إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

مقال المفوض السامي بمناسبة الذكرى السبعين على اتفاقية اللاجئين لعام 1951

بيانات صحفية

مقال المفوض السامي بمناسبة الذكرى السبعين على اتفاقية اللاجئين لعام 1951

28 يوليو 2021

أنقذت اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وهي حجر الأساس للحماية الدولية للأشخاص المجبرين على الفرار من ديارهم، أرواحاً من البشر لا تعد ولا تحصى. واليوم، في الذكرى السبعين على صياغتها، يزعم منتقدوها أنها نتاج قديم لعصر آخر. ولكن إذا لم نتمكن من الدفاع عنها والوفاء بها، فإن الملايين سيدفعون الثمن.

على مدى العقود السبعة الماضية، لم يكن هناك ركن من أركان العالم تقريباً إلا وقد واجه تحديات النزوح القسري. وفي نهاية العام الماضي، وصل عدد المهجرين من ديارهم، بمن فيهم اللاجئون والنازحون داخلياً، إلى 82.4 مليون شخص - وهو رقم ارتفع أكثر من الضعف خلال العقد الماضي.

تتغيّر أسباب وديناميكيات النزوح البشري باستمرار، لكن لطالما تطورت اتفاقية اللاجئين لتعكس هذه التغييرات. تم استكمال التجسيد الحديث لمبدأ اللجوء بالعديد من الصكوك القانونية البارزة الأخرى على مدار السبعين عاماً الماضية - كتعزيز حقوق النساء والأطفال وذوي الإعاقة، والأشخاص من ذوي الميول والهويات الجنسية المختلفة، والعديد من الآخرين.

في الأشهر الأخيرة، حاولت بعض الحكومات التي كانت تحظى بتشجيع أو تنقاد من قبل شعبوية ضيقة الأفق وغالباً ما تكون مضللة، رفض المبادئ الأساسية للاتفاقية. لكن المشكلة ليست في مُثُلها أو لغتها، بل إنها تكمن في ضمان امتثال الدول لها في كل مكان وعلى أرض الواقع.

عندما فر 200 ألف مجري في عام 1956، استقبلتهم جميعهم تقريباً دول أخرى في غضون أشهر. وعندما بدأت العمل في المجال الإنساني - في تايلاند في أوائل الثمانينيات - تمت إعادة توطين مئات الآلاف من اللاجئين في الهند الصينية في جميع أنحاء العالم.

واليوم، فإن مثل هذه الاستجابة تزداد ندرة. وبينما يواصل اللاجئون والمهاجرون الشروع برحلات محفوفة بالمخاطر وفتاكة في بعض الأحيان عبر الصحاري والبحار والجبال خوفاً على حياتهم، يفشل المجتمع الدولي بشكل واضح في التوحد بحثاً عن حلول دائمة لهؤلاء الأشخاص اليائسين.

والأسوأ من ذلك، فإننا نشهد الآن تحركات تسعى لحرمان اللاجئين من حق اللجوء وحتى الاستعانة بمصادر خارجية تتحمل مسؤولية حمايتهم من خلال "تخزينهم" في مكان آخر. ومع ذلك، إذا كانت الدول الأغنى والتي تنعم بأعظم الموارد تستجيب من خلال بناء الجدران وإغلاق الحدود وصد الأشخاص الذين يسافرون عبر البحر، فلماذا لا يحذو الآخرون حذوها؟ يعيش ما يقرب من 90 بالمائة من اللاجئين حول العالم في البلدان النامية أو في أقل البلدان نمواً. ما الذي بوسع هذه الدول فهمه حيال هذا الازدراء لمبدأ الحماية؟

هناك طرق عديدة لتخفيض أعداد النازحين قسراً. القيام بعمل حازم لإنهاء الصراعات، والدفاع عن حقوق الإنسان واحترامها، ومعالجة التدهور البيئي ... كل هذه الأمور ستكون فعالة، لأنها ستعالج الأسباب الجذرية للنزوح البشري.

ومع ذلك، فلا توجد إرادة سياسية كافية لمثل هذه الحلول، حيثت تتأجج الصراعات طويلة الأمد بينما تشتعل صراعات جديدة. ويعتبر تغير المناخ والكوارث البيئية من العوامل التي تتسبب بأزمات النزوح بشكل متزايد، ولكن رغم ذلك، تصارع البلدان من أجل الاتفاق على عمل مشترك للحد من ارتفاع درجات الحرارة. في هذا الصيف وحده، اجتاحت موجات الحر وحرائق الغابات أمريكا الشمالية، بينما تعرضت أوروبا الوسطى والصين لفيضانات شديدة. إن عواقب هذه الظواهر المتطرفة التي يطال تأثيرها المزيد والمزيد من أجزاء الكرة الأرضية، سيكون لها حتما تأثير على مشكلة النزوح البشري.

لا يمكن لأولئك الذين حالفهم الحظ منا للعيش في رخاء واستقرار نسبيين أن يتعاملوا مع هذه النعم كأمر مسلم به – وما الصدمة التي شكلتها جائحة فيروس كورونا سوى مثال لتوضيح ذلك. وأولئك الذين يعتقدون أن اتفاقية اللاجئين إما غير ذات صلة أو أنها مصدر إزعاج قد يجدون أنفسهم يوماً ما ممتنين للحماية التي توفرها لهم الاتفاقية.

هناك أسباب تجعلنا نشعر بالتفاؤل. ففي الوقت الحاضر، هناك 149 دولة طرف في الاتفاقية، مما يجعلها واحدة من أكثر المعاهدات الدولية التي تحظى بالدعم على مستوى العالم. وحالها حال العديد من صكوك القانون الدولي الأخرى، فإنها تجسد القيم المشتركة للإيثار والتراحم والتضامن. كلما أزور اللاجئين والمجتمعات التي تستضيفهم، فإنني أقابل أشخاصاً مخلصين يضعون هذه القيم موضع التنفيذ بمستوى مذهل من السخاء.

قد يبدو من الغريب أن نكون شغوفين لتلك الدرجة بمعاهدة للأمم المتحدة. لكن اتفاقية اللاجئين لعام 1951 تذكرنا برغبتنا وتصميمنا على بناء عالم أفضل. وتعتبر الذكرى السبعين على تأسيسها فرصة لنا لتجديد التزامنا بهذا المبدأ. دعونا نجدد هذا العهد وألا نقوضه.

فيليبو غراندي هو المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.