لاجئة تزرع الأمل وتقطف الربح: مشروع زراعي صغير يتحول إلى عمل ناجح في العراق
لاجئة تزرع الأمل وتقطف الربح: مشروع زراعي صغير يتحول إلى عمل ناجح في العراق
في قلب زاخو، وهي بلدة صغيرة تقع بين جبال إقليم كردستان العراق، تنبض حديقة سيلفا بالحياة – خضار يانعة وأزهار ملونة وأعشاب رقيقة ونباتات نادرة مثل البرتقال الياباني. قد تبدو الحديقة اعتيادية لعابر السبيل، لكنها بالنسبة لسيلفا شريان حياة يعيلها ويعيل أسرتها.
سيلفا، لاجئة سورية، فرت من تصاعد النزاع في مسقط رأسها في الحسكة شمال شرق سوريا عام 2013. كانت حينها طالبة جامعية لا يفصلها عن التخرج في تخصص الهندسة الزراعية سوى ست وحدات دراسية. ورغم اضطرارها للفرار، حملت معها حلمها في إكمال تعليمها والعمل في مجال الهندسة الزراعية إلى العراق.
عند وصولها إلى إقليم كردستان العراق، أقامت سيلفا في مخيم كوركوسك للاجئين، الواقع على بُعد نحو 30 كيلومترًا من مدينة أربيل. في تلك الفترة، خيّم الغموض على حياتها، لكنها رفضت أن تدع الظروف تُملي عليها مستقبلها. وبإصرار كبير، تابعت بلا كلل مكاتب الحكومة المحلية والجامعات للسماح لها باستئناف دراستها. وبعد سنوات من المثابرة، حصلت على شهادة في الهندسة الزراعية من جامعة صلاح الدين في أربيل.
تقول سيلفا: "تعلمت الكثير في الجامعة. زاد حبي للزراعة، وفتحت عيني على إمكانات زراعة النباتات. الآن، أرغب في استكشاف طب الأعشاب وفهم كيف يمكن للنباتات أن تُعالج الأمراض".
بعد زواجها عام 2022، انتقلت مع زوجها إلى مدينة زاخو. كان الاثنان شغوفين بالبستنة ، وقررا بدء مشروع صغير في حديقة منزلهما. وبإمكانات محدودة، اشتريا نبتة واحدة فقط، واعتنيا بها حتى تكاثرت لتصبح 18 نبتة. هذا النجاح البسيط كان البذرة الأولى لمشروعهما الزراعي.
سيلفا وزوجها في حديقة منزلهما في زاخو.©المفوضية/حمزة المومني
بدأنا من الصفر"، تتذكر سيلفا. "اشترى زوجي التربة، وأنا زرعت تلك النبتة الأولى. ومن هناك بدأنا ننمو تدريجيًا. بدأتُ بالبيع للجيران والعائلة، وسرعان ما أصبح الناس يأتون إلى بيتنا لرؤية ما لدينا من نباتات للبيع."
وبفضل الدعم الذي تلقته من برنامج المساعدات النقدية التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تمكنت سيلفا من تطوير مشروعها وأطلقت عليه اسم ""، تكريمًا للمأوى الذي أنشأته مع زوجها.
سيلفا هي واحدة من بين 56,000 لاجئ وطالب لجوء حصلوا على مساعدات نقدية من المفوضية في العراق خلال عام 2024. يهدف برنامج المساعدات النقدية إلى دعم اللاجئين الأكثر ضعفًا لمساعدتهم على تغطية الاحتياجات الأساسية مثل الإيجار والطعام. وقد تمكن بعض اللاجئين، مثل سيلفا، من من ادخار جزء من المساعدة النقدية بعد تغطية نفقاتهم الأساسية، مما يسمح لهم بالاستثمار في مشاريع تجارية صغيرة. مما يبرز أثرًا إيجابيًا غير مباشر لهذا البرنامج.
بالنسبة لسيلفا، يُعدّ إنشاء "دار الغاردينيا" مجرد البداية، إذ تُدرك أن التحديات لا تزال قائمة. فوسائل النقل تمثل عائقًا دائمًا. تقول إنها لا تملك وسيلة لنقل النباتات، مما يحد من قدرتها على توصيل الطلبات إلى زبائنها. كما أن عدم امتلاكها لصوبة زراعية يجعل من الصعب حماية النباتات خلال برد الشتاء القاسي.
سيلفا تُشاركنا جانب حديقتها، حيث وضعت أغطيةً بلاستيكيةً لتغطية النباتات في الشتاء.©المفوضية/حمزة المومني
ورغم كل ذلك، تؤكد سيلفا أنها مصممة على الاستمرار:
"أطمح للتوسع وأن أصبح أكثر اعتمادًا على نفسي. أريد أن أفتتح مشتلًا وأنشئ مساحة أكبر لزراعة أنواع متعددة من النباتات، بما فيها النباتات الغريبة. احلم بتوفر خدمة توصيل لأتمكن من الوصول إلى المزيد من الناس في جميع أنحاء إقليم كردستان العراق."
بدأت سيلفا بالفعل بتجربة جلب نباتاتٍ فريدةٍ إلى زاخو، مثل البرتقال الياباني، الذي جذب انتباه وإعجاب مجتمعها. لقد أدى نهجها في البستنة إلى تحويل منزلها إلى عمل ومصدر للإلهام.