إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

من حلب إلى كندا.. قصة عائلة أرمنية

بيانات صحفية

من حلب إلى كندا.. قصة عائلة أرمنية

لاجئ سوري يبدأ حياته من جديد في مونتريال بفضل عمل جديد وكفالة ودعم من الحكومة الكندية.
15 مايو 2016
5738e1066.jpg
 بينما ينتظر كيفورك تشغيل الكمبيوتر، تتحدث سقيقته لارا على الهاتف في غرفة المعيشة في منزلهم الجديد.

مرتدياً سدادات الأذن وقفازات واقية، يضع كيفورك إيليجيان قطع الخشب في آلة كبيرة في المصنع الصاخب، صانعاً مقاعد من الصفائح الرقيقة.

الشاب الذي يبلغ من العمر 28 عاماً هو من بين 15 لاجئاً سورياً ممن يبدأون حياتهم من جديد بعد أن حصلوا على وظيفة في Seatply Products Inc. وهو مصنع في مونتريال، في كندا. هذا النوع من المهام يجذب كيفورك، ويشرح قائلاً: "في حلب، كنت وأبي نعمل في قطع غيار الشاحنات".

وصل كيفورك مع شقيقاته الثلاث وزوج شقيقته إلى مونتريال عن طريق لبنان في ديسمبر/كانون الأول، بموجب برنامج وضعته الحكومة الكندية، أعاد توطين أكثر من 26,000 لاجئ سوري في أقل من ستة أشهر.

كان أفراد عائلة كيفورك المتماسكة الأرمنية الأصل، أفراداً فاعلين في المجتمع المسيحي الأرمني في حلب قبل اندلاع الحرب منذ خمسة أعوام، ويتذكر قائلاً: "كنا نعمل وكان لدينا منزل وتجارة، كان كل شيء طبيعياً".

لكن هذا الأمور تغيّرت في تموز/يوليو 2012، عندما تعرضت المدينة القديمة في شمال غرب سوريا لقصف عنيف بالصواريخ والقنابل. وبعد ذلك، في 29 مارس/آذار، 2013 علم كيفورك بأن المليشيا التي تقاتل ضد القوات الحكومية، أقدمت على خطف والده يوهانيس.

ويقول: "كان الأمر كارثياً. وشعرنا بذلك الألم وكأننا متنا. شعور عدم رؤية عائلتك على الإطلاق مجدداً". وسارعت العائلة لجمع المال لدفع الفدية، وبعد 20 يوماً عاد يوهانيس سالماً.

وبعد أشهر قليلة على القتال العنيف الذي حول المدينة إلى ركام، اتخذت عائلة إيليجيان القرار الصعب بالفرار من سوريا. ويقول كيفورك: "لم يكن أمامنا خيار آخر، فقد كانت المدينة محاصرة، وكان الطعام قد نفد لدينا". وأخيراً في أغسطس/آب الماضي، وضّب أفراد العائلة حاجياتهم وقاموا برحلة في الحافلة استغرقت 12 ساعة للوصول إلى بيروت.

وأودى عبور البحر في رحلات محفوفة بالمخاطر وغير رسمية إلى أوروبا، بحياة ما لا يقل عن 4,200 لاجئ ومهاجر منذ بداية العام الماضي. فكر كيفورك وعائلته في هذه الرحلة، ولكن لحسن حظهم قدمت الحكومة الكندية مساراً أكثر أماناً لبداية حياة جديدة.

وفي حين أن معظم السوريين الذين أعيد توطينهم في كندا يحصلون على المساعدة من الحكومة، وصل كيفورك بموجب برنامج كفالة فردية بدعم من أحد أقارب العائلة الذي يدير حالياً مطعماً ناجحاً في مونتريال وبمساعدة إحدى المنظمات المحلية غير الربحية.

ويقول غارو شاهينيان، ,i, لاجئ من العراق، قدّم الكفالة لأربع عائلات سورية بمساعدة من منظمة محلية تدعىHay Doun: "كان علي مساعدتهم وإنقاذهم، فلو لم أقم بكفالتهم، فمن كان سيقوم بذلك؟"

تعتمد منظمة Hay Doun التي تأسست عام 2007، على دعم المجتمع المحلي الأرمني، وقد قدمت الكفالة لـ45 عائلة عراقية لاجئة - من بينها عائلة شاهينيان- و1,400 لاجئ سوري. ومن خلال المنظمة، يدعم الكفلاء الأفراد اللاجئين في كل خطوة خلال عامهم الأول في كندا، ويوفرون لهم مكاناً للعيش وأثاثاً ولوازم منزلية أخرى، فضلاً عن الطعام والملابس والنقل.

5738e1d86.jpg
 كيفورك وشقيقتاه يتكلمون مع والدتهم في بيروت، لبنان، عبر سكايب.

يساعد الكفلاء أيضاً الواصلين الجدد للحصول على الخدمات الصحية وإيجاد عمل وتسجيل أطفالهم في المدارس والاستقرار في مجتمعاتهم الجديدة. وبالنسبة لنايريني تفليان، رئيسة Hay Doun، يتعلق الأمر بإعطاء الواصلين الجدد إلى كيبيك فرصة البدء من جديد وتحقيق إمكاناتهم.

وتقول تفليان، وهي من أصول أرمنية وقد فرت من لبنان منذ حوالي 40 عاماً: "يجب ألا نعتبر اللاجئين عبءاً بل أشخاصاً سيضيفون شيئاً إلى مجتمعنا. ونحن نقوم بذلك لأننا نرغب فعلاً في إحداث فرق في العالم".

وقد عقدت المفوضية اجتماعاً رفيع المستوى في جنيف في 30 مارس/آذار، للدعوة إلى توفير المزيد من الفرص لقبول اللاجئين السوريين في أنحاء العالم. وتشمل هذه الطرق إعادة التوطين والتأشيرات الإنسانية والكفالة الخاصة كتلك التي تنفذتها كندا.

وعندما وصل كيفورك وشقيقاته أخيراً إلى مونتريال، وهي أكبر مدينة يتكلم سكانها اللغة الفرنسية في كيبيك، بدأ الترحيب الحار بهم بعد لحظات من هبوط رحلتهم. ويتذكر قائلاً: "بدأ الناس في المطار بالتصفيق عندما وصلنا".

وبعد أقل من أربعة أشهر، بدأ يعيل نفسه وشقيقتيه التوأمين بفضل عمله في المصنع، حيث يعمل لثماني ساعات يومياً. تملك العائلة شقة، وشقيقتاه لارا وهوري اللتان تبلغان من العمر 22 عاماً، تدرسان اللغة الفرنسية.

ويقول كيفورك: "كان من المهم جداً بالنسبة لي أن أجد وظيفة. فلا أريد أن أكون عبءاً على الحكومة أو أي شخص آخر".

ولهذا السبب، يشكر كيفورك شخصاً آخر، هو: صاحب Seatply، ليفون أفيان. في الأعوام الأخيرة، وظف أفيان - الذي غالباً ما يناديه موظفوه بـ"السيد ليفون" بينما كان يمشي في المصنع- الكثير من اللاجئين الواصلين حديثاً. وحالياً، يبلغ عدد الموظفين السوريين في مصنعه 15 شخصاً. وبالنسبة لهم، يكمن التحدي الأكبر في تعلم اللغة الفرنسية.

ويقول أفيان، وهو رجل لبناني كندي من أصول أرمنية، فر من الحرب الأهلية في لبنان مع عائلته في عام 1975: "يبدو تعليمهم صعباً في البداية". ومع ذلك، فإنه مقتنع بأن توظيف اللاجئين مفيد من الناحية التجارية ويقول مشدداً: "على المدى الطويل، نحصل على موظفين أفضل، موظفين أوفياء ومجتهدين".

وبينما يتعلم كيفورك أصول العمل، يتلقى المساعدة من كبير العاملين، فريج بابوايان، الذي أتى أيضاً إلى مونتريال كلاجئ -لكن هذه المرة فاراً من العنف في العراق. وقد مر على ذلك سبعة أعوام، لكن بابوايان يتذكر مدى ارتباكه في الأسابيع القليلة الأولى، ويقول بأن "أي شخص يأتي إلى هنا بهذه الطريقة، يجب أن يبدأ من الصفر، فالأمر ليس سهلاً".

لكن اللطف والسخاء الذين اختبرهما كيفورك منذ وصوله إلى مونتريال ساعداه بشكل كبير. وفي حين أن الأمور لم تكن سهلة، لا يزال يتمتع بالأمل والتفاؤل لأن والدته ووالده سيتمكنان من اللحاق به إلى كندا في الأشهر القادمة، بفضل برنامج الحكومة المستمر لإعادة التوطين.

وكإشارة إلى تفاؤله، جهز كيفورك غرفة نوم والديه في الشقة التي يتقاسمها مع شقيقتيه في أحد الشوارع الهادئة في الضاحية. وفي الغرفة، طُويت أغطية السرير البيضاء بدقة ووُضعت الوسادتان الواحدة بجانب الأخرى تنتظران وصولهما.

ويقول: "كل شيء جاهز. والجميع يرغب في حياة آمنة وسعيدة، وهذا كل ما أتمناه لعائلتي أيضاً".