إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

"كهربائي" سوري يكرس وقته ومهاراته لفائدة الآخرين في اليونان

قصص

"كهربائي" سوري يكرس وقته ومهاراته لفائدة الآخرين في اليونان

يتطوع محمد ديب لتقديم خبرته لجعل كارا تيبي، وهو موقع للاجئين في جزيرة ليسفوس اليونانية، مكاناً أفضل للجميع.
23 مارس 2017 متوفر أيضاً باللغات:
58d3b472e.jpg
محمد (على اليمين) وشقيقه مفيد يأخذان استراحة من تمديد الأسلاك في المنازل الجاهزة في كارا تيبي.

 

منذ لحظة دخوله إلى كارا تيبي، وهو مرفق سكني للاجئين وطالبي اللجوء في جزيرة ليسفوس اليونانية، يسعى محمد ديب إلى جعله مكاناً أفضل.

حتى اليوم، وبعد أشهر على انتقاله وعائلته إلى شقة مجاورة، يزور أخصائي الكهرباء السوري الموقع يومياً لمساعدة المفوضية وشركائها في تحسين إقامة 900 شخص.

قال محمد البالغ من العمر 44 عاماً، وهو والد لأربعة أطفال من السبينة في جنوب دمشق: "خسرنا حياتنا ويجب أن نبدأ من جديد لنبني مستقبلاً جيداً. لا نريد الانتظار من دون أن نقوم بشيء ويتعين علينا أن نعمل ونكون فعالين في هذا العالم".

بدأ محمد العمل التطوعي في الصيف الماضي عندما رأى عمالاً يأخذون قياس الأرض. أخبروه أنهم كانوا يركبون الكابلات لتوفير الطاقة الشمسية في المخيم. وحرصاً منه على استخدام مهاراته، سألهم إن كان باستطاعته المساعدة.

أضاف: "قلت لهم، "حسناً، أنا أخصائي في الكهرباء، هل يمكنني المساعدة؟ يمكنني أن أبدأ اليوم". وفي معظم الأيام، عمل بجهد متطوعاً مع شقيقه مفيد، البالغ من العمر 34 عاماً، للمساعدة في مدّ الكابلات تحت الأرض أولاً ومن ثم لتثبيت الألواح الشمسية.

ومنذ يناير، يساعد محمد المفوضية في عملية أوسع نطاقاً لتقديم المساعدة إلى السلطات في تركيب منازل جاهزة في كارا تيبي. ويقدّم مع مفيد المساعدة في توصيل الوحدات الجديدة بالألواح الشمسية وفصل منازل اللاجئين الفارغة. وحتى اليوم، ركبت المفوضية 150 حاوية سكنية في موقع كارا تيبي الذي تديره البلدية، ويتوقع أن تركب 142 حاوية إضافية.

وقالت حورية خليل، وهي طالبة لجوء سورية وأم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 35 عاماً: "الوضع هنا أفضل لأولادي. وهناك مساحة أوسع من المأوى الآخر".

تعيش مع عائلتها في كارا تيبي منذ سبتمبر وقد انتقلت إلى أحد المنازل الجاهزة الجديدة منذ ثمانية أسابيع.

"لديّ الكثير من الأصدقاء هناك من جميع أنحاء العالم وأستطيع التحدث إلى العديد من الأشخاص والمساعدة في العمل والتعلّم".

وقد كان هذا التغيير مفيداً لابنتها البالغة من العمر سبعة أعوام والتي تعاني من الكوابيس والقلق بعد الويلات التي مرت بها مدينتها حلب التي مزقتها الحرب. وقالت: "أشكر الله لأننا بأمان. لكن أطفالي لا يزالون يخافون من التفجيرات، وأنا أشعر بالقلق عليهم".

منذ يناير، نقلت المفوضية أكثر من 1,000 شخص من موقع تديره الحكومة في موريا إلى مخيم كارا تيبي وإلى الشقق والفنادق. ويشمل هذا العدد جميع العائلات والأطفال غير المصحوبين ومعظم النساء العازبات. وتقوم المفوضية حالياً بنقل 130 امرأة أخرى من موريا، حيث يقمن في منطقة مخصصة لهن.

في كارا تيبي، يواصل محمد عمله. في أكتوبر، انتقل وعائلته من المرفق إلى شقة خاصة يديرها الشريك المحلي للمفوضية Iliaktida في مدينة ميتيليني المجاورة. ومع ذلك، كان حريصاً على مواصلة عمله التطوعي في الموقع.

قال: "أحب أن أكون في كارا تيبي". وأضاف باللغة الإنكليزية التي تعلمها من المتطوعين خلال السبعة أشهر التي أمضاها في المرفق: "اليوم، إن لم أذهب إلى هناك، أشتاق إلى المكان وأريد أن أذهب إليه يومياً، فلديّ فيه الكثير من الأصدقاء من جميع أنحاء العالم وأستطيع التحدث إلى العديد من الأشخاص والمساعدة في العمل والتعلّم".

وبالنسبة إلى ميسون، زوجة محمد، التي تعاني من ألم في الظهر والرقبة، يُعتبر الانتقال إلى الشقة تقدّماً كبيراً. وهي تشعر بالسعادة لأن العائلة بكاملها، بما في ذلك الأطفال الأربعة، قد منحوا صفة لاجئ وتأشيرة دخول إلى اليونان صالحة لثلاثة أعوام. وقالت ميسون البالغة من العمر 37 عاماً: "نحن بأمان حالياً لكنني ما زلت أشعر بالقلق إزاء مستقبل أولادي".

"هذا هو المكان المناسب لي وقد بدأت الآن حياة جديدة ومستقبل جديد بالنسبة لي ولزوجتي وأطفالي".

الفتاتان الأكبر سناً أليسار البالغة من العمر 9 أعوام وليمار وعمرها 7 أعوام، كبيرتان بما فيه الكفاية لتتذكرا الرحلة المروعة من سوريا إلى اليونان عبر تركيا في الربيع الماضي. وقال محمد بأنهم تعرضوا لإطلاق النار أثناء عبور الحدود واضطروا إلى النوم في العراء تحت المطر لليالٍ متتالية.

وقال محمد الذي دُمرت قريته خلال الصراع في سوريا: "قررنا المغادرنا لمصلحة الأطفال. ولا نستطيع العودة إلى مسقط رأسنا". وكانت العائلة تعتزم السفر إلى ألمانيا حيث يعيش شقيقا محمد وشقيقته. إلا أنهم عند الوصول إلى ليسفوس في أبريل من العام الماضي، سمعوا أن طرق غرب البلقان كانت مقفلة وقرروا عدم التقدم.

لم يؤثر ذلك على محمد الذي وصل إلى كارا تيبي وقرر تحسين محيطه. أولاً، علق أرجوحة على الشجرة لأطفاله. وبعد ذلك، حوّل الأرض الصخرية خارج مأواه إلى أرض خضراء ووفرت المنظمة غير الحكومية الهولندية،  Movement on the Ground، التراب والأدوات والبذور. وخلال فترة قصيرة، نبتت الفاصوليا الخضراء والكوسا والبصل والأعشاب والبطيخ في أرض كانت عارية.

قال محمد الذي كان لديه حديقة يهتم بها في سوريا: "أحب أن أراها تنمو كل يوم. فالذهاب إلى النوم وانتظار الغد لرؤية نمو الحديقة أمر مفيد للعقل. وكل يوم تشعر بالفضول لرؤية ما يحصل في الحديقة. وهذا الأمر يسعدني".

سعى محمد أيضاً إلى جعل كارا تيبي مكاناً أفضل للجميع. وخلال السبعة أشهر الذي عاشها هناك، أصبح قائداً مجتمعياً نوعاً ما، إذ أنه كان يجمع السكان معاً أسبوعياً خارج خيمته لمناقشة مخاوفهم بشأن مشغلي المأوى.

قال: "كنت أضع الطاولات والكراسي خارج مكان إقامتي وكان الناس يجلسون ويتحدثون معاً عن طرق لتحويل كارا تيبي إلى مكان أجمل".

حماسه لهذا العمل هو جزء مما يجعله يرغب في البقاء في الجزيرة لفترة طويلة. بدأت الفتاتان ليمار وأليسار بالذهاب إلى المدرسة وتتعلمان اللغة اليونانية بسرعة. وللزوجين ابنة أخرى تُدعى إليان تبلغ من العمر 5 أعوام وابن يُدعى براء يبلغ من العمر 3 أعوام.

يدرس محمد أيضاً اللغة ويأمل أن يجد قريباً عملاً مدفوع الأجر كعامل وسباك وكهربائي.

وقال: "نحن سعداء حالياً في الجزيرة. فالوضع آمن لزوجتي وأطفالي. ويمكنني الذهاب إلى العمل خلال النهار والعودة دون الشعور بالقلق عليهم. فهذا هو المكان المناسب لي وقد بدأت الآن حياة جديدة ومستقبل جديد بالنسبة لي ولزوجتي ولأطفالي".