إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

اللاجئون عبر العالم العربي يطالهم التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا

قصص

اللاجئون عبر العالم العربي يطالهم التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا

سوف يكون أسوأ المتضررين أولئك الذين يعيشون على هامش المجتمع في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
1 مايو 2020 متوفر أيضاً باللغات:
5eac06371.jpg
اللاجئ السوري فرهاد، والعاطل عن العمل حالياً، يجلس في خيمته في مخيم بردرش في دهوك، إقليم كردستان العراق.

قبل شهرين، بدأت الحياة تبتسم أخيراً لمصعب، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 33 عاماً ويعيش في صفاقس، ثاني أكبر المدن في تونس. فقد استخدم مؤخراً مدخراته لتأسيس مطعم للكباب وكان يتطلع لكسب ما يكفي من المال للزواج من حبيبته. وفي أوائل شهر مارس، وصل فيروس كورونا ليربك العالم بأسره.


وقد ساعدت إجراءات الإقفال على احتواء انتشار الفيروس، حيث تم الإبلاغ عن أقل من 1,000 حالة مؤكدة في جميع أنحاء البلاد. لكن التبعات المالية كانت شديدة على التونسيين واللاجئين مثل مصعب.

وأوضح مصعب، الذي اضطر لإغلاق مطعمه وتعليق أحلامه في الزواج: "ليس لدي دخل الآن لأنني افتتحت المطعم قبل نحو شهر من الأزمة".

بادرت المفوضية من أجل التخفيف من حدة الصدمة من خلال منحه 500 دينار تونسي (173 دولار أمريكي) كمساعدة طارئة، لكن مصعب يخشى مما قد يحدث إذا استمرت الأزمة.

"أكثر ما أخشاه إذا استمرت الأزمة هو تراكم الديون التي لا أستطيع سدادها"

وقال: "أكثر ما أخشاه إذا استمرت الأزمة هو تراكم الديون التي لا أستطيع سدادها، كالإيجارات المترتبة على منزلي ومطعمي. بصراحة، أخاف من مجرد التفكير في الأمر".

من المرجح أن ينخفض ​​النمو الاقتصادي العالمي إلى النصف بسبب تعطل الأعمال التجارية الناجمة عن فيروس كورونا، وهو ما أدى إلى وقوع من 40 إلى 60 مليون شخص إضافي في فقر مدقع في جميع أنحاء العالم، وذلك وفقاً لتوقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبنك الدولي. وسوف يكون أسوأ المتضررين أولئك الذين يعيشون على هامش المجتمع في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، حيث يعيش فيها أكثر من 85% من لاجئي العالم حالياً.

هذا الواقع القاسي يحدث الآن في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي تستضيف، إلى جانب تركيا، أكثر من ستة ملايين لاجئ وما يزيد عن 10 ملايين نازح داخلياً إثر فرارهم من العنف في سوريا واليمن وغيرهما.

في العديد من الدول الرئيسية المضيفة للاجئين في المنطقة مثل مصر والعراق والأردن، أفاد عدد كبير من اللاجئين بأنهم فقدوا مصادر دخلهم الرئيسية. ففي الأردن، كان التأثير على النساء اللاجئات بالغاً، حيث ذكرت كل من كانت تعمل تقريباً بأن مصادر دخلهن قد تعطلت.

بالنسبة للاجئ السوري نعيم، والذي يعيش مع عائلته في العاصمة الأردنية عمّان منذ اضطرارهم لمغادرة دمشق في عام 2014، فقد جاءت الأزمة الحالية في أسوأ الأوقات.

يعمل نعيم كبلاط في مواقع البناء، ويعتمد على كسب ما يكفي خلال الأشهر الأكثر دفئاً عندما تكون الوظائف وفيرة لجني بعض المال لبقية العام. وقد أدت حالة الإقفال في الأردن لعدم تمكنه من العمل لأكثر من شهر.

وأوضح نعيم، قائلاً: "لقد أمضينا ستة أعوام في الأردن ولم اضطر لطلب المساعدة. ولكن في الوقت الذي ينبغي أن أعمل فيه أكثر، لا يوجد عمل الآن".

"في الوقت الذي ينبغي أن أعمل فيه أكثر، لا يوجد عمل الآن"

أكثر ما يثير مخاوفه هو ما يمكن أن يحدث إذا لم يتمكن من دفع 200 دينار أردني (282 دولاراً أمريكياً) وهو الإيجار المستحق عليه بحلول نهاية الشهر.

وقال نعيم: "أعرف الكثير من السوريين الذين لم يتمكنوا من تسديد إيجاراتهم ولم يكن أمام أصحاب العقارات خيار سوى تقبل الوضع، لكن مالك العقار لدينا قال بأن ذلك غير ممكن. وإذا لم نتمكن من دفع الإيجار هذا الشهر، فسوف يتعين علينا البحث عن مكان أرخص للعيش فيه".

وقد أبلغ اللاجئون في الجزائر ومصر والعراق ولبنان وليبيا وموريتانيا وتونس عن زيادة في حالات الإخلاء أو التهديد بالإخلاء.

في لبنان، والذي كان يواجه تباطؤاً اقتصادياً قبل الوباء، أفاد أكثر من نصف اللاجئين الذين شملهم الاستطلاع الذي أجرته المفوضية في أواخر شهر أبريل بأنهم فقدوا سبل عيشهم كالعمل بأجر يومي. ومن بين اللاجئين الذين تم التحدث معهم، أفاد 70% بأنهم اضطروا لخفض مستوى استهلاكهم للطعام بسبب نقص المال.

وقالت حسناء حربي، وهي أم عزباء من حمص في سوريا وتعيش في مخيم عشوائي في وادي البقاع اللبناني: "نحن نعيش على الخضار منذ فترة". وتعتمد أسرتها على الأجور التي يتقاضاها ولداها الأكبر سناً (20 و 16 عاماً)، من أجل البقاء، لكن دخل العائلة تضاءل إلى الصفر تقريباً منذ تطبيق إجراءات الإقفال في شهر مارس.

وأضافت حسناء: "تدهور الوضع في الشهر الماضي، حيث بدأت أطبخ حصصاً صغيرة من الطعام. نشتري أقل من قبل ونأكل كميات أقل. أشتري الخبز بالدين من المتجر".

"أطبخ حصصاً صغيرة من الطعام. نشتري أقل من قبل ونأكل كميات أقل. أشتري الخبز بالدين من المتجر"

تبذل المفوضية قصارى جهدها لتعويض أسوأ تبعات الأزمة عن طريق تقديم منح نقدية طارئة لمن هم في أمس الحاجة إليها. في بعض البلدان، يشمل ذلك أفراد المجتمعات المضيفة الذين يجدون أنفسهم في ظروف صعبة مماثلة.

في حين أن اللاجئين القادرين على العثور على عمل غالباً ما يعتبرون من بين الأكثر حظاً، إلا أن فقدانهم المفاجئ للدخل والإنفاق المرتبط به سيكون له تأثير كبير على عدد أكبر من اللاجئين والمجتمعات المحلية التي يساعدون في دعمها.

كما أن ذلك من شأنه أن يزيد الاعتماد على الموارد الإنسانية المنهكة أصلاً كالمساعدة النقدية، مما يتطلب زيادة في التمويل من طرف الجهات المانحة لدعم اللاجئين وكذلك المجتمعات الضعيفة التي تستضيفهم.

أُجبرت منى، وهي لاجئة صومالية تبلغ من العمر 33 عاماً وتعيش في العاصمة اليمنية صنعاء، على إغلاق صالون التجميل الصغير الخاص بها الشهر الماضي في الفترة التي تسبق موسم الزفاف الحافل. ومع اعتماد ابنها وخمسة أقارب آخرين لها على دخلها اليومي المنتظم والبالغ ما بين 3,000 إلى 6,000 ريال يمني (6-12 دولاراً أمريكياً) لتغطية احتياجاتهم الأساسية، فإن توقف مصادر الدخل من شأنه أن يجعلهم من المعوزين.

وقالت منى: "بسبب فيروس كورونا، فقدنا مصدر دخلنا مما جعلنا نعتمد على الآخرين. لا يوجد شيء أفضل من امتلاك عملك الخاص وهو ما يجعلك تشعر بالاعتماد على الذات وبالقوة. الصالون هو الأمل الوحيد لعائلتي".

داخل سوريا، حيث هناك ما يقرب من 6.1 مليون شخص نازح داخلياً و 11 مليون شخص ممن هم بحاجة للمساعدة الإنسانية، فإن فقدان الدخل وارتفاع أسعار المواد الغذائية الناجم عن الأزمة الصحية الحالية يؤديان إلى تفاقم الوضع الحرج أصلاً.

نزح ربيع، البالغ من العمر 45 عاماً، وعائلته عدة مرات بعدما تعرض منزلهم للدمار في شرق حلب عام 2012. وفي عام 2016، بعد أن استقر أخيراً في حي آخر، استأنف ربيع العمل في صناعة النسيج في المدينة. ولكن مع إغلاق المصنع منذ أوائل مارس، فقد نفد منه المال بسرعة وكذلك الخيارات.

وقال ربيع: "عندما أذهب إلى السوق، أقف هناك في حالة من الذعر ولا أعرف ماذا أشتري. مع القليل من المال وارتفاع الأسعار بشكل كبير، أشتري قطعة واحدة من الخضروات في كل مرة، أما [شراء] اللحوم فهو أمر لا يمكن التفكير فيه الآن".

ويعتبر العاملون في المجالات غير الرسمية من بين الأكثر تعرضاً للخطر خاصة عندما تنهار مصادر الدخل الهشة. وبحسب تقديرات منظمة العمل الدولية هذا الأسبوع فإن ما يقرب من 1.6 مليار عامل في ميادين العمل غير الرسمية تكبدوا أضراراً جسيمة من حيث قدرتهم على كسب لقمة العيش.

ومن بين هؤلاء طالب الهندسة السابق محمد، والذي فر من الصراع في دارفور، السودان في عام 2016 ويعيش الآن في موقع لكب النفايات في العاصمة الليبية طرابلس، حيث يكسب هو ومجموعة من الأصدقاء 2-5 دولارات في اليوم لقاء جمع النفايات القابلة لإعادة التدوير.

ومع عدم قدرته على أخذ ما يجمعونه للبيع بسبب حالة الإقفال المفروضة على مستوى المدينة، يشعر محمد بأنه ليس لديه خيار آخر سوى البحث عن طريق محفوف بالمخاطر للخروج من ليبيا.

وقال: “ارتفعت أسعار المواد الغذائية والإيجارات، وفي بعض الأحيان، لا نستطيع حتى الذهاب إلى السوق حيث يُنظر إلينا على أننا مصابون بالمرض لكوننا أجانب". وأضاف: "سأحاول العبور مرة أخرى إلى أوروبا. حاولت العبور مرتين في الماضي وفشلت. انتهى بي الأمر في مراكز الاحتجاز في كل مرة. لكنني آمل أن أنجح هذه المرة".

ساعد التدفق المستمر للتحويلات من الخارج الأسر في جميع أنحاء المنطقة على تدبر أمورها، ولكن بالنظر إلى الطبيعة العالمية للأزمة الحالية، فإن حتى تلك المصادر قد بدأت تجف الآن.

"أثر حظر التجول الحالي سلباً علينا جميعاً، ولا يمكنني الآن الخروج من المخيم للعمل"

بالنسبة للآخرين، لا يوجد خيار سوى الانتظار وعقد الأمل في أن تخفف القيود المفروضة قريباً. يعيش اللاجئ السوري فرهاد مع عائلته في مخيم بردرش للاجئين في إقليم كردستان العراق. قبل الأزمة، كان فرهاد يغادر المخيم كل صباح للعمل في مواقع للبناء مقابل 18 دولاراً أمريكياً في اليوم.

وقال: "أحب العمل والاعتماد على نفسي. لقد أثر حظر التجول الحالي سلباً علينا جميعاً، ولا يمكنني الآن الخروج من المخيم للعمل".

حصل هو وآخرون في المخيم على منح نقدية من المفوضية للمساعدة في تغطية احتياجاتهم الأساسية خلال فترة الإقفال، لكن اللاجئين يفعلون أيضاً ما بوسعهم لمساعدة بعضهم البعض.

وأوضح فرهاد أن "أولئك الذين ادخروا المال في أيامهم اليسيرة ينفقونها الآن ويدعمون المحتاجين. سوف يستردون أموالهم عندما تعود الحياة لطبيعتها ويتم رفع حظر التجول. هكذا تسير الأمور هنا، كالاخوة والأخوات، اللاجئون يدعمون بعضهم البعض".

شارك في إعداد القصة كيارا ماريا كافالكانتي في تونس، وليلي كارليزل في عمّان، ووردة الجواهري في بيروت، ومنى الحاج في صنعاء، وحميد معروف في دمشق، وطارق أركاز في طرابلس، ورشيد حسين رشيد في مخيم بردرش للاجئين في إقليم كردستان العراق. كتب القصة تشارلي دونمور.