بناء سبل العيش: متجر صغير يعزز الاقتصاد المحلي في مخيم غويلان للاجئين
بناء سبل العيش: متجر صغير يعزز الاقتصاد المحلي في مخيم غويلان للاجئين
يقوم حواس بترتيب الأشياء في متجره في مخيم غويلان للاجئين.
في كل صباح بمخيم غويلان للاجئين في محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق، وبينما تعج الأزقة الضيقة بأصوات التحية والود، يتوجه حوّاس إلى متجره الصغير الذي أصبح مصدر رزقه ورزق أسرته. وبفضل دعم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، افتتح متجره العام الماضي لبيع الأدوات المنزلية والحلويات والمستلزمات اليومية. ومع مرور الوقت، تحول المتجر إلى جزء مهم من اقتصاد المخيم، حيث يقصده الزبائن من مختلف أرجاء المخيم الذي يؤوي اليوم أكثر من 11,000 لاجئ. وعلى الصعيد الشخصي، وفر المتجر لحوّاس وعائلته موردًا ثابتًا يمكّنهم من الاعتماد على أنفسهم.
هرب حوّاس من مسقط رأسه في شمال شرق سوريا عام 2019 بسبب الصراع الدائر هناك، لكنه حمل معه روحًا ريادية ومهارات متنوعة اكتسبها من خبرته في إدارة متجر للمواد الغذائية في وطنه.
عندما وصل حوّاس إلى إقليم كردستان العراق مع زوجته وأطفاله الأربعة، كانوا يعيشون في البداية بمخيم بردرش. حتى في تلك الظروف المؤقتة، استغل خبرته لافتتاح متجر صغير بجوار خيمته. بعد ثلاث سنوات، انتقل حوّاس وعائلته إلى مخيم غويلان في محافظة دهوك. تأسس المخيم عام ٢٠١٣، ويؤوي أكثر من ١١ ألف لاجئ سوري.
لمساعدة أسر اللاجئين المحتاجة على كسب عيشهم، قامت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام ٢٠٢٤ ببناء ٤٥ متجرًا جديدًا في غويلان، وقدّمتها لمن يحتاجون إلى دعم إضافي لإيجاد فرص عمل. تغطي هذه المتاجر اليوم العديد من الأنشطة التجارية المختلفة، بما في ذلك محلات الهواتف، ومحلات المواد الغذائية، ومحلات تصليح الدراجات، وأكشاك الخضار، ومحلات الحلويات والمعجنات، وخدمات الكهرباء والأدوات والصيانة، ومحلات الخياطة والملابس، وذلك حسب مهارات وخبرات اللاجئين الذين يديرونها، ومتطلبات اقتصاد المخيم.
عندما استلم حوّاس متجره، قام بتخزينه وبدأ مشروعه. يقول: "أعطوني هذا المتجر لأني عملت سابقًا ولديّ خبرة في إدارة المتاجر. أبيع لوازم المطبخ، والعطور، ومنتجات النظافة، والألعاب، وغيرها من الأدوات المنزلية".
يقول حوّاس: "الدخل البسيط الذي أحصل عليه يُساعدني في إعالة أسرتي وتلبية احتياجات أطفالي".
داخل متجره المُرتّب بعناية، تصطفّ على رفوفه بضائع ملونة جُلبت من خارج المخيم. الأسعار مُنخفضة. كما يسمح حوّاس لجيرانه بالشراء بالدين عندما لا يستطيعون الدفع فورًا. بل إنه يُقدّم أحيانًا سلعًا مجانًا. يقول: "أُدرك معنى الفقر. كنتُ أُساعد من الآخرين في السابق، والآن أُساعد المحتاجين".
يُوضّح حوّاس أن الحياة في المخيم قد تكون صعبة. فقد انخفضت المساعدات الإنسانية في السنوات الأخيرة، مما صعّب على العديد من العائلات تدبير أمورها. كما أن أسعار السلع الأساسية لا تزال ترتفع.
يقول حوّاس: "في الماضي، كان الناس يعتمدون على المساعدات. أما الآن، فعلينا الاعتماد على أنفسنا. المتجر هو مصدر دخلي الوحيد".
في العراق، يتمكّن اللاجئون وطالبو اللجوء المسجّلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من الحصول على وثائق رسمية وتصاريح عمل، ما يتيح لهم حرية التنقل بين المدن، وإدارة مشاريعهم، والانخراط في سوق العمل. وتُسهم هذه السياسات في تعزيز اعتمادهم على أنفسهم، وتمكينهم من المساهمة في الاقتصاد المحلي ودعم اندماجهم في المجتمع.
لكن بالنسبة لحوّاس، الذي يعيش في مخيم غويلان الواقع في منطقة نائية بعيدة عن البلدات والمدن، فإن حالته الصحية تحد من قدرته على السفر والعمل خارج المخيم. لذلك، أصبح متجره شريان حياته ومصدر الدخل اليومي الذي يعيل به أسرته. وبالنسبة له، فإن المتجر لا يمثل المال فقط، بل هو رمز للاستقرار في أوقات مليئة بعدم اليقين.
يقول حوّاس: "لا أدير هذا المتجر من أجل الرفاهية. أريد فقط إعالة أسرتي. أريد أن يُكمل أطفالي دراستهم ويبْنوا حياة أفضل. هذا حلم كل والد."
ومع تراجع التمويل العالمي للمساعدات الإنسانية، بدأت الاستثمارات في مشاريع كسب العيش مثل هذا المتجر تؤتي ثمارها. فمساعدة اللاجئين على إيجاد مصادر دخل تُخفف اعتمادهم على المساعدات، وتعيد إليهم الكرامة والأمل، وتُسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي.
ويضيف حوّاس: "أتوكل على الله وعلى دعم المنظمات التي تقف إلى جانبنا. نأمل جميعًا أن نعود إلى ديارنا يومًا ما. ولكن حتى ذلك الحين، سأواصل العمل بجد من أجل مستقبل عائلتي."
ساهمت ليلي كارلايو في إعداد هذا التقرير.