الجوع يدفع العراقيين للفرار من أعمال العنف في الموصل
الجوع يدفع العراقيين للفرار من أعمال العنف في الموصل
مخيم ليلان 2، كركوك، العراق- انطلقت الأم العراقية إقبال كلف مع أطفالها خلال الليل في رحلة عبر حقول الألغام، بحثاً عن الطعام والأمان.
وقالت بينما كانت تمسك بابنها الأصغر بعد وقت قصير من وصولهم إلى مخيم ليلان 2: "لا أحد يخاطر بالسير لثلاث ساعات في الليل- ولكن توجب علينا ذلك، فقد كنا نشعر بالجوع. توجب علينا عبور حقول من الألغام."
إنها من بين مئات العراقيين النازحين الذين أتوا خلال الليل، عابرين الأنهار وحقول الألغام وحاملين أطفالهم للوصول إلى بر الأمان في المخيم الذي افتُتح حديثاً جنوب مدينة كركوك.
"لا أحد يخاطر بالسير لثلاث ساعات في الليل- ولكن توجب علينا ذلك فقد كنا نشعر بالجوع."
وقالت بادي حسين البالغة من العمر 33 عاماً عند وصولها إلى المخيم من بلدتها الحويجة الواقعة في محافظة كركوك: أنا أشعر بالبرد والجوع الشديد. فنحن نسير منذ مساء الأمس."
سقطت الحويجة في صيف عام 2014 وقد تم تطويقها منذ أن تقدمت قوات الأمن العراقية نحو الشرقاط المجاورة في وقت سابق من هذا العام قبل الهجوم لاستعادة مدينة الموصل والمناطق المجاورة.
بالإضافة إلى النازحين بسبب القتال في الموصل منذ بدء الهجوم في 17 أكتوبر، والبالغ عددهم 97,000 شخص، فر ما يقدر بـ 51,000 شخص أيضاً من الوضع الإنساني المتدهور في الحويجة منذ أغسطس. وأفاد المدنيون عن نقص في الحصول على الرعاية الطبية وعن معاناة الأطفال من سوء التغذية.
افتتحت المفوضية مخيم ليلان 2 في مطلع شهر ديسمبر استجابةً للأعداد الهائلة من النازحين الفارين من الحويجة. ويصل مئات المدنيين إلى نقاط البيشمركة الكردية كل أسبوع بعد السير طوال الليل في مناطق ملغمة.
وفي 10 ديسمبر، وصل أكثر من 500 نازح عراقي إلى مخيم ليلان 2. ويتوقع أن ترتفع هذه الأرقام في الأسابيع المقبلة مع انخفاض الإمدادات في المدينة بشكل كبير. يتم إجبار العائلات على دفع المال للمهربين للفرار إلى المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد للحصول على الطعام.
وقالت بادي التي قُتل قريبها على أيدي المتطرفين لأنه كان يعمل كمهرب ويبيع السجائر وهذا أمر ممنوع: "من يذهب إلى الحويجة سوف يبكي من الجوع. ما من دواء، لا شيء. الأشخاص الذين يعانون من الربو في أوضاع صعبة جداً."
"إن الأشخاص الذين يفرون للنجاة بحياتهم هم في محنة ويحتاجون إلى الدعم المعنوي والمادي."
"لم يعد هناك أي شيء إلا بعض حبوب القمح المتعفنة التي طحناها لنصنع الخبز، لذا كان علينا الفرار." طيلة خمسة أشهر، لم يحصل القرويون في بلدتها على الشاي. "أملت بمستقبل مشرق لأولادي ولكن عندما أتى [المتطرفون] تدمر الحلم. نحن في وضع سيء جداً وبحاجة إلى المساعدة مباشرة."
وقالت بادي التي تفحصت خيمتها في الظلام بعد أن وصلت إلى بر الأمان: "آمل أن يكون الوضع أفضل هنا. الأمور فظيعة في الجهة الأخرى- إنهم يأخذون الأطفال ويذبحونهم."
بدأت ابنتها الصغرى بالسعال وكانت تحمل إناءً بلاستيكياً فارغاً كان يحتوي على الحليب. كان أولادها الأربعة الصغار يعانون من جروح في الجلد وكانوا يرتدون ملابس متسخة ومبللة.
تلقت العائلات التي وصلت إلى ليلان 2 مساء يوم السبت البطانيات والفرش ورزم المواد الغذائية من المفوضية والمنظمات الشريكة. ومع غياب الشمس، تم إرشادهم إلى خيامهم.
مع دخول الصراع في الموصل شهره الثالث، وارتفاع عدد النازحين إلى 100,000، تعزز المفوضية قدرتها على استضافة ودعم المدنيين الفارين من الصراع مع حلول الفصل البارد.
وقد تم تمويل 57% فقط من المبلغ المطلوب للاستجابة الطارئة للمفوضية في الموصل والذي بلغ 196.2 مليون دولار أميركي. ويعاني برنامج فصل الشتاء من أكبر ثغرة في التمويل نظراً لآلاف العائلات التي تحتاج بصورة طارئة إلى الدعم للبقاء على قيد الحياة في صقيع الشتاء. وقال برونو غيدو، ممثل المفوضية في العراق: "يعاني الأشخاص الذين يفرون للنجاة بحياتهم ويحتاجون إلى الدعم المعنوي والمادي. وتضع المفوضية في أولوياتها ضمان تلقيهم مواد الإغاثة وحصولهم على مكان آمن عندما يصلون إلينا."
استولت الجماعات المسلحة على المستشفيات وسيارات الإسعاف في المنطقة، فلم تعد العائلات تحصل على الرعاية الصحية. وصادر المقاتلون المواشي وأدوات الزراعة الخاصة بالمدنيين وفرضوا عقوبات قاسية على التدخين أو محاولة الهرب.
وتحدثت العائلات الفارة من الحويجة والقرى المجاورة للمفوضية بأنها لا تأكل إلا الخبز المصنوع من القمح والماء بعد أن أصبحت السلع الأساسية مثل معجون الطماطم والسكر باهظة الثمن.
وتذكرت كلف قائلةً: "لم يكن هناك أي شيء لنأكله وارتفع سعر الكيلوغرام من معجون الطماطم إلى 35,000 دينار (حوالي 30 دولاراً) بينما ارتفع سعر السكر حتى 40,000 دينار (34 دولاراً). أطفالنا على وشك أن يموتوا من الجوع."
