأت مونسارووا، التي كانت تصنع الحلويات في غروزني، حياة جديدة الآن. وتقول: "أعمل هنا خمسة أيام في الأسبوع. وأملك شقة. ويعمل أحد ابنيّ أما إبني الآخر فيذهب إلى المدرسة. الحياة تسير على ما يرام بالنسبة لي".

588dd2904.jpg
شيراحمد رازي، 32 عاماً، من أفغانستان، يقدم المساعدة في المطبخ.

في قاعة الفطور، يُريني شيراحمد رازي البالغ من العمر 32 عاماً من مقاطعة فارياب في أفغانستان، طاولةً مشمسةً بالقرب من النافذة. مضى ثمانية أعوام على وجوده في النمسا بعد سفره عبر إيران وتركيا والبلقان. في أفغانستان، كان يعمل كلحام.

يقول بأن العمل في الفندق تغيير كبير لكنه يستطيع العمل في أي مجال. وقبل أن يُمنح اللجوء، كان ينام في ساعات متأخرة وحالياً يبدأ عمله عند الساعة السادسة صباحاً. ويقول:"أحب التفاعل مع الزبائن وأنا سعيد لأنني أكسب لقمة العيش".

وفي وقت فراغه، يلعب كرة القدم والبليار ويتمشى على طول نهر الدانوب، لكنه يقول بأن الشعور بالقلق على الوضع في بلاده يصعب عليه الاستمتاع بالحياة التي يعيشها حالياً.

"في أفغانستان، والدتي مريضة ويعيش أهلي في منطقة [على الحدود مع تركمانستان] تدور الحرب حولها. وعندما لا يواجهون أي مشكلة، أكون مظمئناً، ولكن عندما يمرضون أشعر بالقلق".

تزوج من زوجته لينا قبل أن يغادر أفغانستان ولم يرها منذ ثمانية أعوام. ويأمل أن يحضرها لتنضم إليه في النمسا.

"لقد تعلمت اللغة الألمانية وما زلت أتابع الدروس. وربما في أحد الأيام، ستتاح لي الفرصة أن أكون طاهياً أو مديراً".

في قاعة الفطور، تناولت المويزلي بالفواكه الاستوائية والبيض المخفوق وسلطة الكسكس والخبز العربي والحمص وشربت قهوة فيينا القوية مع الحليب.

قام سيغون برينس البالغ من العمر 45 عاماً من بنين بتحضير الكسكس. إنه أحد الإفريقيين الثلاثة الذين يعملون في المطبخ، ويُعتبر أداؤه جيداً في عمله الجديد في الفندق.

ويقول: "في بنين، كنت خياطاً. كان عملاً جيداً لكنني أحب العمل في المطبخ أيضاً. وأنا أتعرف على زبائن من مختلف أنحاء العالم وأسألهم: "كيف مذاقه؟ هل استمتعتم بطعامكم؟"

غادر برينس بنين في عام 2002 وأتى إلى أوروبا عن طريق ليبيا، في رحلة عبور خطيرة عبر المتوسط. ويقول: "لم يكن هناك أمل في أفريقيا. وعندما بدأوا بإقامة الفندق هنا، دعونا نحن [اللاجئين] للمساعدة وحملت الأسرة والخزائن – كان أمراً حماسياً. تعلمت اللغة الألمانية وما زلت أتابع الدروس. وربما في أحد الأيام ستتاح لي الفرصة لأكون طاهياً أو مديراً".

عند مكتب الاستقبال، يقوم شريف، الذي يتكلم اللغتين الإنكليزية والألمانية فضلاً عن ثلاث لغات أفغانية، بالعديد من المهام. أتى إلى فيينا عندما كان في الرابعة عشرة، قبل أزمة اللاجئين.

وقال قبل أن يجيب على الهاتف: "كان والدي مسؤولاً في الحكومة الأفغانية تم نفيه، وكان هنا في الأصل. حلمت بأن أصبح طياراً أو أن أتلقى التدريب المهني في مجال تكنولوجيا المعلومات، ولكن بدأت العمل هنا ليلاً بدلاً من ذلك. وكان الأمر مملاً متعباً". وتوقف عن الكلام مرةً أخرى لتوجيه أحد الزوار إلى غرفته.

سلمت مفاتيحي فأعطاني فاتورتي.

"شكراً لاختيارك فندقنا سيدتي. نراك في المرة المقبلة التي تزورين فيها فيينا".