إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

الفيضانات الكارثية في باكستان تتسبب في تشريد اللاجئين والسكان المحليين

قصص

الفيضانات الكارثية في باكستان تتسبب في تشريد اللاجئين والسكان المحليين

اللاجئون الأفغان هم من بين 33 مليون شخص في باكستان ممن تضرروا بفعل السيول والفيضانات.
2 سبتمبر 2022 متوفر أيضاً باللغات:
6311ae3b2.jpg
لم يكن أمام بهادور خان وعائلته سوى دقائق فقط للفرار من منزلهم في مقاطعة خيبر بختونخوا شمال غرب باكستان قبل أن تجرف الفيضانات المنزل.

"كانت ليلة لا تُنسى حيث غمرت المياه منزلنا في غضون دقائق. لم يكن لدينا خيار آخر سوى المغادرة في الحال". بهذه الكلمات يلخص بهادور خان، وهو واحد من أكثر من 2,000 لاجئ أفغاني ممن يعيشون في قرية خيشجي للاجئين في شمال غرب مقاطعة خيبر بختونخوا في باكستان، ما حصل في تلك المنطقة جراء الفيضانات.

نجا بهادور وعائلته من الأمطار الغزيرة الناجمة عن الرياح الموسمية السنوية في باكستان منذ بدايتها في شهر يونيو، لكنه لم يكن جاهزاً لمواجهة الفيضان الدراماتيكي لنهر كابول يوم السبت الماضي. اخترقت المياه جسراً قريباً في الساعات الأولى من الصباح ولم يكن أمامه سوى 10 دقائق لإجلاء عائلته إلى منطقة مرتفعة وآمنة قبل أن ينجرف منزله. إنها المرة الثالثة التي يتعرض فيها هذا الجد البالغ من العمر 60 عاماً للنزوح من منزله.

وقال: "اضطررنا للفرار من أفغانستان عندما اندلعت الحرب الأهلية في أوائل التسعينيات، ثم كان علي التحرك مرة أخرى عندما تعرض منزلي بالكامل للدمار بعدما جرفته الفيضانات في عام 2010".

عانت باكستان من فيضانات منتظمة في الماضي، لكن فيضانات هذا العام كانت على نطاق مختلف لتقترب من السيول الكارثية التي وقعت عام 2010 والتي خلفت ما يقرب من 2,000 قتيل. تسببت الفيضانات الموسمية هذا العام في مصرع أكثر من 1,100 شخص حتى الآن، بينما تضرر حوالي 33 مليون شخص من الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة التي بات على إثرها 6.4 مليون شخص بحاجة إلى المأوى والغذاء والضروريات الأخرى.

تستضيف باكستان 1.3 مليون لاجئ أفغاني، يعيش أكثر من 421,000 منهم في المناطق الأكثر تضرراً. وقد جاء العديد من الأشخاص الآخرين إلى البلاد للحصول على الرعاية الطبية أو للدراسة وبغرض العمل أو التماس الأمان مؤقتاً أو الانتقال إلى بلد آخر.

يتحدر بهادور من مقاطعة كونار في أفغانستان، ويكسب عيشه من رعي الماشية وهو من الوجهاء في مجتمعه. يساوره القلق بشأن المستقبل، وخاصة تعليم أبنائه الأحد عشر.

جلبت الفيضانات معها هموماً أكثر إلحاحاً، وهو يعيش في الوقت الحالي بالقرب من قريته التي جرفت المياه جزءًا منها. يقول: "عندما غادرنا منازلنا، ذهبنا إلى الأماكن المرتفعة القريبة حيث أمضينا الليل في العراء". في صباح اليوم التالي، تمكن موظفو المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من الوصول إليه وقدموا له خيمة يأوي فيها مع عائلته.

يقول بهادور: "لقد سعدنا بحصولنا على الخيمة والمأوى والناموسية، لكن هناك الكثير من المشاكل الأخرى التي نواجهها هنا. نحن ننام على الأرض وليس لدينا مياه شرب نظيفة أو مرافق طبية، ولا نستطيع الحصول على الطعام بشكل يومي، ونصارع من أجل إطعام أسرنا. نحن بحاجة للطعام لكي نعيش.. وبحاجة أيضاً إلى الطعام لماشيتنا".

لا تميز الآثار الناجمة عن تغير المناخ بين المواطنين واللاجئين. ففي جميع أنحاء باكستان، هناك قصص لا حصر لها لأشخاص انقلبت حياتهم رأساً على عقب بسبب الفيضانات الكارثية خلال الأسابيع الأخيرة.

على بعد بضع مئات من الأمتار فقط من قرية بهادور التي يعيش فيها اللاجئون، تقع المجتمعات الباكستانية المحلية المنكوبة، من ضمنهم سليم خان، وهو مزارع يبلغ من العمر 25 عاماً.

جاءت مياه الفيضان في جوف الليل، وتدفقت داخل منزله في الثالثة صباحاً. ويستذكر سليم، قائلاً: "كنا خائفين جداً. لم نشهد مثل تلك الليلة المرعبة. بدأنا نتساءل كيف يمكننا عبور تلك المياه، لكن والدي هدأ من روعنا، وقال لنا ’لا تخافو’. ثم بدأنا بالانتقال إلى أرض مرتفعة. تركنا كل شيء وراءنا.. وقد تضررت غرفنا بالكامل".

وفر فريق المفوضية مواد المأوى للنازحين في صفوف المواطنين. يقول سليم: "لكننا بحاجة إلى مصابيح ومراوح تعمل بالطاقة الشمسية. ليس لدينا سرير وأنا قلق لأن هناك ثعابين. وليس لدينا طعام نتناوله".

يقول سليم إن محاصيل قصب السكر والذرة - والتي هي بمثابة المصدر الوحيد للدخل – تعرضت للتلف بسبب الفيضانات، مما أدى إلى حرمانه من 600,000 إلى 700,000 روبية (3,000 دولار أمريكي) والتي كان سيكسبها في عام واحد، حتى مع ارتفاع التكاليف الجديدة. والآن بعد أن تضرر منزلنا، يتعين علينا إعادة البناء، وسوف يكون من الصعب العيش لفترة طويلة في هذه الخيمة".

يعيش الآن كل من المواطن سليم واللاجئ باهادور في نفس الموقع ويقاسيان نفس المصاعب.

باشرت حكومة باكستان جهود استجابتها وناشدت الحصول على دعم دولي مع استمرار الفيضانات في اجتياح أجزاء كثيرة من البلاد. ووفقاً للأرقام الحكومية، فقد تعرض أكثر من 287 ألف منزل للدمار، وتضرر 662 ألف منزل آخر، ونفقت 735 ألف رأس من الماشية، وغمرت المياه مليوني فدان من المحاصيل. كما لحقت أضرار ملحوظة بالبنية التحتية للاتصالات.

قدمت المفوضية حتى الآن 10,000 خيمة وآلافاً من مواد الإغاثة الأخرى مثل القماش المشمع ومواد النظافة الشخصية ومواقد الطهي والبطانيات والمصابيح الشمسية وحصائر النوم. كما تم توزيع آلاف الأكياس لمساعدة الأسر على بناء سواتر دفاعية من الرمل حول منازلهم. كما يجري تقديم المساعدة للمجتمعات المضيفة وكذلك القرى التي يقطن فيها اللاجئون.

لكن هناك حاجة إلى المزيد. وكجزء من الاستجابة المنسقة جنباً إلى جنب مع اللجنة الوطنية الباكستانية لإدارة الكوارث ووكالات الإغاثة الأخرى، تقدم المفوضية منذ شهر يوليو مواد الإغاثة الطارئة في المناطق الغربية الأكثر تضرراً في مقاطعتي بلوشستان وخيبر باكتونخوا، وذلك من مخزونها الحالي المخصص للاجئين الأفغان والمجتمعات المضيفة. كما يتم تقديم الدعم إلى إقليم السند مع تزايد حجم الاحتياجات هناك.

وقال خيرت أحمدشويف، رئيس المكتب الفرعي للمفوضية في بيشاور: "ما نحتاج إليه بشكل عاجل هو التمويل الإنساني السريع، إذ تقول المجتمعات الباكستانية واللاجئون الذين تستضيفهم باكستان عن هذه الفيضانات بأنها أسوأ فيضانات رأوها في الذاكرة الحية".

يسعى نداء للتمويل صادر عن الأمم المتحدة لدعم جهود الاستجابة التي تقودها الحكومة للحصول على 160 مليون دولار أمريكي لمساعدة أكثر من 5 ملايين شخص في المناطق الأكثر تضرراً، وذلك لتغطية تكاليف المواد الأساسية مثل الغذاء والتعليم والمأوى ولم شمل الأسر وحماية الأطفال المنفصلين عن ذويهم.