لاجئون فنزويليون يحققون الازدهار في كوستاريكا
لاجئون فنزويليون يحققون الازدهار في كوستاريكا
نظراً لأن منتجاتها من الكعك والشوكولاتة والحلويات تباع بسرعة، تسعى الخبازة جوليسا مارين دي كولمان لتوسيع أعمالها.
تحتاج لفرن أكبر حجماً لخبز المزيد من المعجنات، كما تحتاج لمساحة أكبر لكي تبرّد فيها الكعك الذي تصنعه. تقول: "يبرّدها بعض الأشخاص في الثلاجة ولكن هذا يؤثر على نوعيتها وأنا لا أرغب بالقيام به".
جاءت جوليسا من فنزويلا وهي من بين عدد متزايد من اللاجئين وطالبي اللجوء الذين أسسوا المشاريع وحصلوا على فرصة بدء حياتهم من جديد في كوستاريكا، وهي بلد صغير لطالما عُرف بترحيبه بالأشخاص المحتاجين.
ويتيح الدعم المقدم من وزارة الاقتصاد والصناعة والتجارة في كوستاريكا والمفوضية والمنظمات المحلية غير الربحية للاجئين مثلها، فرصة لتطوير أفكارهم التجارية والتنافس على تمويل المشاريع الناشئة.
وبمساعدة "منظمة المرأة" غير الحكومية، تنافست هذه السيدة البالغة من العمر 32 عاماً في مهرجان فن الطهي الثاني بعنوان "تعالوا حيث النكهة" والذي أُقيم في سان خوسيه، عاصمة كوستاريكا، وشاركت المفوضية في استضافته. فازت جوليسا بمركز مرموق في فعالية لتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كل ذلك بينما كانت تعتني بطفلها البالغ من العمر عامين.
اكتشفت جوليسا موهبتها في الطهي في موطنها في جزيرة مارغريتا الصغيرة قبالة سواحل فنزويلا والتي يقصدها السياح لقضاء العطل، حيث درست السياحة والضيافة.
أنشأت مخبزها في عام 2016 على الرغم من التضخم الكبير والعجز المستشري والاضطرابات. ونظراً لندرة الإمدادات، كان عليها شراء البيض والطحين والمواد الأخرى من السوق السوداء لتلبية الطلب مخالِفةً القوانين بذلك.
"إن تمكني من القيام بذلك في فنزويلا، يعني تمكنني من القيام به في أي مكان"
فرت جوليسا وعائلتها ولم يأخذوا معهم سوى حاجياتهم الضرورية فقط كالثياب ومعدات الطهي. اشترت خلاطاً يدوياً وقوالب للحلوى مدركةً أنها ستنجح في كوستاريكا إذا تمكنت من متابعة عملها. وتقول: "إن تمكني من القيام بذلك في فنزويلا، يعني تمكني من القيام به في أي مكان".
خلال اضطرابات سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، عندما طالت الحروب الأهلية غالبية المنطقة من السلفادور ونيكاراغوا إلى كولومبيا، ظلت كوستاريكا ملاذاً آمناً وأبقت أبوابها مفتوحة أمام الأشخاص المعرضين للخطر.
طورت البلاد أنظمة مميزة للحماية تسمح لطالبي اللجوء واللاجئين بالازدهار وتتيح لطالبي اللجوء تقديم استئنافين وتمنحهم الحق بالعمل والذهاب إلى المدرسة بينما تتم معالجة طلباتهم.
ومن خلال برنامج الإدماج لكسب العيش والذي طورته المفوضية بالتعاون مع وزارة العمل، يحصل اللاجئون وطالبو اللجوء أيضاً على التدريب على مهارات العمل وعلى إمكانية الوصول إلى معارض الوظائف والدعم لإنشاء مشاريعهم الخاصة، ومن بينهم سيدة الأعمال السلفادورية غلوريا هيرنانديز.
كانت غلوريا تدير صالوناً يقدم خدمات التدليك ومتجراً لمنتجاتها الخاصة في مطار المونسنيور أوسكار أرنولفو روميرو الدولي في كوستاريكا حتى عام 2014 عندما شهدت ابنتها على عملية خطف عنيفة قامت بها إحدى العصابات. وبعد أن وافقت على تقديم إفادتها في المحكمة، بدأت عائلة هيرنانديز بتلقي تهديدات بالقتل وهي شائعة في بلد يشهد معدلات جرائم مرتفعة وتواجه مؤسساته الكثير من المصاعب.
وتقول غلوريا التي جمعت أفراد عائلتها ووضبت حقيبة من الثياب وفرت في رحلة برية استغرقت يومين إلى كوستاريكا التي لا تعرف فيها أحداً: "قال لنا المدعي العام بأنهم لا يستطيعون توفير الحماية للشهود في السلفادور".
- اقرأ أيضاً: استثمار مبتكر يغير حياة اللاجئين في إثيوبيا
ولكنها الآن في الـ45 من عمرها، وتعيد بناء حلمها بدعم من كوستاريكا بما في ذلك "منظمة المرأة" التي تنظم العديد من المسابقات التي يعرض فيها اللاجئون من أصحاب المشاريع منتجاتهم ويمكنهم الفوز بمبلغ تمويل أساسي. في هذه الأثناء، توفر وزارة الاقتصاد محاضرات وورش عمل لمساعدة رواد الأعمال على التعرف على قطاع الأعمال في كوستاريكا.
وبمساعدتها، تمكنت غلوريا من وضع نموذج أولي لمجموعة جديدة من زيوت التدليك وبواسطة التمويل الأساسي الذي فازت به، اشترت المواد والعبوات لصنع منتجاتها. وتقول بأن السر هو في استخدام زيت اللوز الذي يرطب البشرة. وقد استعملت التمويل أيضاً لتجديد علامتها التجارية. تقول: "إنه تحدٍّ جديد وأريدها أن تبدو مختلفة"
وعلى الرغم من نجاحها، تحتاج غلوريا للقيام بخطوتين إضافيتين لإطلاق مشروعها، حيث تحتاج منتجاتها إلى الفحص في مختبر لكي تصدر لها قائمة بالمكونات وبراءة اختراع، وهي عقبة تنظيمية لم تكن تواجهها في السلفادور. ولا تستطيع تقديم خدمات التدليك في منزلها لأنها لا تملك غرفة خاصة لعملها وهو أمر ضروري بموجب القانون في كوستاريكا.
"نريد طريقة لدعم أنفسنا"
لا تستطيع غلوريا تحمل هذه التكاليف حالياً وهي تأمل أن تتمكن في أحد الأيام من الالتقاء بلاجئين آخرين وتأسيس متجر يمكنهم فيه بيع جميع منتجاتهم وتقاسم تكاليف التجارة في كوستاريكا. وتشرح قائلةً: "نريد طريقة لدعم أنفسنا".
تعتبر كوستاريكا أحد البلدان الستة في المنطقة التي تطبق الإطار الشامل للاستجابة للاجئين الذي يدعو إلى التركيز بشكل أكبر على تمكن اللاجئين من الاعتماد على أنفسهم وعلى الدعم للمجتمعات المستضيفة بالإضافة إلى تعزيز الشراكات. ويرتكز على هذا النهج الميثاق العالمي الجديد بشأن اللاجئين، الذي يُتوقع أن تعتمده الجمعية العامة للأمم المتحدة بحلول نهاية عام 2018.
تتيح إمكانية التعلم في مكان آمن للاجئين تطوير أفكارهم التجارية حتى إن لم ينجحوا في المرة الأولى، كيزيد أريزا، وهو لاجئ من كولومبيا يبلغ من العمر 28 عاماً وقد فكر في إنشاء مغسل سيارات متنقل.
بعد أن نجح في التكيف وتحسين أدائه في بضعة أعوام، تمكن أخيراً من الفوز بمبلغ من المال لبدء مشروع تجاري في منافسة أقامتها "منظمة المرأة".
وقال يزيد: "كان هناك 30 أو 40 شخصاً في المنافسة الأولى التي شاركت فيها وحصل الجميع على مبلغ من المال باستثنائي أنا".
بحسب الحكام، فإن فكرته كانت عامةً جداً، ليعود يزيد إلى التخطيط بمساعدة الدروس المقدمة إلى اللاجئين وتمكن من تركيب رذاذ جديد يسمح له بغسل السيارات بكمية قليلة من المياه. وقد أتاح له التصميم الجديد توضيب كل ما يحتاجه لغسيل السيارات في حقيبة ظهر بدلاً من شاحنة، وهو ما فكر فيه في الأصل.
دقق في نماذج عن منتجات ناجحة في أميركا اللاتينية وحسن فكرته ثم ذهب إلى المنافسة حاملاً عبوة رذاذ وغطاء لمحور العجلة وقدم فكرته الجديدة، ليحصل هذه المرة على المبلغ المالي لتأسيس مشروعه وهو يأمل إطلاقه الآن.
يقول: "نحتاج للمبلغ الأولي لتنظيم الأمور اللوجستية والحصول على الترخيص وبدء العمل".