إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

"ما بعد الجسر الجوي": تعليق إخباري منسوب إلى المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي

بيانات صحفية

"ما بعد الجسر الجوي": تعليق إخباري منسوب إلى المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي

عمليات الإجلاء من كابول تشرف على الانتهاء، وهناك أزمة أكبر قد بدأت للتو.
30 أغسطس 2021 متوفر أيضاً باللغات:
612ca2924.jpg
أجبرت أعمال العنف في عام 2021 حتى الآن أكثر من 550 ألف أفغاني على الفرار بحثاً عن الأمان والمأوى في أماكن أخرى داخل بلادهم، 80% منهم من النساء والأطفال، فيما الاحتياجات الإنسانية ماسة.

يتسبب الهروب من البلد الذي يولد فيه الشخص إحساساً مروعاً بالخسارة. وقد أثارت المشاهد التي التقطت في مطار كابول في الأيام القليلة الماضية فيضاً من التعاطف في جميع أنحاء العالم إزاء الخوف وحالة اليأس التي يعيشها آلاف الأفغان. ولكن عندما تتلاشى هذه الصور من شاشاتنا، سيبقى هناك الملايين ممن يحتاجون إلى المجتمع الدولي للتحرك.

وفي معرض حثه طالبان وجميع الأطراف الأخرى على الالتزام بصون حقوق الإنسان، وخاصة حقوق النساء والفتيات، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أن العالم سوف يراقب. لكن حتى الآن، فقد كان تركيزنا ضيقاً للغاية. لا شك بأن جهود الإجلاء قد أنقذت عشرات الآلاف من الأرواح، وهذه الجهود جديرة بالثناء. ولكن عندما ينتهي الجسر الجوي والضجة الإعلامية، ستبقى الغالبية العظمى من الأفغان، أي حوالي 39 مليون شخص، داخل أفغانستان. إنهم بحاجة إلينا – نحن الحكومات والعاملين في المجال الإنساني والمواطنين العاديين - لنبقى معهم ونواصل المسار.

نزح حتى الآن حوالي 3.5 مليون شخص جراء العنف داخل البلاد – منهم أكثر من نصف مليون منذ بداية هذا العام. ليس لدى معظمهم قنوات نظامية لالتماس الأمان. وفي خضم حالة طوارئ واضحة، ومع وجود الملايين من الأشخاص ممن هم بحاجة ماسة للمساعدة، لا تزال الاستجابة الإنسانية داخل أفغانستان تعاني من نقص شديد في التمويل. لا يزال بعض الأفغان في عداد النازحين داخلياً، بينما بدأ آخرون بالعودة إلى ديارهم بعد القتال. جميعهم يعتمدون على البرامج الإنسانية التي تحتاج إلى توسيع نطاقها وتسريع عملها.

سيحتاج بعض الأفغان لا محالة إلى التماس الأمان عبر حدود البلاد، ويجب أن يكونوا قادرين على ممارسة حقهم في طلب الحماية الدولية، ويجب إبقاء الحدود مفتوحة لهم لهذا الغرض. أما البلدان المجاورة لأفغانستان والتي تستقبل لاجئين منذ عقود، فهي بحاجة إلى دعم أكبر. يمكن أن تواجه هذه البلدان الآن تدفقات جديدة من أفغانستان مع استمرارها في استضافة لاجئين أفغان ممن تضاءلت آفاق عودتهم، بالإضافة إلى آخرين ممن يحتمل أن يكونوا قد غادروا لأسباب عائلية أو تجارية أو لأسباب صحية، لكنهم لم يعد بإمكانهم الآن العودة بأمان.

على مدى أربعة عقود، استضافت باكستان وإيران ملايين اللاجئين الأفغان. وفي حين عادت أعداد كبيرة إلى ديارها بعد عام 2001 على أمل الحصول على مستقبل أفضل، لا يزال هذان البلدان يستضيفان حوالي 2.2 مليون لاجئ أفغاني مسجل – وهو ما يقرب من 90% من إجمالي عدد اللاجئين الأفغان. وبينما نواصل الدعوة إلى فتح الحدود، يجب على المزيد من البلدان تقاسم هذه المسؤولية الإنسانية، على الأقل بالنظر إلى الحالة الحرجة التي تواجهها جمهورية إيران الإسلامية وهي تجابه التحدي الذي يمثله الوباء.

سيحتاج اللاجئون أيضاً إلى حلول طويلة المدى. قد تعود الغالبية العظمى طواعية عندما تكون الظروف مناسبة وفي الوقت الذي يختارونه. وعلى سبيل المقارنة، فإن إعادة التوطين في بلدان ثالثة - وهي فرصة للأشخاص الأكثر ضعفاً لإعادة بدء حياتهم في بلد جديد - هو خيار يتوفر لنسبة ضئيلة فقط من لاجئي العالم. ومع ذلك، حتى بالنسبة لهذه المجموعة، وبعد 40 عاماً من الصراع الذي لا هوادة فيه في أفغانستان، فضلاً عن أزمات النزوح الأخرى حول العالم، فقد كان عدد أماكن إعادة التوطين المتوفرة غير كافٍ إلى حد مؤسف. هناك حاجة ماسة إلى المزيد من خيارات إعادة التوطين، فهي مهمة للغاية، ليس من أجل إنقاذ الأرواح فحسب، بل أيضاً كدليل على حسن النية ودعم تلك البلدان التي تحملت القدر الأكبر من المسؤولية تجاه اللاجئين.

بينما يرحب الناس في جميع أنحاء العالم بالأفغان في مجتمعاتهم ومنازلهم، لا يمكننا أن ننسى أولئك الذين تخلفوا عن الركب. يجب أن نلبي الاحتياجات الإنسانية الحرجة في أفغانستان وفي بلدان المنطقة، ويجب أن تكون استجابتنا متينة وعاجلة. إن الوقوف إلى جانب شعب أفغانستان يعني الوقوف إلى جانبهم جميعاً، سواء التمسوا الأمان في الخارج أو كانوا يعانون من أجل تدبر أمورهم المعيشية في وطنهم. أولئك الذين هرعوا من أجل الحصول على مكان لهم في رحلات الإجلاء من مطار كابول هم أنفسهم أولئك الذين قد يقتربون من حدودنا في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة. لقد أظهرنا التعاطف والتضامن مع الأفغان خلال الأيام القليلة الماضية، ودعونا نواصل القيام بذلك. هذا هو الوقت المناسب لنا للوفاء حقاً بالدعوة إلى التعاون الدولي كما تم التعبير عن ذلك في اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وكما تم التأكيد عليه مجدداً في الميثاق العالمي بشأن اللاجئين.

سوف تنتهي عمليات النقل الجوي من كابول في غضون أيام، ولن تكون المأساة التي وقعت بعد الآن ظاهرة للعيان بعد ذلك، لكنها ستبقى حقيقة يومية لملايين الأفغان. يجب ألا ندير ظهورنا، فقد بدأت للتو أزمة إنسانية أكبر بكثير.