إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

انفجار قذيفة يغير حياة طالب لجوء

قصص

انفجار قذيفة يغير حياة طالب لجوء

من بين حوالي 900 ألف شخص ممن هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية في ليبيا، هناك 15 في المائة منهم تقريباً في عداد الأشخاص من ذوي الإعاقة.
27 يناير 2021 متوفر أيضاً باللغات:
600850074.jpg
طالب اللجوء السوداني محمد، يشاهد مستخدمي الكراسي المتحركة وهم يلعبون كرة السلة في طرابلس، ليبيا.

مع احتدام الصراع في طرابلس العام الماضي، كانت الحياة اليومية لطالب اللجوء السوداني محمد، البالغ من العمر 22 عاماً، على موعد مع التغيير للأبد.


أصر هو وشقيقه يوسف على البقاء في منزل العائلة المستأجر في حي الهضبة الواقع في العاصمة الليبية للاهتمام بالمنزل والحاجيات التي بداخله، بينما انتقل والداهما وشقيقاتهما إلى منطقة أكثر أماناً في المدينة هرباً من الصواريخ والقصف.

وبينما كان يوسف، البالغ من العمر 17 عاماً، ذاهباً لشراء الخبز، هز المنزل انفجار وتعرض محمد، الذي كان مستلقياً على سريره، لإصابات بعدة شظايا استقرت في عموده الفقري.

بعد نقله إلى المستشفى، خضع محمد لعملية جراحية لإدخال قضبان معدنية في فقراته. لكن الإصابات التي لحقت به تسببت بإعاقات شديدة حيث لم يعد قادراً على تحريك الجزء السفلي من جسده.

وقالت خولة، البالغة من العمر 24 عاماً وهي الأخت الأكبر لمحمد: "لقد تغير تماماً منذ وقوع الحادث. من قبل، كان نشيطاً للغاية، وكانت الابتسامة تعلو دائماً على وجهه ويتحلى بالثقة وكان اجتماعياً. أما الآن، فهو في المنزل ولا يريد رؤيتنا أو رؤية أي شخص آخر. لا يريد أن يرى شفقة الناس عليه".

نظراً للوضع الأمني ​​المتقلب والصراع الذي احتدم في طرابلس لأكثر من عام قبل أن ينتهي في شهر يونيو، فقد لحقت بالكثيرين إعاقات أو إصابات نتيجة للقنابل المفخخة والقصف والعبوات الناسفة يدوية الصنع.

وفقاً لخطة الاستجابة الإنسانية الخاصة بليبيا لعام 2020، فإن من بين حوالي 900 ألف شخص ممن هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية داخل البلاد، هناك 15 في المائة منهم تقريباً في عداد الأشخاص من ذوي الإعاقة، أي ما يعادل حوالي 134 ألف شخص، حيث يواجهون العديد من الصعوبات.

وقال مفتاح الحويل، مساعد مسؤول الصحة العامة في المفوضية، في طرابلس: "يمكن أن يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة، حتى بشكل يومي، صعوبات في الوصول إلى الخدمات اليومية أو المرافق أو المدارس على كرسي متحرك".

وأضاف: "من خلال ربط اللاجئين بالخدمات المتاحة لتزويدهم بالدعم الجسدي والنفسي، نأمل أن نساعدهم على اتخاذ خطوات للأمام نحو اعتمادهم على النفس - للمشاركة والمساهمة في مجتمعهم. يمكن أن يشعروا في كثير من الأحيان بأنهم مستبعدون من الحصول على الفرص، ولكن مثل أي شخص آخر، فإن لديهم القدرات ويمكنهم المساهمة بعدة طرق مختلفة في مجتمعاتهم".

على مدى الأشهر القليلة الماضية، يتلقى محمد مساعدة متخصصة من الشريك المحلي للمفوضية، منظمة "الإنسانية والتضامن". ويشمل ذلك جلسات العلاج الطبيعي والإرشاد النفسي والاجتماعي، والتي يتم إجراء بعضها عن بُعد عبر الهاتف، بسبب إجراءات السلامة الخاصة بفيروس كورونا.

كما وفرت المنظمة لمحمد كرسياً متحركاً جديداً وتدريباً على كيفية استخدامه، حيث تم ذلك في فناء نادٍ للأشخاص من ذوي الإعاقة في طرابلس، وذلك لضمان تطبيق إرشادات الصحة والسلامة مع استمرار حالات فيروس كورونا في الارتفاع في ليبيا.

من المأمول أن يوفر الكرسي المتحرك لمحمد قدراً أكبر من الحركة بالإضافة إلى الدافع المعنوي الذي يحتاج إليه بشدة فيما يستعيد بعضاً من استقلاليته، حيث كان في أغلب الأحيان مستلقياً على سريره ويعتمد على أخيه الأصغر يوسف للقيام بالمهام اليومية مثل الاستحمام.

وقال محمد، بعد إجراء اختبار للكرسي المتحرك حول فناء النادي: "إنه شعور جيد، الحمد لله!. سيساعدني ذلك على الدخول والخروج من السرير بمفردي، على عكس ما كان يحدث من قبل عندما كان أخي يضطر لرفعي. سأخفف الأعباء عن أخي وسأعتمد على نفسي. يمكنني الخروج أكثر والجلوس مع أصدقائي وسوف تتحسن حياتي".

قبل إصابته، كان محمد يستمتع بلعب كرة القدم ويذهب إلى صالة الألعاب الرياضية بانتظام. بعد مشاهدة مستخدمي الكراسي المتحركة الآخرين في النادي يلعبون كرة السلة، فكر محمد لأول مرة منذ إعاقته في إمكانية العودة لأسلوب حياته النشط.

"نريد أن نعيد له الأمل ونظهر له أن حياته لم تنته"

وقال: "أنا أحب الأجواء هنا. أريد أن أراقبهم أولاً، ثم أود أن أعود للعب معهم. أشعر بتحسن من الناحية النفسية، وقد كنت مكتئباً من البقاء في السرير في المنزل. أشعر بتحسن الآن".

تمت متابعة تقدمه بعناية من قبل فريق "الإنسانية والتضامن" مما ساعده خلال فترة صعبة من التكيف مع ظروفه الجديدة.

وقالت كاميلا سالم، الموظفة النفسية والاجتماعية في منظمة "الإنسانية والتضامن": "نريد أن نعيد له الأمل ونظهر له أن حياته لم تنته بعد. يمكنه إعادة بناء حياته والتكيف من جديد، خاصة عندما يرى أشخاصاً آخرين مثله هنا في المركز وهم يشاركون في الأنشطة الرياضية".

تسببت إصابة محمد في إلقاء ضغوط شديدة على عائلته، والتي اضطرت للفرار إلى ليبيا قبل أربع سنوات هرباً من القتال في دارفور في السودان، والذي تعرض خلاله منزلهم للحريق بالكامل. إن أدوية محمد ومسكناته باهظة الثمن، وتجد عائلته صعوبة في تحمل تكاليف جلسات العلاج الطبيعي الخاصة الإضافية التي يقول الأطباء أنها ستساعده في إعادة تأهيله.

تعمل اثنتان من شقيقاته وشقيقه الأكبر للمساعدة في تغطية إيجار المنزل والنفقات المعيشية الأساسية، لكن ذلك صراع دائم. وتشعر الأسرة بالارتياح للمساعدة التي تلقتها من المفوضية وشركائها، بما في ذلك حزم المساعدات الغذائية، والمواد غير الغذائية، ومستلزمات النظافة، والمساعدات النقدية لتغطية الإيجار والضروريات الأخرى.

على الرغم من الصعوبات التي لا تزال الأسرة تواجهها، والتحديات التي تنتظر محمد، تعتقد والدته حفصة أن ابنها قد تجاوز نقطة حرجة بفضل الدعم الذي تلقاه، حيث تقول: "حالته في تحسن كل يوم ونحن سعداء لرؤية ذلك. يساعده الكرسي المتحرك في أن يساعد نفسه. ومع وجود الاهتمام والعناية، آمل أن تسير الأمور نحو الأفضل".