إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

لاجئون سوريون يستخدمون مواهبهم الموسيقية للتغلب على الإعاقة

قصص

لاجئون سوريون يستخدمون مواهبهم الموسيقية للتغلب على الإعاقة

بعد أن فقد بصره عندما كان في عمر الطفولة، اكتشف إحسان حبّه للموسيقى حيث يستخدمها الآن لتغيير بعض الأفكار النمطية السلبية في مخيم الأزرق.
1 ديسمبر 2017 متوفر أيضاً باللغات:

على مدى ثلاثة أيام في الأسبوع، يطغى قرع "الدربكة" على صخب الحياة اليومية في إحدى زوايا مخيم الأزرق النائي للاجئين السوريين في الأردن، يرافق ذلك أطفال يصفقون ويغنّون بصوت عالٍ.

بمهارة كبيرة، يقود اللاجئُ السوري إحسان الخليلي، البالغ من العمر 45 عاماً، هذه الفرقة المليئة بالفرح، عازفاً على الطبل. يستهدف صفه الموسيقي الأطفال من ذوي الإعاقة والذين يعيشون في المخيم، ولكنّ بابه مفتوح للجميع بعدما حظي بشعبيةٍ كبيرةٍ حيث تمتلئ مقاعد صفه بسرعة فائقة في بداية كل حصة.

بدأ إحسان يؤمن بالآثار الإيجابية للموسيقى خلال طفولته التي أمضاها في العاصمة السورية دمشق، ويقول: "عندما كنت في الحادية عشرة من العمر، سقطت في حفرة بناء كبيرة في الشارع بينما كنت أركب الدراجة مع أصدقائي. تسببت الإصابات التي تكبدتها في رأسي بتلف أعصاب عيني لأفقد بصري."

بعدما ترك المدرسة وغرق في الاكتئاب، اتّخذ إحسان قراراً ببدء حياة جديدة. طلب من والده أن يشتري له آلة تسجيل وبدأ بالاستماع إلى الأغاني المصرية، ليعلّم نفسه في نهاية المطاف عزف الطبل من خلال العزف على إيقاع الموسيقى.

في السادسة عشرة من عمره، التحق بمدرسة لذوي الإعاقات البصرية، وانضمّ إلى فرقة مدرسية كطبّال ومغنٍّ. واقترح أن تعزف الفرقة، التي كان أعضاؤها جميعهم من المكفوفين، للمدعوات إلى حفلات الزفاف التقليدية حيث يكون الرجال والنساء منفصلين عن بعضهم البعض، ​​ليرسم بالتالي مسيرة ناجحة لحياته.

"تحولت الموسيقى من حاجة إلى مهنة."

استمرّ إحسان في العمل كموسيقي لعدّة سنوات، حيث قام بإدارة فرقته الخاصة التي كانت تعزف في المطاعم والحفلات وحفلات الزفاف في العاصمة، ويقول: "تحولت الموسيقى من حاجة إلى مهنة".

في الـ 23 من العمر، تزوّج إحسان من رباب، ولم تعد الموسيقى مهمة بالنسبة له بعد أن وجد وظيفة في مكتب حكومي يساعد الناس في طلبات جواز السفر. ولكن بعد اندلاع النزاع في سوريا في عام 2011، خسر إحسان وظيفته. وبعد ذلك بعام، أيقظته رباب في صباح أحد الأيام على صوت الانفجارات التي تقترب أكثر فأكثر من منزلهم.

فرّ الزوجان وأطفالهما الخمسة إلى الأردن وأصبحوا لاجئين. أمضوا سنواتهم الثلاث الأولى خارج وطنهم، يتنقلون بين البلدات والمدن في جميع أنحاء البلاد ويحصلون على المساعدات المالية التي تقدّمها المفوضية.

غالباً ما كان يشعر إحسان بصعوبة الحياة في محيطه الحضري الجديد وغير المألوف: "كانت هناك أيام أفكّر فيها وأقول: هذه هي، هذه هي النهاية. في بعض الأحيان، لم أكن أغادر الشقة لأسابيع".

تقدّر منظمة الصحة العالمية بأن يكون 15% من سكان العالم يعانون من شكل من أشكال الإعاقة. وفي حالات النزوح القسري، كثيراً ما يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة مصاعب إضافيةً في وجه الحصول على الخدمات، وهم لا يحظون سوى بفرصٍ قليلةٍ للقيام بدور نشط في مجتمعاتهم المحلية.

وبمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة في 3 ديسمبر، تسلّط المفوضية الضوء هذا العام على الأثر الإيجابي الذي يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة أن يتركوه في مجتمعاتهم وأماكن عملهم عندما يتم الاعتراف بقدراتهم وإزالة الحواجز التي تحول دون إدماجهم. وأفاد المفوض السامي فيليبو غراندي في بيان له بأن الأشخاص من ذوي الإعاقة الذين أجبروا على الفرار من منازلهم يواجهون صعوبات جمة. وقال في بيان موجز بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة: "يجب أن نحرص على أنهم يحظون بالحماية والدعم."

تغيّر وضع إحسان في عام 2015، عندما انتقل هو وأسرته إلى مخيم الأزرق للاجئين في الصحراء الشمالية الشرقية من الأردن، الذي يستضيف أكثر من 35,000 لاجئ سوري.

"إن أفضل طريقة لمحاربة المفاهيم الخاطئة هي أن يراك الناس ناشطاً."

هناك التقى بعازف العود أبي حسن، وبدأ الاثنان يعزفان الموسيقى معاً "لمجرّد الاستمتاع". اتصل الرجلان بمركز مجتمعي تموّله المفوضية في المخيم الذي تديره منظمة "كير" الدولية، واقترحا البدء بتنظيم صف موسيقي للأطفال، بمن فيهم ذوو الإعاقة.

ويقول إحسان: "الأشخاص ذوو الإعاقة لديهم مواهب يجب التعبير عنها"، مضيفاً أن الأنشطة التي تراعي احتياجاتهم ضرورية لإدماجهم في المجتمع بشكل كامل.

كان هذا هو الحال بالنسبة لإحسان نفسه، الذي قال بأن تمكنه من أن يصبح مدرّساً للموسيقى سمح له بردّ الجميل لمجتمعه وحوّله إلى الشخص الذي لطالما أراد أن يكون. يأمل إحسان أن يكون مثالاً يساعد على مكافحة المفاهيم الخاطئة الشائعة حول الأشخاص ذوي الإعاقة.

وقال: "إن الصراع الرئيسي الذي واجهته خلال حياتي هو معاملة الآخرين لي وكأنني عاجز نوعاً ما. إن أفضل طريقةٍ لمكافحة المفاهيم الخاطئة هي أن يراك الناس ناشطاً. عندما يرونني أدرّس أو أعزف مع الفرقة، يبدأون في فهم بأن إعاقتي لا تقف في طريقي."