إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

مع دخوله عامه الثاني، مخيم الزعتري في الأردن يبدو أكثر تلاحماً

بيانات صحفية

مع دخوله عامه الثاني، مخيم الزعتري في الأردن يبدو أكثر تلاحماً

يفوق ثاني أكبر مخيم للاجئين على مستوى العالم الآن كونه مجرد جمع من الأشخاص؛ لقد غدا مجتمعاً للسوريين.
27 سبتمبر 2013 متوفر أيضاً باللغات:
52458a546.jpg
في الوقت الذي يدخل مخيم الزعتري للاجئين في الأردن عامه الثاني، بدأت الروابط الاجتماعية التي توترت بسبب أهوال الحرب بإصلاح نفسها، حيث بدأت الصداقات وملامح مجتمع حقيقي في الظهور.

مخيم الزعتري للاجئين، الأردن، 27 سبتمبر/ أيلول (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - يوم الثلاثاء الماضي، تزوج الشاب الوسيم محمد، البالغ من العمر 23 عاماً، ذو الشعر الأسود واللحية المشذبة، من محبوبته سماح، البالغة من العمر 17 عاماً. اجتمع الزوجان مع الأصدقاء والجيران في كرافان صغير بمخيم الزعتري للاجئين في الأردن الذي يبعد 15 كيلومتراً عن الحدود السورية للاحتفال بزفافهما.

عبر محمد من مدينة درعا السورية إلى الأردن منذ سبعة أشهر، ولا يزال حزيناً لفاجعة وفاة شقيقه الأكبر وضياع بيت العائلة. عند وصوله إلى المخيم، وجده كتلة متشابكة من أشخاص يائسين، بدوا وكأنهم يهتمون بأمورهم الشخصية فقط.

والآن، أصبح الجيران يتقاسمون السكر والصابون والمستلزمات المنزلية الأخرى. تم في حفل العرس تقديم الشاي والحلويات السورية، إلى جانب وجبة متواضعة. كما يسود شعور بأن الخيام والمساكن المعدنية الممتدة في الصحراء باتت أقرب إلى مجتمع بحد ذاته.

يقول محمد: "نساعد هنا بعضنا بعضاً. نجلس معاً ونعمل معاً. عندما يحتاج أحدنا إلى شيء، نهب لمساعدته. وذلك ما يجعلنا مجتمعاً".

ومع دخول مخيم الزعتري عامه الثاني، بدأت الروابط الاجتماعية التي مزقتها أهوال الحرب في الالتئام. يعمل محل لوازم الزفاف في المخيم كما لم يعمل من قبل حيث تسعى 10 فتيات مقبلات على الزواج كل أسبوع إلى استئجار فستان زفاف مقابل 45 دولاراً لليوم حتى يتمكن من الاحتفال بزفافهن بكرامة.

قبل ستة أشهر، كان المجتمع المدني إلى حد كبير مقسم إلى مجموعات من المهربين ومجموعات المافيا الأخرى، أما الآن فيزداد إحكام كبار السن على القواعد الاجتماعية في المخيم، إذ إنهم يرون أن دورهم يتمثل في توجيه مخيم الزعتري مثلما كانوا يفعلون في سوريا. يقول أبو شاكر، أحد قادة المجتمع في مخيم الزعتري والبالغ من العمر 47 عاماً: "ننحدر من قرى مختلفة، ولكننا بدأنا في التآلف معاً".

عندما وصل أبو شاكر إلى الزعتري منذ 11 شهرًا، كان يصف المخيم "بالسجن". والآن يراه كمجتمع بدائي قائلاً: "لم يكن الأمر قاصراً على كوننا من هذه القرية أو تلك"، مضيفاً: "نبدو الآن كما لو كنا من قرية واحدة، قرية الزعتري".

يعد مخيم الزعتري الذي يأوي نحو 120,000 لاجئ على الدوام مركزاً للنشاط التجاري. يضم تقسيم الشانزليزيه في المخيم ما يزيد عن 1,000 عمل تجاري تشمل كافة الأنشطة بدءاً من متاجر الرهن وصولاً إلى محلات الحلاقة. ولكن الإحساس بالمجتمع يمتد الآن إلى ما هو أبعد من دور المتاجر القائمة في الشوارع.

بمساعدة شريكة المفوضية - منظمة الإغاثة والتنمية الدولية - أسس أفراد من المجتمع؛ أكثرهم معلمون سابقون في سوريا، مكتبة متنقلة. يقول عبد الكريم الحريري، البالغ من العمر 23 عاماً: "لا نريد أن ينسى الناس هنا أهمية القراءة. لدى الكثيرين في مخيم الزعتري وقت فراغ يأتون خلاله إلى المكتبة لقراءة كتاب. ما أحسن القراءة".

يشعر كيليان كلاينشميت، منسق المفوضية في مخيم الزعتري وهو ألماني الجنسية ويبلغ من العمر 51 عاماً، بالبهجة لهذا التقدم المحرز. فمنذ بضعة أشهر فقط، كان هو وزملاؤه الآخرون محاصرين يومياً من المقيمين في المخيم.

لقد بلغ الأمر ذروته بعدما اندلعت النيران وأتت على أربعة خيام وقتلت أربعة أشقاء صغار. ففي تلك اللحظة التي ساد فيها الشعور بالغضب والحزن، اجتمع المقيمون في المخيم بموظفي الأمم المتحدة ليقول كليمنشيت آنذاك: "نحتاج إلى أن نتحدث معاً. لا يمكن أن تستمر الأمور هكذا".

بينما كانت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية تقدم خدمات بالغة الأهمية، بدا الاحتياج واضحاً لوجود علاقات أعمق وحوكمة أفضل للمخيم. واستجابة لهذا الاحتياج، قُسم المخيم إلى 12 حياً لتوفير مساحات مشتركة وإقامة روابط أقوى. ثم شكلت لاحقاً في كل حي ثماني لجان للحوكمة؛ أسندت إليها كافة المسؤوليات بدءاً من القيد بالمدارس ووصولاً إلى الشؤون الصحية. وبعد مرور أشهر من المناقشات الجهيدة، بدأ المخيم يؤتي ثماره.

لقد أدت النجاحات المبدئية إلى زيادة إقبال المستثمرين على المخيم. ففي مطلع هذا الشهر، قام وزير التنمية الألماني بزيارة إلى المخيم، وتجرى حالياً ترتيبات تقدم بموجبها مدينة أمستردام الخبرات الفنية إلى مخيم الزعتري. وخلال نفس الفترة، اقترح رجال الأعمال الألمان إقامة طواحين هواء في أنحاء المخيم لتوليد الكهرباء لساكنيه.

كما ستنشأ 10 كيلومترات تقريباً من الطرق الجديدة على مدار الأشهر القادمة للمقيمين في المخيم. ويقوم مدربو التايكوندو من كوريا الجنوبية في الوقت الراهن بتعليم الأطفال فنون القتال. وكذلك أتى فريق من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم؛ بمساعدة الأمير علي بن الحسين من الأردن وميشيل بلاتيني؛ رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لتدريب المقيمين في مخيم الزعتري حتى يصبحوا مدربي كرة قدم. يضم المخيم حتى الآن خمسة ملاعب رياضية و10 فرق لكرة القدم.

مما لا شك فيه أنه من الصعب القول بأن الأمور عادية هنا، إذ يجب أن يتأقلم آلاف اللاجئين يومياً مع ذكريات الحرب والأحباء المفقودين. كما يمكنهم كل ليلة أن يسمعوا أصواتاً ناتجة عن قذائف الهاون ونيران المدفعية عبر الحدود في سوريا.

يقول كلاينشميت: "إنها شهادة بحق لهؤلاء اللاجئين لأنهم تمكنوا من عمل الكثير بسرعة كبيرة وفي مثل هذه الظروف. لقد بدأنا بالفعل نشهد ثمار عملنا الدؤوب ويبدو أن الأمور تسير بالطريق الصحيح".

بقلم غريغوري بيلز من مخيم الزعتري، الأردن