إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا تفسد بهجة الأسر السورية اللاجئة والنازحة بشهر رمضان

قصص

التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا تفسد بهجة الأسر السورية اللاجئة والنازحة بشهر رمضان

في معظم أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يجد اللاجئون أنفسهم يصارعون من أجل البقاء وسط الآثار الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
15 أبريل 2022 متوفر أيضاً باللغات:
6257db772.jpg
شمسة، أم لطفلين وتبلغ من العمر 32 عاماً، في مسكنها في مخيم غير رسمي للاجئين السوريين في سهل البقاع، لبنان.

كان أحمد يأمل بأن ينعم ببعض من الراحة له ولعائلته في شهر رمضان هذا العام. لكن احتفالهم بالشهر الكريم على مدار العامين الماضيين في شمال لبنان - حيث يعيش اللاجئ السوري البالغ من العمر 44 عاماً مع زوجته وأطفاله الخمسة – طغى عليه الصمت على نحو غير معتاد، وسط القيود التي سرت على مستوى البلاد والمتعلقة بفيروس كورونا.

لكن مع وقوع لبنان في قبضة أسوأ أزمة اقتصادية يعاني منها منذ عقد من الزمان - والتي أدت إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية والوقود والمقومات الأساسية الأخرى بشكل كبير ودفعت 90 بالمائة من اللاجئين السوريين المقيمين في البلاد إلى حالة من الفقر المدقع - يواجه أحمد في شهر رمضان الحالي صراعاً يتمثل بمجرد إطعام أسرته.

كعامل بناء، وجد أحمد ثلاثة أسابيع فقط من العمل حتى الآن هذا العام في وقت نضبت فيه الفرص الوظيفية. يقضي أمسياته وهو يمشي من متجر إلى آخر بالقرب من منزله في جبل لبنان، محاولاً شراء خضروات رخيصة الثمن قبل أن تتخلص منها المتاجر، كل ذلك بهدف العودة إلى المنزل وبيده ما يضعه على مائدة الإفطار في نهاية كل يوم صيام.

يقول أحمد: "في الماضي، لم نكن قادرين على تناول وجبة إفطار وفيرة؛ ولكن كان يمكننا على الأقل شراء التمر وتحضير السلطة. أما هذا العام، فسوف نتناول وجبة بسيطة مكونة من عنصر واحد أو اثنين فقط. حتى قلي البطاطس يعد مكلفاً، لأن لتراً واحداً من الزيت يساوي نصف يوم عمل".

في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبينما تم رفع القيود المرتبطة بفيروس كورونا إلى حد كبير، إلا أن التداعيات الاقتصادية الناجمة عن ذلك طال تأثيرها ملايين العائلات اللاجئة والمجتمعات التي تستضيفهم.

ويتفاقم هذا التأثير جراء الأزمات المالية التي اجتاحت لبنان وسوريا، ومؤخراً بسبب الصراع في أوكرانيا والقائم بين اثنين من أكبر مصدري الحبوب وبذور الزيت في العالم، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل دقيق القمح وزيت الطبخ بنسبة تتراوح بين الثلث والنصف في كل من لبنان وسوريا واليمن.

"هذا العام، سيكون رمضان مثل أي يوم آخر"

والنتيجة بالنسبة للكثير من الأشخاص في المنطقة هي أنه بدلاً من الأطباق والأجواء الاحتفالية التي تميز عادةً الشهر الفضيل، سيبقى رمضان هذا العام يمثل تحدياً من حيث توفير الوجبات الأساسية للأسر الصائمة.

اضطرت شمسة، وهي أم لطفلين وتبلغ من العمر 32 عاماً، لمغادرة سوريا مع اندلاع الأزمة في عام 2011، وهي تعيش حالياً في مأوى واهٍ من القماش المشمع والخشب في سهل البقاع اللبناني. وبعد صراعهم مؤخراً مع عوامل الطقس خلال أحد أقسى فصول الشتاء التي تمر على البلاد في التاريخ الحديث، لا تزال آفاق المستقبل قاتمة بالنسبة للأسرة.

تقول: "آخر مرة أكلت فيها اللحوم أنا وأولادي كانت قبل عام، خلال شهر رمضان. وهذا العام، سيمر رمضان مثل أي يوم آخر. سوف نأكل الفول، وهو الشيء الوحيد الذي يمكنني تحمل شرائه".

الصورة مماثلة داخل سوريا نفسها، حيث لا يزال ما يقرب من 7 ملايين شخص في عداد النازحين عن ديارهم ويعاني 55 بالمائة من إجمالي السكان من حالة من انعدام الأمن الغذائي. بالنسبة للكثيرين، فإن رمضان يعتبر ذكرى مؤلمة للأوقات السعيدة التي كانوا يقضونها قبل الأزمة.

اضطرت خديجة، البالغة من العمر 31 عاماً، هي وعائلتها لمغادرة منزلهم في حي باب دريب في حمص وسط قتال عنيف شهدته المدينة في عام 2013، وانتقلوا عدة مرات بحثاً عن الأمان قبل أن يستقروا في حي الوعر المحاصر سابقاً في عام 2019.

تقول خديجة بابتسامة من الحنين تعلو وجهها: "أذكر كيف كنا في رمضان نطبخ العديد من وجبات الإفطار. أما الآن، فلا يمكننا تحمل أكثر من وجبة واحدة نظراً لأن الأسعار قد ارتفعت. في كل عام - خاصة خلال شهر رمضان - نعتقد أنه سيكون الأصعب، لكنه يزداد صعوبة أكثر فأكثر".

في الأردن، أظهر تقييم حديث أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والبنك الدولي أن 64% من اللاجئين يعيشون على أقل من 3 دينارات أردنية (5 دولارات أمريكية) في اليوم.

ويوضح محمود، البالغ من العمر 53 عاماً والمتحدر من دمشق، قائلاً: "نحن نعتمد على المساعدة النقدية للمفوضية، لكننا مدينون بأربعة أشهر من حيث الإيجار. نحن مدينون أيضاً بالمال للمتجر الذي نشتري منه الطعام. أعتقد أنه سيتعين علينا اقتراض المزيد من المال خلال شهر رمضان".

هذا العام، أطلقت المفوضية حملتها الرمضانية السنوية لجمع التبرعات بهدف مساعدة 100,000 أسرة في جميع أنحاء المنطقة وخارجها وتقديم المساعدات النقدية لها وأشكال أخرى من الدعم.

"أصبح الوضع أكثر صعوبة يوماً بعد يوم"

حتى في مناطق بعيدة عن الديار مثل الجزائر، يشعر اللاجئون السوريون بالآثار المشتركة لارتفاع الأسعار والأضرار الاقتصادية التي أحدثها الوباء. يقول محمد آدم، وهو من ريف دمشق، إن المساعدة التي كان يتلقاها وعائلته من جيرانهم في الجزائر قد نضبت نظراً لأن السكان المحليين واللاجئين على حد سواء باتوا يشعرون بنفس بالضيق.

ويوضح قائلاً: "رمضان هذا العام أكثر صعوبة من أي وقت مضى، لأن الأشخاص الذين كانوا يساعدوننا في بداية فيروس كورونا فقدوا أيضاً وظائفهم وهم يعيشون في أوضاع غير مستقرة".

نتيجة لذلك، فإنه عادة ما يقلق بشأن الاحتياجات الرئيسية لعائلته، والحفاظ على المسكن وتأمين الطعام على الطاولة – فيما لم تعد طقوس رمضان الاحتفالية المعتادة من الأولويات في وقت يركز فيه الكثيرون على تدبر سبل العيش الأساسية.

"تتراكم الديون بالنسبة لمعظم اللاجئين السوريين هنا بعام واحد على الأقل من الإيجار، ويزداد الوضع صعوبة يوماً بعد يوم مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية. هناك الكثير من الأشخاص الذين ليس لديهم ما يكفي من الطعام".

شارك في التغطية باولا باراتشينا إستيبان ودلال حرب في لبنان، وسعد سواس في سوريا، وليلي كارليزل في الأردن، ومارينا فيلوينداس في الجزائر.