إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

الصراع والوباء يدفعان المزيد من الأشخاص للشروع في رحلات بحرية خطيرة من ليبيا

قصص

الصراع والوباء يدفعان المزيد من الأشخاص للشروع في رحلات بحرية خطيرة من ليبيا

في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، اعترض خفر السواحل الليبي 3,078 لاجئاً ومهاجراً في البحر.
15 مايو 2020 متوفر أيضاً باللغات:
5eb3e1b63.jpg
موظفو المفوضية يوزعون المياه المعبأة على اللاجئين والمهاجرين الذين تم اعتراض سفينتهم وهم يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط وعادوا إلى ليبيا في 9 أبريل.

لطالما كانت حياة صدّيق* البالغ من العمر 18 عاماً، مشوبة بالعنف والمشقة والنزوح حتى قبل أن يعي أي شيء. فقد كان مجرد طفل رضيع عندما أجبر القتال في منطقة دارفور بالسودان عائلته على مغادرة منزلهم، ولم يكن قد تجاوز السبعة أعوام عندما فقد والدته جراء النزاع.


عندما كبر، استأنف دراسته على أمل الالتحاق بالجامعة والتمكن على إعالة أشقائه الثلاثة ووالده الضرير. ولكن عندما جاءت الجماعات المسلحة إلى مدرسته لتجنيد الفتيان بالقوة من أجل القتال، فر إلى منزله تاركاً تعليمه إلى الأبد.

دفعته حالة اليائس من أجل إيجاد طريقة لوضع لقمة على مائدة الأسرة على مغادرة دارفور في سن السادسة عشرة. لم يكن بحوزته سوى القليل من المال وهدف واحد وهو العثور على عمل بأسرع وقت وإرسال المال إلى أسرته.

وقال صديق عن أشقائه الأصغر سناً: "أردت أن أسافر لكي أتمكن من إعالتهم، حتى يتمكنوا من الحصول على التعليم، لا أن يكونوا مثلي. أريدهم أن يعيشوا حياة أفضل مما هي عليه حياتي الآن".

قادته رحلته إلى ليبيا، حيث كان على موعد مع مأساة جديدة. فبعد فترة وجيزة من وصوله إلى البلاد، تم احتجاز صدّيق. وفي يوليو من العام الماضي، كان في مركز احتجاز تاجوراء عندما تعرض المركز لسلسلة من الغارات الجوية التي استهدفت أحد المآوي التي كان يعيش فيها مع أكثر من 150 رجلاً آخر. وقد قتل العديد من الأصدقاء الذين تعرف عليهم أو أصيبوا خلال القصف الذي أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصاً.

بعد أشهر من محاولته الفاشلة لإعالة نفسه في طرابلس وفي وقت كان ما زال مصمماً على البحث عن حياة أفضل له ولعائلته، تمكن صدّيق من توفير ما يكفي من المال للمخاطرة في عبور البحر المتوسط نحو أوروبا.

هناك أكثر من 46,000 لاجئ وطالب لجوء من المسجلين حالياً في ليبيا، ويواجه الكثيرون منهم حالة خطيرة من انعدام الأمن وعدم الاستقرار ومن ظروف اقتصادية صعبة وخطر الاستغلال والإساءة من قبل العصابات الإجرامية والمجموعات المسلحة.

إلى جانب التصعيد الحاد في القتال الذي شهدته البلاد خلال الشهر الماضي، تم تسجيل أولى الحالات المؤكدة لفيروس كورونا. وقد أدى ذلك إلى فرض قيود أكثر صرامة على الحركة، مما جعل من شبه المستحيل على اللاجئين وطالبي اللجوء العثور على عمل، في حين ارتفعت تكلفة المواد الغذائية والإيجار.

ويُعتقد بأن يكون هذا المزيج من العوامل هو الذي يدفع المزيد من الأشخاص على المخاطرة بحياتهم عبر البحر المتوسط. في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، اعترض خفر السواحل الليبي 3,078 لاجئاً ومهاجراً في البحر، مقارنة بـ 1,126 في نفس الفترة من العام الماضي.

وذات ليلة قبل بضعة أسابيع، وجد صدّيق نفسه وهو يرتجف في الظلام بعدما تاه القارب المطاطي الضعيف الذي انحشر فيه مع أكثر من 70 شخصاً آخر في البحر الهائج. وطوال أيام، تشبث جميع الركاب بحياتهم وهم يعانون من الجفاف والجوع والخوف.

وبعد خمسة أيام قضوها في عرض البحر، جاءت سفينة لمساعدتهم، ولكن سرعان ما تحول ابتهاجهم إلى حالة من اليأس عندما أدركوا بأنها سفينة تابعة لخفر السواحل الليبي، لتعيدهم إلى طرابلس مع أكثر من 150 لاجئاً ومهاجراً ممن كانوا على متن تلك السفينة والذين تم اعتراضهم من خلال ثلاثة قوارب أخرى في نفس الصباح.

"الطريق مسدود للاجئين وطالبي اللجوء ... في هذا البلد، لا يوجد مستقبل لنا"

عندما رست السفينة أخيراً في طرابلس، لم يكن مصرحاً لهم بالنزول على الفور حيث اضطروا للانتظار على متنها لعدة ساعات. وقد وزع موظفو المفوضية وشريكها الطبي لجنة الإنقاذ الدولية المياه عليهم وقدموا لهم المساعدة الطبية الطارئة للحالات الأكثر إلحاحاً. ولكن مع حلول الليل، بقي الجميع على متن السفينة.

خلال الساعات القليلة التالية، وجد صدّيق نفسه مرة أخرى عالقاً في خضم العنف، وقال: "شهد الميناء قصفاً عنيفاً خلال الليل. حاولنا الهروب لكننا لم نستطع".

وفي نهاية المطاف، تم نقلهم إلى منشأة قريبة بانتظار نقلهم في صباح اليوم التالي إلى مركز للاحتجاز. لكن صدّيق كان عازماً على تجنب العودة إلى الاحتجاز بأي ثمن. وخلال لحظات وجيزة لم تكن هناك حراسة في المكان، استخدم صدّيق وآخرون ما بتقى لديهم من طاقة للفرار.

يعيش صدّيق الآن مع العديد من الأشخاص الآخرين في غرفة واحدة في المدينة القديمة لطرابلس، وهو متشائم بشأن ما يخبئه له المستقبل، حيث يقول وتبدو عليه علامات الاكتئاب وهو ينتظر تلقي المساعدة النقدية في مركز سراج للتسجيل التابع للمفوضية في طرابلس للمساعدة في تغطية تكاليف الإيجار والطعام: “إن ليبيا طريق مسدود بالنسبة للاجئين وطالبي اللجوء. لقد غادرت بلدي طالباً الحماية وكذلك التعليم لأشقائي ولمساعدة والدي، ولكن في هذا البلد، لا يوجد مستقبل لنا".

يتمسك العديد من اللاجئين وطالبي اللجوء بأمل أن يتم منحهم الأولوية لإعادة التوطين من خلال رحلات الإجلاء خارج ليبيا. ولكن مع وجود فرص محدودة لإعادة التوطين لعدد ضئيل من اللاجئين في ليبيا وحول العالم على حد سواء، فقد تلاشى هذا الأمل الخافت بعدما أغلقت البلدان حدودها في سعيها لمكافحة فيروس كورونا.

وقال صدّيق: "لا يمكننا العودة إلى بلادنا ولكن لا يمكننا البقاء هنا أيضاً. لو كانت الظروف عادية لبحثت عن عمل وألتحقت بالمدرسة، لكن حتى جيراننا الليبيين ينتابهم اليأس أكثر فأكثر بشأن الوضع المتدهور في بلادهم".

وقد اعترف رئيس بعثة المفوضية في ليبيا، جان بول كافالييري، بأن الوضع المتدهور في ليبيا يجبر الكثيرين على اتخاذ خيارات جذرية، وقال: "إن فيروس كورونا والقيود المفروضة على الحركة المستمرة المرتبطة به، إلى جانب النزاع المتفاقم دون هدنة إنسانية، سوف يضع المزيد الاشخاص في حالة من الفقر المدقع في ظل موارد شحيحة من أجل البقاء".

وسط تدهور الأوضاع الأمنية، بالإضافة إلى القيود المفروضة على الحركة بسبب فيروس كورونا، قدمت المفوضية خلال الأسبوعين الماضيين مساعدات طارئة لنحو 3,500 لاجئ في ليبيا ونازح داخلي.

وقد وفرت حزمة المساعدات الدعم لحوالي 1,600 لاجئ في المناطق الحضرية، وأكثر من 700 لاجئ من المحتجزين، وما يقرب من 1,500 نازح ليبي في مواقع مختلفة في جميع أنحاء ليبيا، حيث اشتملت على ما قيمته شهر واحد من المواد الغذائية ومستلزمات النظافة.

وأضاف كافالييري: "نحن نفعل كل ما في وسعنا. تجري المفوضية المزيد من عمليات التوزيع الطارئة خلال شهر رمضان. ومع ذلك، من المرجح أن تدفع حالة اليأس المزيد من اللاجئين على المخاطرة بحياتهم، والشروع في رحلات غير نظامية وخطيرة عن طريق البحر".

*تم تغيير الاسم لأسباب تتعلق بالحماية.