إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

طاهٍ سوري يعرض أطباق بلاده خلال أسبوع الموضة في باريس

قصص

طاهٍ سوري يعرض أطباق بلاده خلال أسبوع الموضة في باريس

دفعت الحرب الطاهي محمد الخالدي إلى الفرار مع عائلته إلى فرنسا حيث تلقى أطباقه الشرق أوسطية إعجاب الباريسيين.
22 مارس 2017 متوفر أيضاً باللغات:
58e5e1154.jpg
الطاهي السوري محمد الخالدي يعدّ الطعام في قصر بلدية باريس في 20 يونيو 2016 بمناسبة يوم اللاجئ العالمي.

كانت نكهات وألوان المطبخ الشرق أوسطي حاضرة على قائمة الطعام في عرض كينزو خلال أسبوع الموضة الأخير في باريس، وذلك بفضل الطاهي السوري محمد الخالدي، البالغ من العمر 36 عاماً، والذي قدم في السابق برامج تلفزيونية لتعليم الطبخ، وقد لجأ إلى فرنسا منذ فترة قصيرة

استمتعت نخبة عالم الأزياء لدى حضور عرض الملابس الجاهزة لهذا العام في دار الأزياء الشهير بأطباق خاصة كالبابا غنوج والفتوش والكبة والبقلاوة. 

شكل هذا الحدث مؤخراً فرصة لعرض مهارات رجل كان ناجحاً ومعروفاً في بلده الأم قبل أن تدفعه الحرب مع عائلته للفرار إلى شواطئ أكثر أماناً. 

في يونيو الماضي، طها محمد مع الطاهي الفرنسي ستيفان جيغو في مهرجان المأكولات المسمى بـ "Refugee Food Festival" والذي أُقيم في العاصمة الفرنسية. ابتكر الاثنان أسلوباً جديداً في الطهي يجمع الوصفات الفرنسية والسورية في مطعم L’Ami Jean الواقع على الضفة اليسرى، والذي يملكه جيغو ويتولى الطهي فيه. 

كان دور أزياء كينزو قد سمع عن محمد واتصل بالمسؤولين في مهرجان "Refugee Food Festival". وتم اختياره للطهي في عرض الأزياء بعد منافسة مع طاهٍ آخر. 

58e5ea114.jpg
فريق الطاهي السوري ومقدم برامج الطهي سابقاً محمد الخالدي يحضّر أطباقاً تشمل أطعمة من الشرق الأوسط لعرض كينزو في باريس.

وقد طهى أيضاً في حفلات استقبال في متحف قصر طوكيو وفي بلدية باريس خلال حدث حضرته آن هيدالغو، عمدة باريس. 

حياته الحالية تختلف عن حياته منذ بضعة أعوام، عندما كان يملك مجموعة من المطاعم ويقدم برامج لتعليم الطهي على التلفزيون في سوريا ودبي. اشترى منزلاً لعائلته في عام 2011 وكان قادراً على دفع تكاليف تعليم أبنائه الثلاثة. وكان يعيش مع زوجته ضُحى، وهي معلّمة، حياةً عائليةً سعيدةً.   

بعد ذلك، اندلع الصراع في سوريا في عام 2011، وانقلب عالمه رأساً على عقب. وقال محمد: "بدأنا نسمع قصصاً خطيرةً ورأينا أشخاصاً يموتون وينتقلون من منازلهم". 

"اعتقدنا أننا سنعود. واعتقدنا أن الأمر لن يدوم إلا لأيام قليلة وربما أشهر". 

ومع فرار المئات ثم الملايين، انضموا إلى غيرهم. لم يأخذوا معهم إلا بعض الملابس والممتلكات الشخصية ومبلغ محدود من النقد، بقيمة 400 دولار، سُمح لهم أن يسحبوه من المصرف وغادروا إلى لبنان. كانا متأكدين من أنهما سيعودان قريباً وكان ابنهما الأصغر آدم يبلغ من العمر ثلاثة أشهر فقط. 

وقال محمد: "أخذنا حقيبة والمجوهرات التي كنت قد اشتريتها لزوجتي. اعتقدنا أننا سنعود وأن الأمر لن يدوم إلا لأيام قليلة وربما أشهر". لكنهم لم يدركوا في ذلك الحين أنها بداية رحلتهم في الغربة. 

ذهب محمد لوحده ليحاول افتتاح مطعم معتقداً أنه سيكون بأمان في مصر. وبعد فترة من انفصاله عن عائلته لتأسيس عمل له، انضمت العائلة إليه، لكنه قرر وضُحى البدء من جديد في أوروبا بعد أن أحبطت مجموعة من المشاكل مشروعه لافتتاح مطعم. 

58e5ea354.jpg
نادلة تضع الأطباق على الطاولة في عرض كينزو بعد الحفل الذي أعد له محمد الخالدي مجموعة من الأطباق الشرق أوسطية.

وبعد رحلة قاسية استمرت 12 يوماً على متن قارب مكتظ متوجه من الاسكندرية إلى إيطاليا، تم إنقاذهم بفضل عملية "بحرنا" للبحث والإنقاذ التي أطلقتها الحكومة الإيطالية. 

وقال محمد: "كنت أبحث عن الأمان لأطفالي الذين كانوا يطرحون العديد من الأسئلة. كان آدم يطلب مني تفاحة. وفي كل مرة كان يطلب مني ذلك، كنت أبدأ بالبكاء. وكنت أبكي كل ليلة، لكن زوجتى ضُحى، وهي صديقة عمري، كانت إلى جانبي ودعمتني." 

وأشاد بالترحيب الذي لقيه في إيطاليا. "بدونا كالمشردين وكنا مشردين بالفعل. وقدّم العديد من الأشخاص المساعدة لنا. أعطاني رجل مسن الطعام. وفي الحقيبة، كان هناك تفاحة أعطيتها لآدم". 

وأخيراً، وصلوا إلى فرنسا، حيث منحوا صفة لاجئ في عام 2015.

"كنت أحلم بالعمل في باريس. فهو بلد الخدمات والمطبخ والعاصمة المعروفة بالضيافة والأزياء والطعام وفن تذوق الطعام. فإذا ذكرت باريس على سيرتك الذاتية، إذاً أنت محترف. هذا ما نقوله في البلدان العربية". 

تم إيواؤهم في أحد مراكز الاستقبال في سافيني- سور- أورج في ضواحي باريس، حيث انتظروا منحهم صفة اللجوء. أعطى محمد صفوفاً في الطهي لكارول، المساعدة الاجتماعية المكلفة بقضيته. "علّمتني اللغة الفرنسية وعلمتها الطهي". 

أخبرته كارول عن مشروع منظمة تدعى "الطهاة المهاجرون" ("the migrant chefs") أنشأها رجلا أعمال فرنسيان وهما لويس جاكو وسيباستيان برونيه وحاولا من خلالها تغيير نظرة سكان باريس إلى المهاجرين من خلال تعريف الفرنسيين على أفضل المأكولات في بلد القادمين الجدد. 

بحث الرجلان عن الطهاة المتدربين بين آلاف الأشخاص الذين منحوا اللجوء في فرنسا، ثم شكلا مجموعة صغيرة لإنشاء شركة توريد طعام متخصصة في المطابخ الأقل شهرة. 

"سوريا هي حبي وأمي وزوجتي. لا أجد الكلمات التي تعبّر عما تعني لي سوريا، لكن اليوم، لا يمكننا العودة". 

قدمت المجموعة معظم الطهاة الذين شاركوا في مهرجان "Refugee Food Festival"، بما في ذلك محمد الذي كان أوّل الذين انضموا إلى المشروع. فتح 11 مطعماً في باريس مطابخه أمام الطهاة المشاركين في الحدث من سوريا وسريلانكا والشيشان وإيران والهند. 

وقال محمد: "إن أكثر ما أحبه في الطهي هو ردة الفعل الأولى، عندما أرى رضا المتذوقين". 

يتحدث أطفاله –آدم، 6 أعوام، وعمر، 13 عاماً، وزياد، 10 أعوام- الفرنسية بطلاقة ويذهبون إلى المدرسة في باريس. وتأمل ضُحى، البالغة من العمر 36 عاماً، أن تعود إلى التعليم. حصلت والدة محمد، التي لم يرها منذ أربعة أعوام، على تأشيرة الدخول وانضمت إليهم منذ بضعة أسابيع، ولم شمل العائلة مرة أخرى. 

58e5ea824.jpg
الطاهي السوري ومقدم برامج الطهي سابقاً محمد الخالدي، 36 عاماً، يستقبل والدته لأول مرة بعد أربعة أعوام في قاعة الوصول في مطار شارل ديغول.

يقول محمد بأنه يريد تعلّم قدر المستطاع عن فرنسا وأن يشارك أيضاً ثقافته ويستخدم موهبته "للعيش بوئام مع الأشخاص الذين رحبوا" بهم. 

ومع ذلك، لا يزال محمد يحلم في العودة إلى سوريا. 

"سوريا هي حبي وأمي وزوجتي. لا أجد الكلمات التي تعبّر عما تعني لي سوريا، لكن اليوم، لا يمكننا العودة".