التكيّف مع التغيير في خدمات حماية أطفال اللاجئين
التكيّف مع التغيير في خدمات حماية أطفال اللاجئين
في غرفة صغيرة مؤقتة داخل أحد مخيمات اللاجئين في أربيل، والذي يأوي أكثر من ٨,٥٠٠ لاجئ، يجلس ديلان*، ذو الإثني عشر عاماً، بصمت وهو غارق في أفكاره. غالبًا ما ينعزل عن الآخرين، ولا يزال يعاني من ألم التنمر الذي تعرض له. يقول: "أفضل البقاء في المنزل. يُطلق عليّ الأطفال الآخرون القاباً سيئة".
عندما كان في الخامسة من عمره، فر ديلان من سوريا برفقة شقيقته الصغرى وجدتهما المسنّة. كان والده قد تُوفي قبل ذلك بعامين، بينما تزوجت والدته مرة أخرى وتخلّت عن أطفالها. وقد تركت هذه التجارب القاسية في طفولته المبكرة أثراً عميقاً في نفسه، ولا تزال جدته المسنة تواجه صعوبات في توفير الرعاية الكافية له.
ديلان يؤدي واجباته المدرسية مع جدته وأخته الصغرى. © المفوضية/رشيد حسين رشيد
" ألم ديلان عميق. يحتاج إلى مزيد من المتابعة والدعم المستمر ليبدأ بالتعافي وليحظى ولو بفرصة لطفولة طبيعية. ولكن حتى هذا الأمل بدأ يتلاشى"، يوضح دلير صديق، الأخصائي الاجتماعي لدى شريك المفوضية "منظمة حمایة الأطفال – کوردستان"
مثل غيره من الأطفال اللاجئين المعرضين للخطر، استفاد ديلان سابقاً من البرامج المتعلقة بحماية الطفل التي تدعمها المفوضية في المخيم. كانت جارته، رؤى*، التي تطمئن على الأطفال باستمرار، هي من لاحظت في البداية حاجته إلى دعم إضافي
تقول: "أخبرتني أخته وجدته إنه أصبح أكثر عدوانية، ربما بسبب قضاء وقت طويل في لعب الألعاب على هاتفها الذكي. فأخذته إلى مركز المجتمع التابع للمفوضية في المخيم".
ويضيف دلير: "كان يُعاني من تشتت في التركيز وشعور بالانغلاق ونوع من الاكتئاب. لذلك أدرجناه في برنامج مصمم لمثل هذه الحالات".
ينضم دلير إلى مناقشة مع أطفال اللاجئين في المركز المجتمعي التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. © المفوضية/رشيد حسين رشيد
ونظرًا لنقص التمويل، من المتوقع أن تتوقف مثل هذه البرامج التي تدعمها المفوضية قبل الموعد المخطط له.
وبدلاً من ذلك، قد يحصل الأطفال اللاجئون على خدمات حماية الطفل من خلال الخدمات العامة المتاحة لكل من العراقيين وغير العراقيين. على الرغم من أن التخفيض التدريجي المتسارع مدفوع بمحدودية التمويل، فإن إدماج اللاجئين في الأنظمة الوطنية بما في ذلك تلك المتعلقة بحماية الطفل لطالما كان هدفاً طويل الأمد للمفوضية في العراق.
ولتعزيز هذا الإدماج، تواصل المفوضية دعم تحسين خدمات حماية الطفل في إقليم كردستان العراق. ففي عام ٢٠٢٤، دعمت المفوضية وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة إقليم كردستان عبر تدريب ما يقرب من ٩٥٠ موظفًا حكوميًا وعاملًا في مجال حماية الطفل على الجوانب الرئيسية لحماية الأطفال الذين تم تقييمهم على أنهم معرضون للخطر
يقول أحمد رشيد، رئيس وحدة حماية الطفل التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية في أربيل والذي شارك في إحدى الدورات التدريبية العام الماضي: "ساعدتنا تدريبات المفوضية في الانتقال من الجانب النظري إلى العملي، ومكّنتنا من التعامل مع الحالات وفقاً للمعايير الدولية".
وشملت هذه الجهود أيضاً بناء مراكز مجتمعية خارج مخيمات اللاجئين، ولكن ضمن مناطق تستضيف اللاجئين، لتكون متاحة لكل من المجتمع العراقي ومجتمع اللاجئين. يوضح أحمد قائلا: "ستسلم المفوضية قريباً مركزاً مجتمعياً جديداً في كوركوسك ، والذي سيكون موقعاً تقدم فيه الوزارة خدمات شاملة لكل من اللاجئين والعراقيين".
أطفال لاجئون يلعبون في مركز مجتمعي تابع للمفوضية في مخيم بأربيل. © المفوضية / رشيد حسين رشيد
ورغم هذه الجهود، لا تزال هناك مخاوف بشأن الفجوات الفورية التي قد تنشأ مع توقف خدمات حماية الطفل الإنسانية، في وقت لا تزال الخدمات العامة الموجهة لدعم الأطفال المعرضين للخطر تواجه تحديات كبيرة. يختتم أحمد قائلاً: "لقد دعمنا دائماً كل الأطفال بغض النظر عن خلفياتهم. ستستمر خدماتنا بل وستتوسع، ولكنني أخشى ألا تصل إلى نفس المستوى دون دعم من الشركاء".
ومع وجود أكثر من ١٣٠,٠٠٠ طفل لاجئ تحت سن ١٨ مسجّلين لدى المفوضية في العراق، من المرجّح أن تواجه الخدمات العامة ضغوطاً كبيرة في سعيها لسد الفجوة. لذا، فإن استمرار الدعم والتعاون يظل ضرورياً لتعزيز هذه الخدمات. ومن خلال الجهود المستمرة والشراكات المتواصلة، يمكن لكل طفل مثل ديلان، بغض النظر عن خلفيته، أن يحصل على فرصة للتعافي والنمو والازدهار.
*تم تغيير الأسماء لأسباب تتعلق بالحماية.
ساهمت ليلي كارلايو في إعداد تقرير هذه القصة.