إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

متطوعون فرنسيون يساهمون في غرس الأمل بين اللاجئين في كاليه

بيانات صحفية

متطوعون فرنسيون يساهمون في غرس الأمل بين اللاجئين في كاليه

ثلاثة متطوعين فرنسيين – رجل متقاعد ورسامة وطالب هندسة – يؤمنون الاتصال بشبكة الإنترنت والأنشطة الفنية والمأوى للاجئين والمهاجرين.
3 سبتمبر 2015
55e8224e6.jpg
المتطوعة نادين ميغار البالغة من العمر 60 عاماً، من كاليه، ترقص مع لاجئ أفغاني في ما يسمى بـ الغابة بالقرب من كاليه في فرنسا.

على حلبة رقص مرتجلة في ما يعرف بـ"غابة" كاليه في فرنسا - حيث يأمل حوالي 3,000 لاجئ ومهاجر العبور إلى المملكة المتحدة - يتمايل عشرات السوريين على أنغام موسيقى تذكرهم بوطنهم الذي دمرته الحرب. ويشاركهم الرقص رفيق غير اعتيادي؛ رجل فرنسي متقاعد يرسم على وجهه ابتسامة عريضة ويتبع الإيقاع بصورة ملفتة.

يرفض دومينيك ميغار، البالغ من العمر 66 عاماً، من شمال شرق فرنسا، والذي كان يعمل أخصائياً في علوم الكمبيوتر، أن يتقاعد ببساطة. وفي الأشهر الأخيرة، ترك بصمته في "الغابة" كسفير ثقافي ومتعهد ومزود بخدمة الإنترنت في آنٍ معاً.

وأخبرني دومينيك: "في البداية، لم أرغب في القيام بذلك. لكن الآن لا يمكنني التوقف عن المجيء إلى هنا. فعندما ترى المشاكل هنا لا يمكنك التغاضي عنها. أن تتمتع بشعور إنساني يعني أن تكون إنساناً أولاً".

وكما يفعل كل يوم، أتى دومينيك اليوم، إلى الغابة ومعه زوج من المولدات الكهربائية لكي يتمكن السوريون والأفغان وغيرهم من شحن هواتفهم والتواصل مع عائلاتهم من خلال تطبيقات المراسلة كفايبر وواتس آب وفيسبوك. وأحضر معه مكبرات صوت لكي يصلوا هواتفهم بها ويشغلوا الموسيقى من منازلهم. واليوم سيعرض فيلماً بعنوان "آيس إيج" للأطفال اللاجئين والمهاجرين المقيمين في "الغابة" حيث يُعرف بـ"دوم دوم" أو "السيد طاقة".

ليس دومينيك المتطوع الفرنسي الوحيد الذي يقدم المساعدة هنا. فزوجته نادين أو "نانا" هي فنانة تحضر الألوان والفراشي لتعليم اللاجئين كيفية التعبير عن أنفسهم على القماش. وهناك أيضاً جوليان بيلار؛ طالب هندسة في العشرين من العمر، الذي يُحضر معه الخشب ويعمل مع المقيمين لبناء المآوي في المخيم.

يرحب هؤلاء المتطوعون باللاجئين والمهاجرين من خلال مساعدتهم في تحسين حياتهم اليومية ويوزعون عليهم أيضاً الطعام والملابس. وفي حين يحاول الكثير من اللاجئين والمهاجرين الوصول إلى المملكة المتحدة، يطلب البعض الآخر اللجوء في فرنسا. فحتى الآن خلال عام 2015، تم تقديم حوالي 1,000 طلب لجوء في كاليه. ويقول الأشخاص الذين يقيمون في "الغابة" أن هدفهم الأساسي هو إيجاد الحماية والأمان.

يعيش حوالي 3,000 لاجئ ومهاجر في كاليه ومعظمهم من سوريا وأفغانستان والسودان وإريتريا. ويقوم دومينيك بزيارتهم منذ العام الماضي. ويشرح مشيراً إلى المنطقة التي يقيم فيها اللاجئون والمهاجرون في كاليه ويقول: "في عام 2014، جرى إضراب عن الطعام في كيه دو لا موزيل". وبدأت زوجته نادين بإحضار المياه إليهم لكنها شعرت بأنها مضطرة إلى القيام بالمزيد. ويقول دومينيك: "ذهبنا في إجازة لزيارة ابننا في جنوب فرنسا وعندما عدنا طلبت مني زوجتي القدوم". رفض ذلك في البداية ولكنه اليوم لا يستطيع الابتعاد.

يغطي دومينيك ونادين البالغة من العمر 60 عاماً، بعض النفقات من مدخراتهما الخاصة ومدخولهما، ومن مساهمات الأصدقاء. ولقد جمعا أيضاً أكثر من 3,000 يورو من خلال برنامج Ulule المخصص لجمع التمويل على شبكة الإنترنت، مما سمح لهما بشراء مولد ثانٍ ومسيّر ثانٍ للإنترنت والاشتراك مع مزود بخدمة الإنترنت وتأمين الوقود للمولدات.

ويستضيف الزوجان أيضاً اللاجئين والمهاجرين في شقتهما في كاليه، لا سيما خلال فصل الشتاء.

ويتذكر دومينيك قائلاً: "في أحد الأيام، نادتني إحدى الممرضات التي تعمل في "الغابة" بعد أن دار شجار. وأخبرتني أن أحد اللاجئين يحتاج إلى الراحة. فأخذنا يوسف معنا لـ15 يوماً. لم يكن يتكلم اللغة الإنكليزية، لذا عزفت له الموسيقى. علّمنا يوسف الرقص وشجعنا على إدخال الموسيقى إلى الغابة. وشعرت أن مكبري الصوت الصغيرين الذين أملكهما ليسا مفيدين فأحضرت مضخّماً للصوت".

خلال فصل الشتاء، يستضيف دومينيك ونادين أحياناً ثلاثة إلى خمسة أشخاص في وقت واحد في منزلهما. "لدينا غرفة واحدة وفيها سرير واحد ولدينا فراش كبير وآخر نستخدمه عندما نذهب في عطلة وقد وضعناه في غرفة المعيشة".

وبحسب تقديرات الزوجين، تصل النفقات الشهرية لتأمين الوقود والاشتراك في خدمة الإنترنت والمساعدات الأخرى التي يحضرانها إلى اللاجئين والمهاجرين، 400 يورو شهرياً، كما أنهما يأخذونهم إلى المستشفى عندما يمرضون أو يتعرضون للإصابات بينما يحاولون عبور القناة للوصول إلى إنكلترا.

تعلّم دومينيك ونانا الكثير مع اللاجئين والمهاجرين. ويقول: "أكتشف شيئاً جديداً كل يوم. ونحن نطهو معاً. وعندما نستضيف الأفغان، يطهون الأرز. وقد أصبح الأمر ممارسة شائعة. فعندما يأتي الأفغان إلى منزلنا، يقومون بالطهي ويحضرون طعاماً شهياً".

لكنه يعترف بأن الأمر ليس سهلاً دائماً.

"اكتشفت أيضاً أموراً صدمتني وأبكتني، كالأطفال الصغار الذين أراهم هنا. فقد التقيت صبياً من إريتريا نجا من حادث تحطم قارب في البحر الأبيض المتوسط. نجا من الحادث 150 شخصاً فقط وتوفي أكثر من 500 شخص. بدأ بالشرب. فأخذناه معنا إلى المنزل. ووجدنا له عائلة تستضيفه لكنه أراد الذهاب إلى إنكلترا. كانت قصة حزينة".

وعلى بُعد بضعة مئات أمتار من المولد الذي أحضره دومينيك، يفرغ الشاب جوليان ألواحاً خشبية من سيارته. يدرس الهندسة في إحدى جامعات باريس لكنه يأتي إلى هنا يومياً خلال عطلته الصيفية لمساعدة اللاجئين والمهاجرين في بناء المآوي.

ويقول جوليان الذي ترعرع في كاليه: "كان والداي يحتفظان دائماً بالبسكويت في السيارة لنقدمه للاجئين الذين نصادفهم في الطريق. ولطالما اهتممت بقضية اللاجئين. فهم كذلك لأنهم لم يختاروا القدوم إلى هنا".

يفاوض جوليان الشركات المحلية ويشتري الألواح الخشبية بسعر مخفض ويحضرها إلى "الغابة". وبما أنه متخصص في الهندسة، يقدم أيضاً المشورة للاجئين والمهاجرين حول كيفية بناء المآوي في منطقة ساحلية قد تكون الرياح فيها قويةً جداً.

ومنذ مارس/آذار من هذا العام، يقدّر جوليان أن يكون قد ساعد في بناء 20 إلى 25 مأوى - في البداية كان يزور المكان كل بضعة أسابيع أما اليوم، فبات يأتي كل يوم خلال عطلته الصيفية. ولتسديد ثمن الإمدادات، أنفق 900 يورو من مخصصاته الجامعية.

ويشرح قائلاً: "هذا هو المال الذي حصلت عليه من الدولة لأكمل دراستي. وبما أنني أعتبر أن الدولة لا تقدّم ما يكفي للاجئين، أقدم لهم أنا ما أحصل عليه".

ويقول جوليان إنه يتعلم الكثير من اللاجئين حتى إنه بدأ بتعلّم اللغة العربية. ويقوم أيضاً بتعليمهم اللغة الفرنسية ويتقاسمون وجبات الطعام. كان في المخيم نهاية شهر رمضان وبقي مستيقظاً حتى الساعة الثانية فجراً عندما عاد فجأةً أحد اللاجئين مصاباً من القناة. طلب جوليان له سيارة إسعاف وبقي معه إلى أن وصلت.

ويشرح جوليان قائلاً: "عندما يقدم المرء المساعدة يستطيع النوم بسلام أكبر إلا أننا لا نستطيع النوم أحياناً عندما يكون هناك مشاكل نعجز عن حلها. وسأزور هذا المكان دوماً عندما يبدأ الفصل الدراسي في سبتمبر/أيلول".

تتطلب الإمدادات في مجال المأوى مهارات تختلف عن مهارات توفير الفن والموسيقى والإنترنت، لكن جوليان ونادين ودومينيك يتشاركون وجهة نظر واحدة.

ويقول دومينيك: "معظم المقيمين هنا هم أشخاص فروا من الحرب وليسوا مهاجرين لأسباب اقتصادية. ويكمن الحل في إيجاد حلول للمشاكل في البلدان التي يأتون منها. فلجميعهم حلم واحد فقط وهو العيش في بلدانهم".