إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

لاجئون يخاطرون بكل ما يملكون عبر المحيط الهندي

بيانات صحفية

لاجئون يخاطرون بكل ما يملكون عبر المحيط الهندي

تقول المفوضية إن دول المنطقة يجب أن تعزز الجهود لمعالجة مشكلة التحركات البحرية غير النظامية.
4 نوفمبر 2013 متوفر أيضاً باللغات:
5273679b6.jpg
طالب لجوء في مركز احتجاز المهاجرين في ميدان بإندونيسيا. وقد وصل العديد من المعتقلين بصورة غير نظامية عن طريق القوارب.

ميدان، إندونيسيا، 4 نوفمبر/تشرين الثاني (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - قصصهم مروعة: الفرار من الاضطهاد على متن قوارب مكتظة ليصبحوا عالقين في عرض البحر دون طعام أو ماء أو أمل للوصول إلى بر الأمان.

وتبعث أعدادهم على القلق، فمن يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز، سجلت أستراليا وصول ما يزيد عن 17,000 شخص إليها بصورة غير نظامية عبر البحر. إضافة إلى أن بعض التقارير تشير إلى أنه خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، غادر أكثر من 24,000 شخص على متن قوارب من خليج البنغال. ولا تستطيع المفوضية أن تتحقق من صحة ذلك الرقم نظراً لعدم وجودها في نقاط المغادرة. ويصعب الحصول على أرقام دقيقة نظراً للطابع السري لتلك التحركات غير النظامية، ولكن تقارير إعلامية مجمعة تشير إلى أن ما يزيد عن 400 شخص في المنطقة لقوا حتفهم أو أصبحوا في عداد المفقودين أثناء قيامهم بالرحلة حتى الآن خلال هذا العام.

إلا أنه من المتوقع أن يلحق بهم المزيد من الأشخاص وذلك مع هدوء الأمطار الموسمية عبر المحيط الهندي. لماذا يُقْدِمُون على تلك المخاطرة وما الذي يمكن فعله لمنع وقوع المزيد من المآسي في البحر؟

كان سيفا* محاسباً طموحاً في غرب سريلانكا اتخذ قراراً بمغادرة منزله بعد سنوات من التعرض للمضايقات والترهيب. فقد تعرض للاختطاف مرتين على يد مجهولين كانوا يتهمونه خطأً بأنه على صلة بحركة نمور التاميل المتمردة وطلبوا منه تسليم أسلحة لم تكون بحوزته. هرب إلى مدينة أخرى ولكنَّ خاطفيه واصلوا مضايقة والدته في الديار.

يقول سيفا البالغ من العمر 24 عاماً الذي ينتمي إلى التاميل العرقية: "ظننت أنني سأتعرض للقتل إن بقيت في البلاد، لذا قررت أن أغادر بالقارب. لم يكن يهمني إلى أين أذهب أردت فقط أن أُنقذ حياتي". لقد دفع لبعض المهربين أكثر من 2,200 دولار أمريكي مقابل رحلة بحرية تستغرق تسعة أيام إلى أستراليا حسب قولهم. ولكن الحال انتهى بـ "سيفا" و60 راكباً آخر إلى قضاء 47 يوماً في عرض البحر بعدما تعطل محرك القارب في منتصف الطريق.

ويتذكر "سيفا" قائلاً: "كان بحوزتنا طعام وماء يكفيان الخمسة عشر يومًا الأولى. ثم شربنا من مياه البحر وحاولنا أن نصطاد سمكاً. ومع ذلك لقى رجلان حتفهما وألقي بجثمانيهما إلى البحر. ويومًا ما مرت سفينة واصطدمت بنا ولكنها لم تتوقف لتقديم المساعدة. لم يُتوقع وصول أحد إلى الشاطئ، ظننا أننا سنموت جميعاً". وبعد مرور ما يقرب من سبعة أسابيع في البحر، عثر عليهم صيادون وأخذوهم إلى جزيرة سومطرة في إندونيسيا.

سلك عبدول*، البالغ من العمر 18 عاماً، مساراً مختلفاً لا يقل صعوبة. صارع عبدول الذي ينتمي إلى الروهينغا، وهو من ولاية راخين في ميانمار، من أجل البقاء كمزارع وصياد حيث لم يكن يُسمح له بالتحرك بحرية. ورغم العيش هناك على مدار أجيال، إلا أنه لا يتم الاعتراف بالروهينغا كمواطنين في ميانمار ويواجهون العديد من القيود في حياتهم اليومية. وقد تفاقمت تلك الصعاب في أعقاب اندلاع أعمال عنف طائفي في يونيو/حزيران 2012 قُتل فيها جد عبدول.

غادر عبدول وأخوه على متن قارب يحمل 129 شخصاً قبل عام من اندلاع العنف. يقول: "كنا نبحث عن أي بلد آمن، مكان يمكننا العيش فيه. خططنا للتوقف عند رؤية أول بر. رسونا في تايلاند، ألقى رجال يرتدون زياً رسمياً القبض علينا ودفعونا للرجوع إلى البحر".

ولكي يظلوا على قيد الحياة، اقتصد الركاب فيما تبقى إذ كانوا يشربون نصف كوب من الماء فقط في اليوم. وفي اليوم الثامن عشر من رحلتهم، عثر عليهم قارب صيد عابر وأطعمهم، ثم سحبهم إلى آتشيه في شمال إندونيسيا.

سيفا وعبدول كلاهما محتجزان الآن في مركز اعتقال المهاجرين بيلاوان الذي تديره الحكومة والذي يقع بالقرب من مدينة ميدان الإندونيسية. وقامت المفوضية بتسجيلهما وإجراء مقابلة معهما والاعتراف بهما كلاجئين. ومن المقرر أن يُطلق سراحهما قريباً ليقيما في الإسكان المجتمعي الذي تديره المنظمة الدولية للهجرة.

ورغم الصدمة التي مرَّا بها، إلا أن كلا الرجلين يقولان إنهما سيفعلان الأمر ذاته مجدداً. ويقول سيفا: "لست نادماً على المجيء لأن حياتي كانت في خطر في سيريلانكا أيضاً". فيما يكرر عبدول الكلام قائلاً: "لا أرغب في العودة إلى ميانمار، قد يصيبني طلق ناري".

ولاستشعار القلق بشأن الخسائر البشرية وما يحيط بتلك التحركات البحرية غير النظامية من معاناة، تناشد المفوضية لوضع نهج منسق لمعالجة المشكلة عن طريق تنفيذ إطار للتعاون الإقليمي كان قد تم إقراره للمرة الأولى بموجب عملية بالي بشأن تهريب البشر والاتجار بالأشخاص وما يتصل بذلك من جرائم عبر وطنية.

ويقول جيمس لينش، المنسق الإقليمي بالمفوضية لمنطقة شمال شرق آسيا: "يجب أن تتبنى البلدان المتضررة من تلك التحركات نهجاً شاملاً يعالج الأسباب الجذرية للتحركات البحرية غير النظامية ويعززه تنسيق قوي بشأن عملية البحث والإنقاذ في البحر، إلى جانب عمليات الاعتراض وإنزال الركاب وتقديم المساعدات وتحديد النتائج والحلول".

وأضاف قائلاً: "عن طريق الاتفاق مسبقاً على تحديد المسؤوليات عند وقوع حادث بحري وكيفية تقاسم الدول للمسؤولية عن تقديم الدعم وإيجاد الحلول بعد إنزال الركاب، يمكننا تقليل المخاطر التي تواجه الناس عندما يخرجون إلى البحر".

وفي إطار اجتماع المائدة المستديرة الإقليمي الذي عُقد حول هذا الموضوع والذي قامت المفوضية والحكومة الإندونيسية بتنظيمه في مارس/آذار، ناقشت وفود 14 دولة في المنطقة وما وراءها مقترحات تتضمن وضع مبادئ توجيهية إقليمية بشأن المعايير القانونية المتعلقة بإنزال الركاب والتخطيط للخيارات المطروحة في مرحلة ما بعد الإنزال من أجل ضمان حصول الدول المضيفة على الدعم بصورة ملائمة.

ولكي يتم تطبيق إطار التعاون الإقليمي بصورة عملية، يقول لينش: "يجب أن تقوم بلدان الأصل، على نحو عاجل، بمعالجة العوامل الأساسية التي تتسبب في مغادرة الأشخاص على متن قوارب المهربين، فيما يجب على بلدان الاستقبال تنسيق أوضاع بقاء القادمين عبر القوارب لضمان حصولهم على المساعدات والحماية أينما كانوا قبل حدوث عواقب".

ويبدو الحل بسيطاً أمام سيفا، إذ يقول هذا اللاجئ السيريلانكي: "أهدرت 24 عاماً من حياتي بسبب المشكلات في بلدي، أرغب في الدراسة إذا ما أتيحت لي الفرصة. يجب أن أظل على قيد الحياة وأن أعيش بسلام".

*تم تغيير الأسماء لأسباب تتعلق بالحماية

بقلم فيفيان تان، ميدان- إندونيسيا