إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

قصة عزيمة: شغف الخياطة يحقق حلم لاجئة عراقية في تونس

قصص

قصة عزيمة: شغف الخياطة يحقق حلم لاجئة عراقية في تونس

من خلال مشروع مدرّ للدخل، تحاول اللاجئة العراقية نجاة* تخطي وضعها الاقتصادي والاجتماعي الصعب.
16 يناير 2017
58777bfd4.jpg
نجاة* في ورشة عملها تعرض بعضاً من منتجاتها.

 

الزهروني، تونس– في عشية يوم شتوي مشمس، تجلس نجاة* في ركن من أركان منزلها محاذية لآلة الخياطة ووسط مجموعة من الأقمشة والتصاميم المبعثرة التي تنتظرها.

أتقنت نجاة، والتي تخطت الخمسين من العمر، فنون الخياطة منذ صباها في العراق حيث اشتغلت مع أمها وأختها في ورشتهم الخاصة في بغداد قبل الحرب. شغفها بالخياطة يطغى على تفاصيل عملها وكل ما يتعلق بالأقمشة وخبايا الخياطة والزينة والتناسق في التصاميم ومراعاتها لأذواق الزبائن المختلفة.

وقد وفرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تونس وشريكها الهلال الأحمر التونسي الدعم لنجاة لاقتناء آلة خياطة خاصة بها في مرحلة أولى ومن ثم تمكنت عن طريق مشروع منظمة التنمية والإغاثة الأدفنتستية ’’أدرا’’، وهي إحدى أبرز شركاء المفوضية في تونس من حيث تشجيع مشاريع اللاجئين المدرة للدخل والتعويل على الذات من إطلاق مشروعها الخاص بها السنة الماضية واختيار مكان لورشتها.

وتقول نجاة التي خسرت عملها وأجبرت على مغادرة بلدها العراق سنة 2006 نظراً للضغوطات وتعرض زوجها للتهديد بالسجن: "وصلتني أخبار عن تهديدات بأن هناك من يريد اختطاف ابني محمد البالغ من العمر ثمان سنوات آنذاك لأن زوجي التونسي قد غادر المعتفل". وتضيف: "أنا أعرف بأنه في حال خطف ابني فإنه سوف يقتل، لذلك قررت المغادرة مع أطفالي الثلاثة إلى الأردن ومن ثم جئنا إلى تونس".

وتسترجع نجاة بتأثر بالغ ما عاشته في العراق حيث عانى زوجها من الاعتقال والتعذيب الجسدي وهو ما أدى الى تدهور حالته الصحيه.

وتقدر المفوضية بأنه منذ عام 2003، غادر العراق مليون عراقي على الأقل  فيما نزح مليون شخص آخرين داخل البلاد. وقد أدى الفراغ الأمني ​​الذي ميز العراق في مرحلة ما بعد الحرب حتى الآن إلى انهيار في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، ونقص في المستلزمات الطبية والوصول إلى مرافق العلاج، بالاضافة إلى ارتفاع في حالات الاختطاف والقتل.

58777e4d4.jpg
آلة الخياطة التي تكسب من خلالها نجاة* قوتها اليومي في منزلها.

وقد استقرت نجاة وعائلتها في تونس مؤقتاً حيث سجلت أطفالها في المدارس الحكومية وقد واجهوا صعوبات في التأقلم مع المحيط المدرسي ومع أقرانهم من الطلاب. فقد تعرض ابنها البكر محمد في البداية لمشاكل في الاندماج مع بقية الأطفال. كما أن أخته أسماء قاست تبعات الصدمة النفسية الحادة الناتجة عما شهدته في العراق فقد عانت من الكوابيس ومن بعض المشاكل الصحية. و تستذكر نجاة متحسرة: "شهدت ابنتي أسماء ما تعرض له والدها عند مداهمات الشرطة لمنزلنا في بغداد وهو ما زعزع نفسيتها وأثر عليها سلباً".

قبل أن تغادر العراق، كانت نجاة وعائلتها تعيش رغد العيش إلا أن الحرب والنزوح أنهكاها وزوجها مادياً إذ اضطرت لبيع كل ممتلكاتها ومقتنياتها لتستطيع سد رمق جوع أطفالها.

"الأيام تجري... أنا أحب مساعدة الناس فقد كنت في الأمس أساعد المحتاجين في العراق فالحمد لله على الصحة وعلى كل حال"

 

وبالرغم من عيشهم ويلات الحرب والنزوح، إلا أن أطفال نجاة متفوقون في نتائجهم الدراسية خاصة جمانة أصغرهم سناً والتي تتقن اللهجة التونسية والمتأقلمة تماماً مع حياتها في تونس.

ونظراً لظروفها الاجتماعية الصعبة ولتعرضها لعديد المظالم، التجأت نجاة للمفوضية حيث قدمت طلب لجوء حصلت من خلاله على وثيقة المفوضية سنة 2010. ولهذه الوثيقة أن تساعدها وتوفر لها الحماية القانونية الضرورية. ومن خلال شريك المفوضية الهلال الأحمر التونسي، تتمتع نجاة بميزة استرجاع المصاريف الطبية كما أنها تتلقى الدعم والمساعدة الاجتماعية والمعنوية.

وتعتبر سماح بن عمر، المسؤولة في قسم الحماية في الهلال الأحمر التونسي، أن حالة نجاة الاجتماعية صعبة لكنها تعمل باستمرار مع مسؤولي المفوضية على دعمها المعنوي والاجتماعي.

وترى نجاة أن فرصة العمل في مشروعها الخاص نعمة. وبالرغم من أنها غادرت الورشة نظراً لخلافات مع شريكتها، إلا أنها مصرة على العمل وتحقيق اكتفائها الذاتي والتعويل على نفسها  فهي تطمح لفتح مشروعها الخاص بها وتشجيع ابنتها على تحقيق حلمها بأن تصبح مصممة أزياء.

واليوم، تستضيف تونس ما يقارب الـ 700 شخص ممن هم بحاجة للحماية الدولية من 24 جنسية مختلفة منهم 29 لاجئاً وطالب لجوء عراقي.

*تم تغيير الاسم لأسباب تتعلق بالحماية