إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

رجل من هندوراس يكرس حياته لانتشال الشباب من عنف العصابات

قصص

رجل من هندوراس يكرس حياته لانتشال الشباب من عنف العصابات

بعد اغتيال شقيقه الأصغر، كان على سانتياغو أفيلا وعائلته أن يبحثوا عن الأمان في منطقة أخرى من هندوراس. منذ ذلك الحين انطلق سانتياغو في مهمته لإنقاذ أسر أخرى من نفس المصير.
30 سبتمبر 2021 متوفر أيضاً باللغات:

عندما كان في أوائل العشرينات من عمره، لم يكن في بال سانتياغو أفيلا سوى شيء واحد فقط، وهو الموسيقى. كمغنٍ في فرقة لموسيقى الـ"هيفي ميتال"، فقد سيطرت الموسيقى على حياته لدرجة أنها حجبته إلى حد كبير عن العديد من الوقائع القاسية التي يعيشها والتي تسود مسقط رأسه مدينة تيغوسيغالبا، عاصمة هندوراس، حيث تنتشر العصابات المسلحة على نطاق واسع وأي رفض لتنفيذ مطالبها تكون عواقبه دموية في كثير من الأحيان.


لكن منذ 11 عاماً، اصطدم بواقع مرير أدى إلى تفرقع فقاعته الموسيقية في سانتياغو. فقد قتل شقيقه موريسيو البالغ من العمر 16 عاماً، وهو ثاني أصغر شقيق له ضمن أشقائه الأربعة، بطريقة وحشية من قبل عصابة محلية، وذلك بعدما تهرب من تسديد ديون لواحدة من أعضائها.

وقال سانتياغو، البالغ من العمر الآن 33 عاماً: "عندما قتل أخي، انهار كل شي. لا تزال عائلتي في حالة من الحداد عليه".

لكن مصاعب الأسرة لم تنهي مع وفاة موريسيو. فبعد فترة وجيزة، كسر شقيق سانتياغو الأصغر قواعد السلوك غير المكتوبة في الأحياء التي تهيمن عليها العصابات بعدما تهجم على أحد أعضاء العصابة والذي قد سرق صديقته. وخوفاً من أي عملية انتقام من قبل قادة العصابات، فقد فر أعضاء عائلة أفيلاس من منزلهم في حي نويفا كابيتال الواقع في العاصمة تيغوسيغالبا إلى منطقة نائية في هندوراس كانوا يأملون في أن تكون مكاناً آمناً لهم، وبعد ذلك إلى خارج البلاد.

أجبرت أعمال العنف المستشري ما لا يقل عن 247,000 مواطن من هندوراس على النزوح داخلياً بينما يقدر أن يكون 185,000 آخرين قد فروا من البلاد. في كلتا الحالتين، غالباً ما يغادر الفارون بأكثر بقليل مما يمكنهم وضعه في حقيبة للظهر.

"شعرت أنه من الجبن المغادرة دون محاولة القيام بشيء ما للآخرين".

في أعقاب المآسي التي مرت بها عائلته، بدأت تخيم على سانتياغو نفسه أفكار الهندوراسيين الشباب مثل إخوانه – والذين يرون في كثير من الأحيان أحلامهم وقد تلاشت بسبب العنف، أو يجبرون على ترك كل شيء وراءهم. في غضون عام من وفاة موريسيو، قرر سانتياغو العودة إلى تيغوسيغالبا للعمل مع الشباب المحتاجين. ومضى للمساعدة في تأسيس منظمة "شباب ضد العنف"، والتي تعمل على منح الشباب من الفئات الضعيفة بديلاً لهم عن العصابات من خلال الأنشطة والدعم.

وقال سانتياغو: "شعرت أنه من الجبن المغادرة دون محاولة القيام بشيء ما للآخرين"، مضيفاً أن ذلك كان مدفوعا بالحاجة إلى "محاولة إنقاذ حياة الشباب، لكي لا يتعين عليهم المرور بنفس تجربة أخي، ولا حتى تجربتي".

ولقاء جهوده في تأمين مساحات آمنة للأطفال والمراهقين - العديد منهم في عداد النازحين داخلياً أو معرضين لخطر الخروج القسري من مجتمعاتهم من قبل العصابات – فقد تم اختيار سانتياغو ليكون الفائز الإقليمي بجائزة نانسن للاجئ عن الأمريكتين، وهي جائزة سنوية مرموقة تكرم أولئك الذين قدموا ما هو أسمى من مجرد نداء الواجب لدعم المهجرين قسراً وعديمي الجنسية.

ومنذ تأسيسها قبل عقد من الزمن، فقد نمت منظمة "شباب ضد العنف" من مجموعة غير منظمة من الشباب، والاجتماع في المقاهي لإعداد استراتيجيات حول كيفية تجاوز دورة العنف التي لا نهاية لها على ما يبدو، إلى منظمة بارزة وتحظى بالاحترام مع وجود مقعد لها على الموائد المستديرة. ويكمن الهدف الأساسي للمجموعة في إعطاء الشباب، الذين قد تجعلهم الحياة المنزلية الصاخبة والآفاق الكئيبة لمستقبلهم فريسة للعصابات التي تعدهم بالحصول على الأموال بطريقة سهلة، الشعور بالانتماء الذي يسمح لهم بمقاومة إغراءات العصابات.

يوجد حوالي 400 متطوع ممن يجوبون بعضاً من أكثر المدن والأحياء المشبوهة في هندوراس، حيث يسعون إلى استقطاب الأطفال والمراهقين وقادة المجتمع إلى المنظمة، والتي توفر مجموعة متنوعة من الأنشطة المجتمعية وجلسات الرياضة والتدريب. ويتواصل المتطوعون أيضاً مع العائلات التي تتأرجح على حافة هذا النوع من النزوح القسري الذي واجهه أفراد عائلة أفيلاس أنفسهم، والعمل لإبقائهم في منازلهم من خلال التوسط مع قادة المجتمع الذين يحظون بالاحترام.

ومن المفارقات أن العديد من الشباب الذين يعملون مع المنظمة هم أنفسهم أطفال أعضاء العصابات، والذين يتوقون لتفادي أن يسير أطفالهم على خطى حياتهم المضطربة. إنها جزئياً هذه الحقيقة التي تسمح للمجموعة بالعمل دون تدخل أو عنف من قبل العصابات التي يقفون في وجهها.

"إن الانضمام إلى منظمة ’شباب ضد العنف’ قد رفع من متوسط عمري المتوقع".

وفي حين أنه من المستحيل تسجيل حصيلة دقيقة لعدد الشباب الذين ساعدتهم منظمة "شباب ضد العنف" على مر السنين، فإن التقديرات ترجح أن يكون عددهم عشرات الآلاف. وقد تابع خريجو المنظمة طريقهم ليصبحوا محامين ومساعدين اجتماعيين وموظفين في مجال الخدمة المدنية.

وقال إدراس ليفي سوازو، والبالغ من العمر 25 عاماً، والذي انضم إلى المجموعة قبل سبع سنوات: "إن الانضمام إلى منظمة "شباب ضد العنف" قد رفع من متوسط عمري المتوقع. كنت أعتقد بأنه بحلول الوقت الذي سأصل فيه إلى سن الـ 20، فإن أحداً ما سوف يقتلني. إن هذه المنظمة لا تصون حياتي فحسب بل إنها أظهرت لي قيمتي الذاتية".

وينسب سانتياغو الفضل لعائلته بالسماح له بالابتعاد عن العصابات. وعلى الرغم من المصاعب التي أثارتها جريمة قتل موريسيو، وصدمة النزوح الداخلي التي تلت ذلك، فقد بقيت عائلة أفيلاس موحدة، مانحة سانتياغو وأشقاءه الباقين المتبقين على قيد الحياة القوة التي يحتاجون إليها لمقاومة العصابات.

وقال: "أعتقد أن عائلتي - حب أمي، وشعور والدي بالمسؤولية - لعبت دوراً أساسياً عند اتخاذ قرار بشأن الانضمام إلى عصابة للانتقام من وفاة أخي، أو البحث عن طريقة للقيام بشيء ما يخدم الشباب في بلدي"، مضيفاً أن العمل مع المنظمة طريق من اتجاهين: "لقد تعلمت كيفية تقدير الأشياء الصغيرة؛ كيف تكون متسامحاً؛ كيفية تقدير الصداقة الحقيقية. لقد تعلمت كيفية بذل جهد إضافي. والأهم من ذلك، لقد تعلمت كيفية الاستماع".