منحة اللاجئين الدراسية ضمن مبادرة ألبرت أينشتاين الأكاديمية الألمانية للاجئين المعروفة بأسم (دافي) تسهم في العلاج الطبيعي والشفاء في أربيل
منحة اللاجئين الدراسية ضمن مبادرة ألبرت أينشتاين الأكاديمية الألمانية للاجئين المعروفة بأسم (دافي) تسهم في العلاج الطبيعي والشفاء في أربيل
يَعجّ مركز العلاج الطبيعي الذي يديره فواز، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 25 عامًا في مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق، بالمرضى المنتظرين دورهم لتلقي العلاج. يعمل فواز وزملاؤه العراقيون ثماني ساعات يوميًا، ستة أيام في الأسبوع، ويقدمون خدمات العلاج الكهربائي، والوخز بالإبر، والعلاج الجاف بالإبر، وغيرها من الخدمات الفسيولوجية لمساعدة اللاجئين والمواطنين العراقيين على تخفيف آلامهم الجسدية.
على مدى السنوات الخمس التي تلت تخرجه من الجامعة في العراق، استخدم فواز مهاراته لتحسين صحة مرضاه ورفاههم. ولكن بالنسبة له، كان هذا أكثر من مجرد وظيفة؛ بل كان فرصة لبناء حياة جديدة وان يكون عضوا فاعلا في المجتمع.
فرّ فواز مع عائلته من سوريا في عام 2013، قبل أيام قليلة من عيد ميلاده الثالث عشر، ووصل إلى مخيم دارشكران للاجئين في أربيل. أنهى دراسته الابتدائية والثانوية في مدرسة داخل المخيم، وتم قبوله في جامعة أربيل التقنية المرموقة. ساعد دخل العائلة المتواضع فواز في البداية على دفع تكاليف دراسته، ولكن مع ارتفاع تكاليف المعيشة، زاد الضغط على العائلة، مما تسبب بتوتر نفسي كبير لفواز.
لحسن الحظ، في سنته الجامعية الثالثة، حصل فواز على منحة دراسية من خلال برنامج دافي للتعليم العالي، الذي تنفذه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، و الذي يوفر دعمًا ماليًا للطلبة اللاجئين للالتحاق بالجامعات، وتغطية نفقاتهم التعليمية الإضافية مثل شراء الكتب أو تكاليف المواصلات. خفف هذا الدعم من العبء المادي على فواز ومكّنه من التركيز على دراسته بعزيمة أكبر.
فواز يؤدي بعناية علاج الإبر الجافة الكهربائية على أحد مرضاه. ©المفوضية/رشيد حسين رشيد
خلال دراسته، اكتسب فواز خبرة مهنية من خلال تطوعه للعمل في مركز علاج طبيعي محلي في أربيل. وبعد تخرجه، أسس فواز ومجموعة من زملائه العراقيين مركزًا خاصًا بهم للعلاج الطبيعي. يقول فواز: "المرضى يبحثون عن مختصين يساعدونهم على استعادة حياتهم الطبيعية، وهذا ما يجدونه هنا."
ويضيف: "من المجزي للغاية أن ترى شخصًا كان يعتمد على الكرسي المتحرك يبدأ في المشي من جديد بعد تلقيه العلاج."
سرعان ما اكتسب مركز فواز للعلاج الطبيعي سمعة طيبة في أنحاء العراق. ضياء، مواطن عراقي، قطع أكثر من 300 كيلومتر من بغداد ليتلقى العلاج على يد فواز، ويشيد بجودة الرعاية التي تلقاها في المركز.
يقول ضياء: "أوصاني أحد الأصدقاء بفواز كمعالج فيزيائي بارع. لم يعد مجرد طبيبي، لقد أصبحنا أصدقاء مقرّبين. أنا منبهر بمهاراته في هذا العمر الصغير"، وذلك بينما تمر نبضات كهربائية خفيفة عبر الإبر الموضوعة بعناية على ذراعه وساقه، مما يساعده على التنفس بارتياح بعد سنوات من الألم.
يقول فواز: "معظم مرضاي لا يهتمون بأنني لاجئ. ما يهم هو أننا هنا جميعًا لمساعدة بعضنا البعض."
كان تأسيس المركز نقطة تحوّل في حياة فواز، وأصبح الآن المعيل الأساسي لعائلته. ومع ذلك، فإن هدفه لا يقتصر على كسب لقمة العيش، بل يمتد أيضًا إلى مساعدة الآخرين في بناء حياتهم من جديد. "هذا المركز يؤمن لنا مصدر رزق، لكن ما يهم حقًا هو العمل بضمير، ومساعدة الناس على الشفاء واستعادة قدرتهم بالاعتماد على انفسهم. لا يمكننا أن نضيف أيامًا إلى حياة المريض، لكن يمكننا أن نضيف حياة إلى أيامه."
ويختتم قائلاً: "أنا فخور بمساعدة الناس واحداث فرق حقيقي في هذا المجتمع."
تنفذ المفوضية برنامج دافي (مبادرة ألبرت أينشتاين الأكاديمية الألمانية للاجئين) في العراق منذ عام 2016، حيث ساعدت 488 طالبًا لاجئًا، من بينهم 280 امرأة، على إتمام دراساتهم الجامعية في 21 جامعة. ويهدف البرنامج في جوهره إلى تمكين الشباب اللاجئين من الإسهام الفاعل في مجتمعاتهم، بينما يبنون مستقبلًا أكثر إشراقًا لأنفسهم وللآخرين.
يحظى برنامج دافي في العراق وحول العالم بدعم من ألمانيا، بالإضافة إلى دعم من الدنمارك وشركاء ومؤسسات خاصة.
ساهمت فرحة بويرو في إعداد هذا التقرير.