إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

لاجئون ومهاجرون يتحدّون الجبال والأدغال بحثاً عن الأمان

قصص

لاجئون ومهاجرون يتحدّون الجبال والأدغال بحثاً عن الأمان

1 أبريل 2022 متوفر أيضاً باللغات:
6242f5d04.jpg
لاجئون ومهاجرون من كوبا وهايتي وفنزويلا يستقلون زورقاً بعد عبور أدغال تضاريس داريين في طريقهم إلى بنما.

ستشفى قريباً القروح التي تغطي ساقي ماريانا * والتي تسببت بها الأحذية المطاطية التي ارتدتها خلال رحلتها الشاقة عبر أدغال "تضاريس داريين". لكن الجروح الأقل وضوحاً من التجربة المروعة التي عانت منها في تلك البقعة من الجبال المغطاة بالغابات المطرية، والتي تفصل بين أمريكا الجنوبية والوسطى، من المرجح أن تستغرق وقتاً أطول.


على مدى خمسة أيام مرهقة، تسلقت ماريانا تلالاً موحلة وشديدة الانحدار، وعبرت الأنهار الغزيرة، وتعرضت للاعتداء على أيدي عصابات مسلحة. إنها جزء من التدفقات المتزايدة للاجئين والمهاجرين القادمين من مختلف البلدان في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية وخارجها، وعلى استعداد لتحمل وعورة هذه الأراضي خلال بحثهم عن الأمان والحماية وعن مكان يعتبرونه وطناً لهم.

فرت ماريانا في البداية من موطنها فنزويلا إلى كولومبيا، حيث حاولت أن تستقر أولاً في مدينة كوكوتا الحدودية، ثم في العاصمة بوغوتا، لكنها صارعت من أجل إعالة نفسها ووالديها وستة من أشقائها في فنزويلا من خلال العمل في وظائف هنا وهناك والتي لم تجد سواها.

وقالت: "بالنسبة لنا، ليس من السهل العثور على عمل ثابت وما هو متوفر لا يكفي" مضيفة أن العديد من مواطنيها لا يبدو أنهم أفضل حالاً في أماكن أخرى في المنطقة.

يعيش أكثر من 6 ملايين فنزويلي خارج البلاد وسط شح على نطاق واسع في الغذاء والدواء وتصاعد في حالة انعدام الأمن في وطنهم. وعلى الرغم من أن حوالي 2.6 مليون فنزويلي قد استفادوا من تصاريح الإقامة أو التأشيرات الأخرى في بلدان أمريكا اللاتينية المختلفة، إلا أن عدداً مساوياً تقريباً ممن يعيشون في الخارج يفتقرون لمثل هذه الأوراق.

حتى بالنسبة لأولئك الذين بحوزتهم أوراق ثبوتية، فإن فرص بدء حياتهم من جديد بكرامة تكون نادرة. كل ذلك، إضافة إلى الخسائر الاقتصادية الفادحة الناجمة عن وباء فيروس كورونا، أجبر الكثيرين على الشروع في رحلات محفوفة بالمخاطر، والانضمام إلى موجة اللاجئين والمهاجرين المتجهة شمالاً من هايتي وكوبا وأماكن أخرى، والذين صارعوا أيضاً من أجل الاستقرار في بلدان أمريكا الجنوبية.

على الرغم من الأراضي الوعرة والظروف الخطيرة، فقد اجتاز في عام 2021 وحده 133 ألف شخص الحدود من كولومبيا إلى بنما عبر تضاريس داريين، وفقاً للسلطات البنمية، في رحلة شاقة لم يستعد لها سوى القليل.

وقالت ماريانا، التي تعمل الآن بأمان في مركز "لاخاس بلانكاس" للاستقبال في جنوب بنما: "سمعت أن الأمر خطير، لكنني لم أعتقد أنه سيكون بتلك الخطورة".

في اليوم الثالث من رحلتها، واجهت مجموعة الأشخاص الهايتيين والسنغاليين والفنزويليين الذين كانوا يسافرون معها عصابة من ثلاثة مسلحين سرقوا الممتلكات القليلة التي كانت بحوزتهم، إضافة إلى القليل من المال.

طلب أحدهم من المجموعة الاستمرار لكنه أبعد ماريانا جانباً، ثم اغتصبها خلف بعض الأشجار.

"قال لي، إذا أحسنت التصرف ولم تخف عني أي أموال، فسوف يمكنك اللحاق بمجموعتك. وإلا، فسوف ينتهي بك الأمر مثل الآخرين". وقد شاهدت ماريانا جثث أربع نساء تم إطلاق النار عليهن على الطريق، لذلك كان من الواضح بشكل مخيف ما الذي كان يشير إليه. وفقاً لتقارير إخبارية، تم انتشال أكثر من 50 جثة من طرقات الغابة في عام 2021، على الرغم من أن التقديرات تشير إلى أنها ليست سوى عدد قليل من مجمل الوفيات على الطريق.

في مركز الاستقبال، تلقت ماريانا العلاج لمنع الحمل غير المرغوب فيه والأمراض المنقولة جنسياً. كما قدمت بلاغاً إلى المدعين العامين في بنما، والذين أرسلوا مسؤولين إلى المنطقة لتقديم مرتكبي مثل هذه الأفعال إلى العدالة.

تقدم المفوضية الدعم للاجئين والمهاجرين من خلال توفير وحدات سكنية مؤقتة وبطانيات وأسرّة أطفال ومستلزمات النظافة الشخصية في مركزي الاستقبال التابعين للحكومة. كما تقدم الدعم لمجتمعات السكان الأصليين النائية في محاولة للتخفيف من التأثيرات المترتبة على مرور مئات الأشخاص عبر قراهم.

في العام الماضي، كانت غالبية الذين عبروا نهر داريين من أصل هايتي. وقد أمضى معظمهم سنوات في تشيلي أو البرازيل، بعدما فروا من منازلهم في أعقاب الزلزال المدمر الذي وقع في عام 2010 والذي سوّى معظم أنحاء الجزيرة أرضاً. لكن مزيجاً من العقبات البيروقراطية لتجديد تصاريح الإقامة، والصعوبات الاقتصادية والتمييز في وجهاتهم الأولية، دفع العديد منهم شمالاً، وغالباً مع أطفال صغار ولدوا في البلدان التي استقروا فيها لأول مرة.

عبر ديوفايت سيلفان، وهو مواطن من هايتي، منطقة داريين مع زوجته شيرلي وثلاثة أطفال صغار، تتراوح أعمارهم بين 6 و 5 وعامين، جميعهم ولدوا في سانتا كاتارينا في البرازيل. عمل ديوفيت في مجال البناء هناك منذ مغادرته هايتي في عام 2013، لكن تأثير جائحة فيروس كورونا زاد من صعوبة العثور على عمل. في الوقت نفسه، ازدادت احتياجات أفراد أسرته الذين بقوا في هايتي، والذين يعتمدون على دعمه المالي، وسط حالة عدم الاستقرار التي اندلعت في أعقاب اغتيال الرئيس جوفينال مويس، ووقوع زلزال آخر في عام 2021.

استغرقت الوقت 11 يوماً بالنسبة للعائلة لعبور الغابة، صادفوا خلالها قطاع طرق على طول الطريق وسرقوا منهم كل أموالهم وهواتفهم المحمولة. وبعد نفاد طعامهم في منتصف الرحلة، بقوا دون طعام لمدة خمسة أيام. وكادت طفلتهما الأصغر، إستلين، أن تجرفها الأنهار الهائجة مرتين والتي كان عليهما عبورها على طول الطريق.

وقال ديوفيت: "كنت أحملها وسقطت، لتسقط هي معي. لقد أعانني الله".

كانت العائلة عالقة في مركز استقبال لاخاس بلانكاس حتى تمكنوا من إقناع سائق الحافلة بأن يعفيهم من الأجرة إلى الحدود مع كوستاريكا. كانوا يفكرون في الاستقرار هناك أو الذهاب شمالاً إلى المكسيك. في عام 2021، قدم المواطنون الهايتيون أكبر عدد من طلبات اللجوء الجديدة من أي جنسية في المكسيك، بلغ أكثر من 51,000 طلب.

في الشهرين الأولين من عام 2022، أصبح الفنزويليون الجنسية الأولى التي تعبر نهر داريين بأكثر من 2,400 شخص، أي ما يقرب من العدد الذي تم عبوره في عام 2021 بالكامل. وفي يناير وفبراير، قدم ما يقرب من 2,000 فنزويلي طلبات لجوء في المكسيك، وهو ما يمثل ما يقرب من الثلث من جميع الطلبات المقدمة من قبل الفنزويليين في عام 2021.

وقال أنطونيو*، وهو فنزويلي عبر نهر داريين مع ماريانا، إنه على الرغم من أنه أمضى ست سنوات في كولومبيا بعد فراره من فنزويلا، إلا أن الوضع الأمني ​​المتدهور هناك دفعه إلى التحرك شمالاً. وقال إن لديه أصدقاء في المكسيك وسيحاول الاستقرار هناك، وبعد الكثير من الوقت الذي أمضاه في التنقل، يقول: "أريد فقط أن أعيش في سلام".

* تم تغيير الأسماء لأغراض تتعلق بالحماية