"إن حالة عدم اليقين التي نشعر بها هي ما يشعر به اللاجئون كل يوم"
"إن حالة عدم اليقين التي نشعر بها هي ما يشعر به اللاجئون كل يوم"

يقود رؤوف مازو، مساعد المفوض السامي لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عمليات المفوضية الخاصة باللاجئين والنازحين داخلياً وعديمي الجنسية في جميع أنحاء العالم. وقد شكلت الحدود المغلقة والقيود المفروضة على الحركة تحديات غير مسبوقة من حيث الطريقة التي تستجيب بها المنظمة لحالات الطوارئ.
فيما يلي خمسة دروس تعلمها رؤوف بينما تدعم المفوضية جهود المجتمعات المهجرة لمواجهة وباء فيروس كورونا.
(1) استعداداتنا لتفشي فيروس كورونا في مخيمات اللاجئين المزدحمة سوف تُختبر قريباً.
بدأ السيناريو الذي أبقانا مستيقظين خلال الليل يتحول إلى حقيقة واقعة مع ظهور أولى حالات الإصابة بالفيروس في مخيمات اللاجئين. أمضينا عدة أسابيع في التحضير لهذا الاحتمال، من خلال العمل على بناء مرافق العزل والعلاج، وتعزيز الاستجابة الخاصة بالرعاية الصحية، ومواءمة الطريقة التي نقدم فيها الخدمات والمساعدات لضمان مستوى معين من التباعد الاجتماعي – وهو أمر صعب للغاية في مخيمات اللاجئين - و الحد من عدد المرات التي يحتاج فيها اللاجئون للتجمع من خلال توزيع مواد الإغاثة مقدماً وبكميات أكبر، مثل مواد ترميم المآوي والصابون ومنتجات النظافة الأخرى ووقود الطهي. لقد عملنا أيضاً مع منظمة الصحة العالمية والمؤسسات البحثية على نمذجة كيفية احتمال تفشي المرض، حتى نتمكن من التخطيط بشكل أكثر فعالية والتخفيف من الآثار المحتملة.
وقال رئيس مكتبنا في بنغلاديش، والتي تستضيف أكبر مخيم للاجئين في العالم حيث يضم 860,000 لاجئ - بأن الاستعدادات كانت أكثر كثافة من أي شيء شهده خلال حياته المهنية في المفوضية منذ فترة عمله في البوسنة أثناء الصراع في البلقان في تسعينات القرن الماضي. الفارق هو أن وباء كورونا يؤثر على كل ركن من أركان العالم، بما في ذلك مقر المفوضية في جنيف.
كما تم الإبلاغ عن وجود حالات في مخيمات داداب في كينيا، وفي مخيم موريا في جزيرة ليسفوس اليونانية، وفي البلدان التي تشهد صراعات مستمرة مثل ليبيا واليمن، حيث هناك عدد كبير من اللاجئين والمهاجرين ولكن القليل فقط من الرعاية الصحية ما لم تتدخل الوكالات الإنسانية.

(2) الوباء ليس مجرد حالة صحية طارئة. إنها حالة طوارئ اجتماعية واقتصادية أيضاً.
يعيش حوالي 85% من بين أكثر من 20 مليون لاجئ بموجب ولاية المفوضية في البلدان النامية. وقد كان الكثير منهم يرزح تحت ضغوط اقتصادية قبل تفشي الفيروس. واليوم، فقد الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم مصادر دخلهم. حتى الدول أصحاب الاقتصادات القوية تضررت بشدة من فقدان أسواق التصدير والتحويلات المالية من الخارج.
اكتشفنا أيضاً أن اللاجئين في المناطق الحضرية ممن لم يكونوا بحاجة في السابق لمساعدة المفوضية يحتاجون الآن إلى دعمنا بشكل عاجل. ولذلك طلبنا موارد إضافية، كجزء من نداء الأمم المتحدة الشامل لتمويل الأزمات، للحصول على مساعدة نقدية لشراء المواد الغذائية وتسديد الإيجار وتغطية المواد الأساسية. مع استئناف نشاط الاقتصادات، فإنهم سوف يحتاجون إلى المساعدة للوقوف على أقدامهم مجدداً.
إن المساعدة الإنسانية التي يمكننا تقديمها لا يمكن إلا أن تكون محدودة. وبالتالي، فقد كان موضوع تعبئة الموارد لإدراج اللاجئين في "شبكات الأمان" الاجتماعية على رأس جدول أعمالنا. وقد عملنا مع المؤسسات المالية الدولية - مثل البنك الدولي ومصرف التنمية الإفريقي ومصرف التنمية الآسيوي – واللذين يقدمان الدعم للبلدان التي تتعرض للضغوط لمعرفة كيفية إدراج اللاجئين والنازحين داخلياً وغيرهم من الأشخاص المعنيين في الاستجابة الاقتصادية.

(3) ... مما يعني أن الميثاق العالمي بشأن اللاجئين مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى.
يعد الميثاق العالمي مسودة عمل للتعاون الدولي في وقت يستمر فيه ارتفاع أعداد المهجرين قسراً حول العالم. وتكمن روح الميثاق في أنه لدينا جميعاً دور نقوم به في دعم المهجرين قسراً والمجتمعات التي تستضيفهم. من خلال اتباع نهج المجتمع بأكمله، فإننا نعزز أنظمة تقديم الخدمات الوطنية والبنية التحتية القائمة لتشمل اللاجئين، بدلاً من إنشاء هياكل موازية مثل المخيمات. إن مساعدة اللاجئين ليصبحوا أكثر اعتماداً على الذات يقلل من خطر الاعتماد على الغير ويدعم الاقتصادات المحلية.
لقد جرد الوباء الناس من مصادر رزقهم دون أي اعتبار سواء كانوا لاجئين أم لا. ونظراً لأنه لا تميز بين الحدود، فإنه يتطلب استجابة جماعية. هناك الآن – وسوف يكون هناك - حاجة عاجلة إلى عمل إنساني لصالح المجتمعات المضيفة كما هو الحال بالنسبة للسكان المهجرين. يجب على الحكومات والمؤسسات المالية الدولية والإنسانية أن تساعد الجميع دون استثناء أي شخص.

(4) إن القيود والعقبات التي يفرضها الفيروس جعلتنا نعمل بذكاء أكبر.
في بعض الأماكن، لم نتمكن من التواصل الجسدي مع اللاجئين بسبب قيود السفر. والطرق التي ابتكرناها للتعامل مع هذا الأمر سوف تضعنا في وضع جيد بمجرد زوال الوباء.
على سبيل المثال، رفعنا من مستوى استخدام الهواتف المحمولة وتطبيقات الرسائل القياسية حيث يمكن للاجئين الوصول إليها. وارتفع عدد استخدام مراكز الاتصال التي تقدم التوجيه والمشورة بشكل حاد. كما سرّعنا عملية طرح الخدمات المبتكرة، مثل دعم تكنولوجيا المعلومات الذي يتيح للاجئين تحديث البيانات الشخصية، بما في ذلك التسجيل الرقمي لشهادات الميلاد.
إن الأمر لا يتعلق بقلة التواصل مع اللاجئين جسدياً؛ بل بكيفية إدارة هذا التواصل بشكل أفضل، وذلك لتقليل الوقت الذي يتعين فيه على الأشخاص الانتظار خارج مكاتب المفوضية، على سبيل المثال، أو طلب مساعدة شخص ما في أحد المجتمعات النائية دون الحاجة إلى دفع فاتورة سيارة الأجرة أو تذكرة الحافلة للوصول إلينا.
وعندما يتعلق الأمر بالمخيمات الرسمية والعشوائية على وجه الخصوص، فإننا نولي انتباهاً أكبر بكثير لما يمكن أن يديريه اللاجئون أنفسهم - كنشر المعلومات، وربط الأشخاص من الفئات الضعيفة بالخدمات، والتصدي للحرائق والعواصف والفيضانات والكوارث الأخرى، ومراقبة صحة الأشخاص الضعفاء، وتوفير خدمات التنظيف والصرف الصحي وبناء الطرق والجسور وغيرها من البنى التحتية. يعتبر اللاجئون في العديد من الأماكن عناصر فاعلة ورئيسية في جهود الاستجابة.

(5) لقد تذوقنا جميعاً طعم جانب بسيط من حالة عدم اليقين التي يعيشها اللاجئ.
إن ما نمر به جميعاً الآن وحالة عدم اليقين الذي نشعر بها هي ما يشعر به اللاجئون كل يوم. تنهار الحكومة، وتندلع حرب أهلية وتخسر منزلك وعليك الفرار وترك كل شيء وراءك، لتجد نفسك على قارعة الطريق وتفقد كل ما كنت تملكه.
من الواضح أن تجربة اللاجئين أكثر شدة من تجربتنا - لكن فكرة التغيير المفاجئ في الطريقة التي يعيش أو يعمل بها شخص ما هي شيء ستساعد هذه الأزمة على فهمه بشكل أفضل.