نقص التمويل يهدد حياة لاجئ سوري شاب مصاب بفشل كلوي
يرقد عبد الرزاق البالغ من العمر 14 عاماً على سرير في مستشفى في سهل البقاع في لبنان مجبراً نفسه على احتساء كوب من الشاي الحلو بلون العنبر، حيث تساعد السوائل جسمه الهزيل خلال جلسة طويلة من جلسات غسيل الكلى التي تمتد على مدى ثلاث ساعات.
وقال اللاجئ الشاب القادم من مدينة حلب في سوريا، والذي يحتاج جسمه إلى ثلاث جلسات أسبوعية ليستمر في عمله: "أشعر بالتعب وأستفرغ وأصاب بدوار وينخفض ضغط الدم عندي في بعض الأحيان".
يعاني عبد الرزاق من فشل كلوي، وهي حالة لازمته منذ الولادة. وطوال معظم سنواته الأربعة عشر، واظب على تناول الأدوية للبقاء على قيد الحياة. ولكن حالته ساءت منذ أن اضطر للفرار من سوريا مع والديه قبل سبع سنوات. وبالرغم من فوائد جلسات الغسيل الكلوي المنهكة والتي تجري في مستشفى محلي في شمال البقاع، إلا أنه معرض لفقدان العلاج الوحيد الذي يبقيه على قيد الحياة.
تبلغ تكلفة كل جلسة غسيل كلى في لبنان حوالي 100 دولار أمريكي، وهو مبلغ يستحيل على عائلة عبد الرزاق تغطيته ثلاث مرات في الأسبوع، نظراً لأن والده محمد غير قادر على العمل بسبب حالة صحية حادة أخرى.
ويوضح محمد قائلاً: "زوجتي تعمل في مجال التنظيف والزراعة لإطعام الأولاد، لكن هذا لا يكفي". ومنذ عام 2017، دأبت الجمعية الطبية السورية الأمريكية “SAMS” على تمويل علاج عبد الرزاق، لكن هذه المنظمة غير الحكومية تواجه ضائقة في التمويل هذا العام.
يستضيف لبنان حالياً أكثر من 990,000 لاجئ سوري مسجل، يقيم الكثير منهم هناك منذ السنوات الأولى للصراع السوري الدائر منذ سبع سنوات، ويعيش أكثر من نصفهم في فقر مدقع وعلى أقل من 2.87 دولار أمريكي في اليوم، في وقت يصارع فيه لبنان من أجل تغطية التكاليف الإضافية المترتبة على استضافة عدد من اللاجئين يعادل ربع مجموع سكانه.
وعلى الرغم من أن المفوضية تقدم من خلال شركائها مجموعة واسعة من خدمات الرعاية الصحية المدعومة للاجئين السوريين المسجلين في لبنان، إلا أنها غير قادرة على تغطية تكاليف العلاج المتكرر في المستشفيات للأمراض المزمنة كالسرطان والفشل الكلوي.
ووجدت دراسة حديثة أجرتها المفوضية أن 20% من اللاجئين السوريين في لبنان، ممن هم بحاجة إلى رعاية صحية ثانوية أو ثالثة، لم يتمكنوا من الحصول عليها في عام 2017. وقد أفاد ثلثا هؤلاء بأن السبب الرئيسي وراء ذلك هو عدم قدرتهم على تلبية تكاليف العلاج أو النقل.
"لا أستطيع العودة إلى سوريا في هذا الوقت لتوفير العلاج له. الأمر خطير للغاية".
وتعيش حليمة، والدة عبد الرزاق، في وضع أشبه بالكابوس بسبب احتمال خسارة العائلة للدعم المالي الذي يعتمدون عليه لعلاج عبد الرزاق. تقول والدموع تنهمر من عينيها: "أفكر بالأمر ليل نهار، ولكن ما الذي يمكنني فعله كي أساعده؟ لا يمكنني فعل الكثير ولا أستطيع العودة إلى سوريا في هذا الوقت لتوفير العلاج له. الأمر خطير للغاية".
هناك الآن 218 لاجئاً سورياً ممن هم بحاجة لغسيل الكلى في لبنان. ومنذ شهر فبراير 2017، قام عدد صغير من المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك “SAMS” وبالتنسيق مع المفوضية بتغطية تكاليف العلاج لبعض ممن هم بحاجة للمساعدة.
ولكن مع نفاد تمويل بعض المنظمات غير الحكومية هذا العام، فإن 121 مريضاً فقط تمكنوا من ضمان العلاج لأنفسهم حتى نهاية عام 2019. أما الباقون فيواجهون خطر فقدان الحصول على الجلسات ما لم يتم توفير موارد إضافية.
وأوضحت منى كيوان، مسؤولة الصحة العامة في المفوضية قائلة: "هناك 97 مريضاً مهددون بفقدان علاجهم المنقذ للحياة ما لم يتم تأمين الأموال اللازمة لتغطية تكاليف العلاج وهو ما سيؤثر سلباً على حياتهم وصحتهم - إنها مسألة حياة أو موت".
في المنزل، يرفض عبد الرزاق التخلي عن الأمل. وعلى الرغم من حالته الصحية الهشة، إلا أن يعمل على ماكينة خياطة منحتها له سيدة لبنانية، لمساعدة أمه على تلبية احتياجاتها.
يقول عبد الرزاق بفخر بينما يمسك وسادة كبيرة باذنجانية اللون: "أخيط أغطية الوسائد وأنقلها إلى السوق مع أخي وأبيعها. وفي أحد الأيام سأعود إلى سوريا لأصبح خياطاً مشهوراً".