إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

لاجئون يحصلون على المساعدة لمعالجة الآثار النفسية الناجمة عن انفجار بيروت

قصص

لاجئون يحصلون على المساعدة لمعالجة الآثار النفسية الناجمة عن انفجار بيروت

في اليوم العالمي للصحة النفسية، تؤكد المفوضية التزامها بتلبية احتياجات الصحة النفسية للاجئين والنازحين وعديمي الجنسية.
11 أكتوبر 2020 متوفر أيضاً باللغات:
5f8064c32.jpg
الطفلة السورية منار البالغة من العمر 4 سنوات تلعب مع شقيقها جمال في منزلها في بيروت، لبنان.

عندما وقع انفجار ميناء بيروت ليخترق تأثيره منزلها الواقع في حي الجناح القريب من العاصمة اللبنانية، انقذفت فهيمة عبر غرفتها بفعل قوة الانفجار. لكن تفكيرها نقلها إلى أبعد من ذلك.

وقالت اللاجئة البالغة من العمر 35 عاماً والمتحدرة من مدينة حلب: "شعرت وكأنني عدت إلى سوريا أيام القصف. نسيت أنني في لبنان وأن الانفجار وقع هنا".

 بالنسبة لفهيمة، والتي فقدت ابنها الأوسط مصطفى قبل أن تفر عائلتها من الصراع في سوريا، فقد أعادت تلك الليلة في بيروت في مطلع أغسطس سيلاً من الذكريات والمشاعر المؤلمة.

في البداية، شعرت بذعر شديد عندما لم تتمكن على الفور من العثور على ابنتها الصغرى منار، البالغة من العمر أربع سنوات، والتي كانت تلعب في الخارج مع شقيقها عندما وقع الانفجار.

"شعرت أن العالم قد انتهى"

وأوضحت فهيمة قائلة: "عندما خرجت رأيت الدخان ورأيت الزجاج المتساقط ولم أجد ابنتي. شعرت أن العالم قد انتهى. شعرت بشيء لا يمكن وصفه".

تم العثور على الفتاة وهي مختبئة خلف حوض أزهار كبير أمام مبنى مجاور وسرعان ما تم لم شملها مع والدتها، ولكن سرعان ما اتضح أيضاً أن الانفجار القوي قد أثر بشكل كبير على صحة منار النفسية.

هذه الفتاة التي كانت توصف بالشجاعة وذات العيون الزرقاء والشعر الأشقر ترفض الآن النوم ما لم يتم إقفال باب غرفة نومها، وتخشى أي أصوات صاخبة وترفض الابتعاد عن والدتها.

وقالت فهيمة: "لقد تغيرت. لديها خوف لم يكن موجوداً من قبل. تضع يديها باستمرار على أذنيها كلما سمعت صوتاً، وتقول أنه سيكون هناك انفجار آخر. لكنها لم تكن هكذا من قبل، فقد كانت شجاعة جداً".

ونظراً للقلق الذي ينتابها حول الحالة النفسية لابنتها، فقد اتصلت فهيمة بالمفوضية طلباً للمساعدة. تمت إحالتها إلى مؤسسة مخزومي، وهي منظمة غير حكومية محلية شريكة، والتي تقدم خدمات الصحة النفسية للاجئين السوريين واللبنانيين من الفئات الضعيفة بتمويل من المفوضية، وتم تحديد موعد لمقابلة أخصائية نفسية.

في اليوم العالمي للصحة النفسية (10 أكتوبر)، تؤكد المفوضية من جديد التزامها بتلبية احتياجات الصحة النفسية للاجئين والنازحين وعديمي الجنسية الذين ينضوون تحت رعايتها، وكذلك الأفراد الضعفاء في المجتمعات المضيفة.

وتسعى المفوضية جاهدة لدمج الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في عملها، وهو ما بات من الأمور المهمة بشكل متزايد خلال وباء فيروس كورونا، والذي يهدد بإحداث أزمة صحية نفسية بسبب زيادة العزلة وفقدان سبل العيش وحالة عدم اليقين بشأن المستقبل.

كثفت المفوضية وشركاؤها أنشطة الدعم النفسي والاجتماعي في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك استجابةً للتقارير المثيرة للقلق حول تزايد مشكلات الصحة النفسية بين النازحين قسراً بزيادة قدرها ثلاثة أضعاف من حيث حالات الانتحار وإيذاء النفس التي يبلغ عنها مركز الاتصال الوطني في لبنان التابع للمفوضية.


اقرأ أيضاً: المفوضية تناشد لتوفير دعم عاجل لتعزيز برامج الصحة النفسية الأساسية للاجئين والنازحين داخلياً


وقالت الأخصائية النفسية ميرنا معوض أنها منذ الانفجار قبل شهرين شاهدت عدداً من الأطفال الذين يعيشون بالقرب من منطقة وقوع الانفجار وهم يأتون إلى عيادتها ويعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة: "تظهر على هؤلاء الأطفال علامات الخوف - يبكون ويصرخون ويبقون قريبين جداً من آبائهم. تطاردهم الكوابيس خلال الليل، والبعض منهم يعاني من التبول اللاإرادي".

خلال جلساتها، تستخدم معوض أسلوب رواية القصص لتشرح للأطفال أنه في حين أن الأحداث الصادمة كالانفجارات يمكنها أن تحدث، إلا أنها الآن جزء من الماضي وتعلمهم طرقاً لمحاولة التغلب على مخاوفهم.

وقالت أن مستوى محنتهم يمكن أن يكون مرتفعاً خاصة بين صفوف اللاجئين السوريين الذين فروا من الصراع في وطنهم وجاءوا إلى لبنان ملتمسين الأمان. وأوضحت معوض قائلة: "كانوا من بين أكثر الفئات تضرراً من هذا الشيء لأن ما حدث لهم هنا أثار ذكريات تجاربهم السابقة".

وبينما ولدت منار نفسها في لبنان ولم تختبر الصراع في سوريا، فإن صغر سنها يمثل تحدياً علاجياً في حد ذاته.

وقالت معوض: "عندما يتعرض الشخص لأحداث صادمة في سن مبكرة، يكون من الصعب علاجه لأنه حدث في سن لا يستطيع فيه التعبير عن نفسه بشكل جيد. لهذا السبب فإننا نحاول إقناع [منار] بالتعبير عن نفسها من خلال الرسم والعزف، ونستخدم الموسيقى في بعض الأحيان".

تقول فهيمة أنها لاحظت بعد ثلاث جلسات فقط تغيراً إيجابياً في منار عندما تكون مع الطبيبة النفسية، لكنها لا تزال تعود إلى سلوكها الذي يطغى عليه الخوف بمجرد عودتها إلى المنزل.

وقالت فهيمة: "تجعلها الطبيبة تشعر بالأمان وأن الانفجار بات من الماضي ولن يتكرر. لكنني أشعر بأنها عندما تعود إلى المنزل، تنسى ما حدث [عند الطبيبة] وتعود إلى سلوكها".

وقالت معوض أنه كان من الصعب التكهن بالمدة التي ستستغرقها عملية التعافي، لكن حقيقة أن فهيمة طلبت المساعدة في وقت مبكر ستجعل الأمر أسهل: "إذا لم يتم علاج مشاكل الصحة النفسية، فإنها ستنمو مع الفرد وسيصبح من الصعب [التغلب عليها]. اعتماداً على تجاوب [منار] وعلى كيفية تعامل الوالدين مع الموقف ... فإن الأمور تستغرق وقتاً طويلاً، ولا يمكننا تحديد المدة. لكنها ستستفيد بالتأكيد".

"عندما أرى أحد الأخصائيين النفسيين، أشعر أن هناك أملاً"

وبينما تمت إحالة منار مباشرة إلى أخصائية الصحة النفسية، فإن العديد من اللاجئين الآخرين أقل حظاً، حيث أنه غالباً ما تتجاوز الاحتياجات النفسية للاجئين مقدرات نظام الصحة النفسية في البلدان المضيفة، بما في ذلك لبنان.

واستجابة لذلك، تبنت المفوضية وشركاؤها طرقاً أخرى لمحاولة زيادة عدد الأشخاص الذين يمكنهم مساعدتهم، من خلال تدريب شبكات اللاجئين للعمل كمتطوعين في مجال التوعية المجتمعية، على سبيل المثال، حيث بإمكانهم تقديم الدعم العاطفي الأساسي للآخرين وإحالة الحالات الأكثر حرجاً للمزيد من العلاج عند الحاجة.

على الرغم من وصف نفسها بأنها حزينة بسبب التغييرات التي طرأت على منار، إلا أن فهيمة عبرت عن سعادتها للفرصة التي أتيحت لابنتها لحصولها على المساعدة المتخصصة لابنتها، وهي نفسها تسعى للحصول على المساعدة من الصدمة الكبيرة التي عانت منها هي أيضاً. كما أنها ترفض فكرة الوصم بالعار حول طلب المساعدة في قضايا الصحة النفسية: "حزني على ابني والوضع في سوريا، والآن مع الوضع الذي تعاني منه منار، فقد تغيرت كثيراً. أحياناً لا أنام في الليل وعندما أرى أحد الأخصائيين النفسيين، أشعر أن هناك أملاً وأنه من الممكن أن يحسن وضعنا".