دروس اللغة الكردية تمهّد طريق النجاح للطلاب اللاجئين
دروس اللغة الكردية تمهّد طريق النجاح للطلاب اللاجئين
يشارك طلاب لاجئون سوريون في دورة لغة كردية مصممة لمساعدة الطلاب على التكيف بسلاسة مع مناهج هذا العام.
في حرّ النهار، تسير مجموعات من الطلاب السوريين اللاجئين نحو مركز التعلّم في مخيم دوميز. هناك، يدرسون اللهجات الكردية المحلية استعدادًا للعام الدراسي الجديد. بالنسبة لكثيرين، لا تقتصر هذه الدروس على تعلم لغة جديدة، بل تمثل خطوة أساسية نحو الاندماج والقدرة على متابعة المناهج الدراسية المحلية في إقليم كردستان العراق.
خالد، البالغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، وصديقته رُدا، من بين هؤلاء الطلاب. وُلدا في العراق بعد أن فرت عائلتاهما من سوريا قبل أكثر من عقد، ويحملان أحلامًا كبيرة لمستقبلهما.
يقول خالد وهو يمسك بدفتره بإحكام: "أريد أن أتفوّق في المدرسة وأن أحظى بمستقبل مشرق. سيساعدني تعلم الكردية على فهم موادي بشكل أفضل. إذا أتقنت اللغة، فسأتمكن من النجاح في المدرسة والحياة."
تهز رُدا رأسها بعزم وتضيف: "نتحدث الكردية في المنزل، لكنها تختلف عن اللهجة المحلية. هذه الدروس تساعدنا على فهم اللغة التي نستخدمها في المدرسة. إذا أتقنّاها جيدًا، سنتمكن من متابعة دروسنا بسهولة، والاندماج مع زملائنا، وتكوين صداقات."
يدرس خالد ورُدا في مدرسة داخل مخيم دوميز. حتى العام الماضي، كان المنهج يُدرَّس بالعربية. أما ابتداءً من هذا العام، فسيتم دمج اللاجئين حتى الصف السابع في المدارس الحكومية التابعة لوزارة التربية في حكومة الإقليم، ضمن سياسة دمج تعليم اللاجئين. وهذا يعني أن لغة التدريس ستتحول إلى الكردية. يشكل هذا التغيير تحديًا كبيرًا، إذ تصبح حتى المواد المألوفة مثل العلوم والتاريخ والجغرافيا صعبة ما لم يفهم الطلاب لغة التدريس.
لدعمهم في هذا الانتقال، تُقدّم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالشراكة مع المجلس النرويجي للاجئين وبالتنسيق مع وزارة التربية في حكومة إقليم كردستان، دروسًا في اللغة الكردية. تُقام هذه الدروس ثلاثة أيام في الأسبوع، بمعدل خمس ساعات يوميًا، ويُدرّسها معلمون محليون ولاجئون سوريون مؤهلون. هذه المبادرة مموّلة من حكومة هولندا من خلال شراكة PROSPECTS في العراق.
وإلى جانب ذلك، وبهدف تعزيز سياسة دمج تعليم اللاجئين، أنجزت المفوضية منذ عام 2022 بناء 182 صفًا دراسيًا جديدًا، بينها 8 مبانٍ مدرسية، مما ساعد المدارس الحكومية على استيعاب المزيد من الطلاب.
يشرح خالد أهمية الدروس قائلاً: "إذا استطعتُ التحدث باللغة الكردية وفهمها مثل السكان المحليين، فلن أشعر بالاختلاف بعد الآن. سأكون قادرًا على متابعة جميع دروسي في المدرسة، والاستعداد للامتحانات، والنجاح في الصف التالي. سيساعدني ذلك على بناء مستقبلي هنا."
وتضيف رُدا: "أريد مواصلة تعليمي والحصول على وظيفة جيدة يومًا ما. إن معرفة اللغة الكردية المحلية ستساعدني في كل شيء في المدرسة، وفي المنزل، وفي مراحل لاحقة من حياتي. إنها ليست مجرد لغة، بل هي مفتاح كل ما نطمح إلى تحقيقه هنا."
صُممت هذه الدروس لتجعل التعلّم ممتعًا وفعّالًا. يستخدم المعلمون أنشطة تفاعلية، وتمارين في الهواء الطلق، وألعاب تعليمية تساعد الأطفال على ممارسة مهارات التحدث والاستماع والكتابة. يتيح هذا النهج العملي للطلاب التفاعل مع اللغة بطرق متعددة، وبناء الثقة في استخدامها.
تشهد العطلة الصيفية أعلى نسبة حضور في هذه الدروس، لكنها تبقى مفتوحة على مدار العام، بهدف توفير دعم متواصل يمكّن الطلاب من مواكبة المنهج الدراسي واكتساب الثقة في التحدث وفهم اللغة الكردية.
بالنسبة لخالد، فإن الفوائد تتجاوز الجانب الأكاديمي. يقول:
"من المهم أن أعرف اللغة لأكون جزءًا من المجتمع، وأكوّن صداقات، وأتجنب الشعور بالتهميش. كما أنه مهم لعائلتي ولجميع الأطفال في المخيم".
مع انتهاء الدروس، يحزم خالد ورُدا دفاترهما ويعودان إلى المنزل مع طلاب آخرين، يتحدثون باللهجة الكردية المحلية. كل كلمة جديدة يتعلمونها تقرّبهم من النجاح في المدرسة وبناء حياة جديدة في موطنهم.
ولا تقتصر هذه الدروس على الطلاب فحسب، إذ تنظم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أيضًا برامج مماثلة لأولياء الأمور والمعلمين، لتمكينهم من تعلم اللغة الكردية ومساندة الأطفال في منازلهم وتوجيههم بفعالية داخل المدرسة.
يقول ريبين رشيد، مسؤول التعليم في المفوضية بأربيل:
"هذا العام، شارك في هذه الدروس أكثر من 5033 طالبًا ومعلمًا وولي أمر لاجئ في مختلف أنحاء إقليم كردستان العراق. هذه الدورات متاحة للاجئين سواء في المخيمات أو في المناطق الحضرية. إنها تدعم الطلاب على اتباع المنهج الكردي وتساعد العائلات على تعزيز مشاركتهم في تعليم أبنائهم".
بالنسبة لخالد ورُدا وآلاف اللاجئين الآخرين، فإن كل درس في اللغة الكردية ليس مجرد حصة دراسية، بل خطوة نحو مستقبل مليء بالفرص والاندماج والأمل.
ساهمت ليلي كارلایو في إعداد هذه القصة.