إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

مفوضية اللاجئين تدعم النازحين العائدين في سوريا في تأمين متطلبات أسرهم

قصص

مفوضية اللاجئين تدعم النازحين العائدين في سوريا في تأمين متطلبات أسرهم

اضطرت نورة إلى صرف كل مدخراتها على المهربين حتى تتمكن من الفرار من مدينة الميادين عبر مدن وقرى مختلفة حتى وصلت مع أسرتها إلى حمص.
26 نوفمبر 2018
5bbb181d4.jpg
تعمل نورة على ماكينة الخياطة التي قدمتها المفوضية في منزلها المدمر جزئياً في حمص.

تنحني نورة خلف ماكينة الخياطة مُنكبةً على الحياكة، بينما تجلس ابنتها الصغرى حَلا ذات العشرة أشهر على الأرض تحت الماكينة إلى جانب قدمي أُمِّها. تسدُّ حلا أذنيها بيديها الصغيرتين لتحمي نفسها من وطأة الضجيج المزعج. تحتار نورة بين أن توقف العمل وتحمل طفلتها لتهدأ من روعها، أو تتجاهل بكاءها وتركز على إنهاء حياكة آخر قطعة من طلبية التزمت بتنفيذها.

ترزح نورة، ذات الثلاثين عاماً، تحت وابل من الضغوط الكبيرة. فبعد رحلة نزوح استمرت لأكثر من خمس سنوات متواصلة، عادت برفقة زوجها وأطفالها السبعة إلى منزلها الواقع في أحد الأحياء بمدينة حمص، طامحة ببعض السكينة والاستقرار في منزلها، أو ما تبقى من منزلها الذي احترق خلال الحرب، وبات دون أبواب وشبابيك، أو حتى أثاث.

تقول نورة: "عُدت إلى منزلي فوجدت بعضه محترقاً والبعض الآخر قد تضرر كثيراً. البيت الآن بحاجة إلى الكثير من الإصلاحات كتركيب أبواب وشبابيك، وإمدادات الكهرباء، ولكن لشدة الحاجة فقد اعتبرناه صالحاً للسكن".

تشعر الأسرة بالارتياح لقرار العودة، ولكنها منهكة لكثرة الأعباء الملقاة على عاتقها، فيما تحاول نورة تلبية احتياجات أطفالها الصغار، من طعام ولباس، وكيفية تدبير المال اللازم لترميم المنزل. آثار سنوات الحرب في الحيّ واضحة، حيث يمكن للمرء أن يلحظ الحفر والأخاديد التي أحدثتها القنابل والطلقات النارية في جدران الأبنية الإسمنتية. حتى في وضح النهار، يخيم الظلام على معظم أنحاء منزل العائلة من الداخل. وحين عادت، وجدت فتحات النوافذ قد سُدت بحجارة إسمنتية، ليحرم الأطفال من التهوية وضوء الشمس.

"دفعنا كل المال الذي كان بحوزتنا لهم"

يفاقم انقطاع المياه من معاناة نورة. ومنذ الصباح الباكر، تنتظر وصول المياه إلى الصنبور الوحيد المتبقي في المطبخ لتملأ بعض الغالونات بالمياه، ولتتمكن من غسل ملابس أطفالها المكدسة منذ أسبوع. ومما زاد الطين بلة، انقطاع خطوط التيار الكهربائي.
اضطرت نورة إلى صرف كل مدخراتها على المهربين حتى تتمكن من الفرار من مدينة الميادين عبر مدن وقرى مختلفة حتى وصلت مع أسرتها إلى حمص. تقول: "دفعنا كل المال الذي كان بحوزتنا لهم."

رغم كل التحديات، تصرّ نورة على مساعدة زوجها الذي يعمل في نقل الخضروات في سوق المدينة من أجل تحسين ظروف حياة أسرتها وتوفير التعليم لأبنائها. فبعد عودتها إلى منزلها، زارت مركزاً للهلال الأحمر في المنطقة، وحصلت على بطانيات وفرشات وحصائر وفرتها مفوضية اللاجئين للهلال الأحمر لمساعدة أهالي الحيّ. 

إضافة إلى ذلك، طلبت نورة من الهلال الأحمر ومفوضية اللاجئين الحصول على ماكينة خياطة ومكواة، وطاولة للكي، وعدة لأدوات الخياطة، الأمر الذي مكنها من البدء بالعمل في مجال الحياكة، وأصبحت هذه المساعدة البسيطة هي عُدّة الشغل بالنسبة لها لجني بعض المال. لكنه دخل قليل، وهي ما زالت مُضطرة لأن تخبز الخبز في منزلها لتوفر بعض المال، ولأن تغسل الملابس بيديها، فليس بمقدورها شراء غسالة.

يقول سجاد مالك، ممثل مفوضية اللاجئين في سوريا: "أدت الأزمة في سوريا إلى فقدان الأفراد والأسر لمصادر رزقهم ودخلهم، وباتوا غير قادرين على تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية. وبالرغم من الجهود المبذولة كافة في مجال المساعدات الإنسانية، إلا أن الاحتياجات الضخمة بقيت إلى حد كبير غير مُلباة، لذلك انخرطت مفوضية اللاجئين في تأمين أشكال مختلفة من الدعم، ومنها دعم برامج سُبل كسب العيش لضمان حصول الناس على فرص لكسب الرزق تساعدهم في توفير احتياجاتهم واحتياجات أسرهم، مما يقلل من هشاشة هذه المجتمعات ويعزز مقدراتها".

أكبر أطفالها السبعة هي ضحى ذات التسع سنوات، وتتمنى نورة أن يتحقق الاستقرار ليتمكن صغارها من الالتحاق بالمدرسة وتعويض ما فاتهم، وتقول: "آمل في أن يتمكن أطفالي من استكمال تعليمهم، فخلال تواجدنا في مدينة الميادين حالت الظروف دون التحاقهم بالمدرسة".

بلغ الدمار الذي لحق بمدينة حمص وريفها حجما كبيراً، وتبقى إعادة البناء وترميم ما تهدم عملية تستغرق وقتاً طويلاً. وإلى أن يحدث ذلك، تبقى احتياجات الآلاف من السكان سواء من النازحين أو العائدين أو الذين بقوا في مناطقهم في حمص وفي كل أنحاء سوريا بحاجة إلى الكثير من الدعم والجهد. تحاول مفوضية اللاجئين وشركاؤها المحليون جاهدين توفير بعض المساعدات الأساسية للتقليل من معاناة المتضررين وهم يسعون لاستعادة حياتهم وتوفير بعض الاسقرار لأبنائهم.

وفي هذا الخصوص، يشير مالك إلى أن "دعم المفوضية يتمثل من خلال برامج سُبل كسب العيش بالتأهيل المهني لاكتساب مهارات في مهن مختلفة كالحياكة والنجارة والحدادة، وتوفير التدريب في مجال إدارة المشاريع الصغيرة، وكيفية احتساب الربح وإدارة رأس مال المشروع، بالإضافة إلى توفير المنح والمعدات المهنية التي تستخدم في كسب الرزق".

بعد مرور أكثر من سبع سنوات على الأزمة في سوريا، لا يزال هناك ما يفوق الستة ملايين شخص في عداد النازحين داخل البلاد، و13 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، من بينهم نورة التي هي واحدة من بين ملايين السوريين الذين هم بحاجة إلى مد يد العون.

ومع قدوم فصل الشِّتاء، تتأمل نورة في كيفية تدبر أمر أسرتها، وتقول: "لا يوجد لدينا مدفأة أو وقود لتدفئة المنزل، ولا حتى بطانيات كافية لجميع أفراد الأسرة، وفي الشِّتاء الماضي وضعنا الفرشات إلى جانب الجدران، وأشعلنا بعض الخشب وورق الكرتون لنحصل على القليل من الدفء."

تعمل المفوضية حالياً على تجهيز خطة استجابتها لفصل الشِّتاء لتلبية احتياجات حوالي مليون شخص من السكان العائدين والنازحين وتزويدهم بمواد الإغاثة الشتوية، فضلاً عن برامجها المختلفة في توفير الإيواء والحماية ومواد الإغاثة. وفي أوائل شهر سبتمبر/أيلول ناشدت المفوضية من أجل توفير مبلغ 73 مليون دولار أميركي للمساعدة في تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً داخل سوريا. اليوم، تقول نورة بأنها تتمنى أن توفر بعض الدفئ لأطفالها الصغار، فهم الحلقة الأضعف في مواجهة فصل الشّتاء، ولكن في ظل ظروف المعيشة القاسية، وسوء أوضاع السكن، وضيق ذات اليد تبقى احتياجاتها كبيرة.