إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

المفوض السامي يدين العنف الذي "يفوق الوصف" في بوركينا فاسو

قصص

المفوض السامي يدين العنف الذي "يفوق الوصف" في بوركينا فاسو

أثناء زيارته للنازحين داخلياً في بوركينا فاسو، غراندي يدعو لدعم عاجل لمنطقة الساحل.
5 فبراير 2020 متوفر أيضاً باللغات:

عندما اقتحم رجال مسلحون منزلها في شمال بوركينا فاسو وفتحوا النار، وقفت ريناتا باغينيا لتشاهد الرجال وهم يطلقون النار على عشرة من أفراد أسرتها. وعندما غادر المتسللون، دفنت ريناتا موتاها، ثم حاولت النوم. وعندما جاء الصباح، أخذت أطفالها الخمسة ولاذت بالفرار.


تقول ريناتا: "أكثر من يتأثر بشدة هن النساء، إذ يجزعن لسماع أضعف الأصوات وتطاردهن الكوابيس ... وقد قتل أزواجهن أمام أعينهن ثم تعرضن للاغتصاب".

فر مئات الآلاف من الأشخاص مثل ريناتا وانتهى بهم المطاف هنا، على بعد 100 كيلومتر إلى الشمال من عاصمة البلاد، واغادوغو، حيث حصلوا على مأوى من أقرانهم البوركينيين. وقد وجدت ريناتا مأوى لها في منزل أحد القادة المجتمعيين، إلى جانب 560 آخرين يمثلون ستة مجتمعات عرقية مختلفة، في وقت يأتي فيه المزيد من النازحين كل يوم.

تواجه بوركينا فاسو، والتي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة والواقعة في غرب إفريقيا، أزمة إنسانية هائلة حيث يفر مئات الآلاف من مواطنيها من العنف الذي يرتكبه متطرفون مسلحون. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة والقوات الدولية، فإن العنف ما زال في تصاعد.

"حالة الطوارئ هنا... وهنا يجب أن نتدخل قبل أن يصبح من الصعب السيطرة على هذه الأزمة"

هناك أكثر من نصف مليون شخص من النازحين داخلياً، حيث فروا من المناطق الشمالية والشرقية من البلاد إلى المقاطعات المجاورة. ويواجه مضيفوهم من المواطنين حالة من الفقر وضعفاً في الخدمات الصحية والمدرسية، إضافة إلى الجفاف والأراضي القاحلة بفعل ارتفاع درجات الحرارة الأمر الذي يضعف سبل كسب الرزق.

يواجه المضيفون أيضاً احتمال وقوع أعمال عنف في قراهم، ومجتمعاتهم على حافة الانهيار، كما يقولون. ومع ذلك، يواصلون تقاسم كل ما لديهم.

وقال يوبي ساوادوغو، مستشار رئيس بلدية كايا للمفوضية: "لقد انقلبت حياتنا رأساً على عقب. لكن لا يمكننا إبعادهم، ماذا سنفعل؟ هل نطلب منهم المغادرة ليعودوا ويتعرضوا للقتل؟".

هناك حوالي 600,000 نازح داخلي في بوركينا فاسو، بزيادة قدرها 1,200 في المائة عن العام الماضي. وقد فر حوالي 300,000 شخص في الأشهر الأربعة الماضية وحدها بعد تصاعد أعمال العنف.

هذا الأسبوع، قتلت مجموعة مجهولة من الرجال 20 مدنياً في هجوم على قرية لامدامول في مقاطعة سينو الشمالية. وقد جاء ذلك بعد أسبوع واحد من وقوع هجوم آخر على أحد الأسواق في مقاطعة سوم والذي خلف 39 قتيلاً.

يعيش حوالي 90% من النازحين داخلياً في بوركينا فاسو مع أسر مضيفة. وتوفر المفوضية المأوى ومواد الإغاثة الأساسية، بعد أن فرت غالبية النازحين خالي الوفاض. لكن المفوضية لا تزال تواجه معوقات بسبب التهديدات الأمنية المتزايدة لموظفيها من الجماعات المسلحة - مما يجعل من المستحيل تقديم الخدمات لبعض المحتاجين، بما في ذلك بعض اللاجئين الماليين البالغ عددهم 26,000 لاجئ والذين تستضيفهم بوركينا فاسو منذ عام 2012.

وتشكل الموارد تحدياً آخر، حيث أنه مع نهاية عام 2019، تلقت المفوضية أقل من 70% (بعجز قدره 30.5 مليون دولار أمريكي) من التمويل اللازم للتصدي للوضع في بوركينا فاسو، وهي أحد أفقر بلدان العالم.

خلال المحطة الأخيرة له في بوركينا فاسو ضمن جولة شملت ثلاث دول في منطقة الساحل، تحدث المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، مع نساء وأطفال ممن رأوا أزواجهن وآبائهم وأبنائهم وهم يقتلون أمام أعينهم لرفضهم القتال إلى جانب الجماعات المسلحة. لم يتوقف عنف الإرهابيين عند عمليات القتل، إذ بقي الكثيرون منهم لفترة طويلة لتدمير المنازل والمدارس ونهب المزارع أو اغتصاب النساء والفتيات.

وقال غراندي: "إننا ننظر دائماً إلى الساحل، ونفكر في الإرهاب ... نفكر فيما يهدد أوروبا من الناحية النظرية. لكن المشكلة الحقيقية هنا. حالة الطوارئ هنا. الناس يعانون هنا، ويتعرضون للقتل، وتتعرض النساء للاغتصاب، والأطفال الصغار لا يمكنهم الذهاب إلى المدرسة. وهنا يجب أن نتدخل قبل أن يصبح من الصعب السيطرة على هذه الأزمة".

واختتم غراندي يوم الثلاثاء زيارته إلى منطقة الساحل، حيث زار خلالها النيجر وموريتانيا لتقييم تأثير النزوح الجماعي على البلدان المضيفة. في موريتانيا، استمع غراندي لبعض اللاجئين الماليين المقيمين في البلاد والبالغ عددهم حوالي 60 ألف شخص، حيث قالوا بأنه لا مجال للعودة نظراً لأن الصراع في مالي مستمر في الاشتعال.

"فروا من أفظع أعمال العنف التي سمعت عنها"

اندلعت أعمال العنف في منطقة الساحل - وهي منطقة تضم مساحات شاسعة من البلدان الواقعة جنوب الصحراء - بعد ثورة عام 2011 في ليبيا وانتفاضة مالي عام 2012 والتي سيطر خلالها تحالف من المقاتلين المسلحين على أجزاء كبيرة من مالي. وقد تحركت الجماعات الإرهابية، وكذلك الجماعات الإجرامية المنظمة والعصابات العادية، عبر الحدود مستغلة التوترات العرقية والفقر وضعف الحوكمة لترويع السكان المحليين.

وقال غراندي وهو يقف وسط حشد هائل من مئات النازحين: "لقد فروا من أفظع أعمال العنف التي سمعت عنها. لقد صدمت من جراء العنف ومن مدى احتياجاتهم الإنسانية".