إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

اللاجئون والسكان المحليون في موريتانيا يتبادلون آليات التأقلم مع تغيّر المناخ

قصص

اللاجئون والسكان المحليون في موريتانيا يتبادلون آليات التأقلم مع تغيّر المناخ

في عام 2020، لعب اللاجئون دوراً محورياً في إخماد 22 حريقاً على الأقل من حرائق الأدغال في مديرية باسكنو.
17 يونيو 2021 متوفر أيضاً باللغات:
60b770552.jpg
زينة، لاجئة مالية، تزرع الخضروات في مخيم أمبرة للاجئين. كانت عائلتها تمارس الزراعة في ديارها، لكنها تعلمت تقنيات جديدةً في موريتانيا.

عند وصوله إلى مخيم أمبرة في جنوب شرق موريتانيا، تفاجأ أحمد آغ البخاري – الذي اضطر للفرار من الصراع في مالي في عام 2012 – من قلّة مزارع الخضروات في القرى المجاورة.

وقال أحمد: "عند وصولنا إلى هنا، لم يكن هناك مزارع سوى في باسكنو وفصالة (البلدتان الرئيسيتان في ولاية الحوض الشرقي الموريتانية)، وكانت كافة القرى المحيطة بنا تفتقر إلى المزارع".

شأنهما شأن العديد من دول منطقة الساحل الإفريقي، تكابد مالي وموريتانيا تأثيرات تغير المناخ – من هطولات الأمطار المتقلبة إلى تدهور التربة والتصحر. لكن أحمد ومواطنوه كانوا يجدون في موطنهم مالي سبلاً لاستنبات الزرع من التربة، حيث كانوا يحافظون على المياه الشحيحة المتوفرة لهم باستخدام مشاتل البذور الغائرة والسماد، وانتقاء البذور التي يعلمون بأنها تتحمل درجات حرارة مرتفعة.

عندما اضطروا للفرار إلى موريتانيا، أحضروا بعضاً من هذه البذور معهم وأنشأوا مزارع صغيرة في المخيم، باستخدام التقنيات نفسها للتكيف مع الطقس الجاف والحار.

"نحن نتبادل الكثير من المعارف فيما بيننا"

وخلال السنوات التسع التي انقضت منذ مجيئهم، شارك اللاجئون بعضاً من هذه التقنيات الزراعية مع السكان المحليين من المناطق المحيطة، والذين يزرعون الآن العديد من النباتات المماثلة كالكسافا والطماطم والبابايا وغيرها من المحاصيل.

وقال أحمد، الذي كان يعمل لدى الغرفة الزراعية الإقليمية في تمبكتو قبل اضطراره للفرار من مالي: "لقد أحضرنا معنا البابايا، وظنّ البعض بأننا لن نتمكن من زراعتها هنا. وهذا العام، طُلب منا أن ننشئ حاضنةً للبابايا، وأصبح السكان من باسكنو والقرى المجاورة يأتون لمشاهدتها. علمناهم كيفية زراعتها، وهم عرفونا على بذورٍ أخرى لم نكن نعرفها.. نحن نتبادل الكثير من المعارف فيما بيننا".

وبدورهم، تعلم اللاجئون من السكان المحليين كيفية تخفيف أثر تربية المواشي على الأراضي من خلال تحويل العشب إلى قشٍ خلال مواسم الجفاف.

وأضاف أحمد: "أرى بأن التعاون بين السكان المحليين واللاجئين قد منحنا وإياهم خبرةً كبيرة.. فهم قد تعلموا معنا عن أنظمة البستنة، ونحن تعلمنا أيضاً؛ تعلمنا هنا الكثير من الأشياء التي لم تكن متبعةً لدينا في ديارنا".

وقد أشار مسؤول سبل كسب الرزق لدى المفوضية في موريتانيا – فودا نديكينتوم – إلى أن المناخ في مخيم أمبرة وخارجه في موريتانيا "كلاهما مماثل للآخر، وتأثيرات تغير المناخ تطالهما بصورة مشابهة".

جاء بعض هذا التبادل في المعارف بين اللاجئين والسكان المحليين حول كيفية التأقلم مع تأثيرات تغير المناخ من خلال القنوات الرسمية، مثل الزيارات المتبادلة بين المزارعين اللاجئين والمحليين التي نظمتها شريكة المفوضية SOS Desert. ولكن – حسب تعبير نديكينتوم – الكثير من التبادل جاء بشكلٍ عفوي وغير رسمي.

وقال نديكينتوم: "يتفاعل اللاجئون والمجتمع المحلي – فهم يرتادون الأسواق ذاتها، وبعض اللاجئين يعيشون خارج المخيم مع المجتمعات المضيفة".

لا يقتصر التفاعل بين اللاجئين والسكان المحليين على مناقشة التقنيات الزراعية، فقبل بضعة أعوامٍ، أنشأ اللاجئون الماليون فريقاً لحماية مخيم أمبرة والقرى المحيطة به من حرائق الأدغال التي أصبحت أكثر شيوعاً وخطورة بفعل تغير المناخ.

تحفّز الهطولات الغزيرة خلال موسم الأمطار نمو الأعشاب الخضراء الطويلة في الحقول المحيطة بباسكنو، لكن حلول موسم الجفاف يحولها إلى قش تنتشر فيه حرائق الأدغال بسرعة عند اشتعالها مع هبوب رياح الهرمتان الشرقية الحارة.

في البداية، كان فريق اللاجئين للإطفاء مؤلفاً من عددٍ من المتطوعين غير المدربين الذين يريدون المساعدة بشدة، لكن – تقديراً لدورهم – عمدت المفوضية وشركاؤها إلى تدريب نحو 100 لاجئ على كيفية إنشاء مناطق عازلة للنيران وإخماد الحرائق بأمان.

ويقول أحمد، وهو رئيس فريق الإطفاء: "الآن، في حال اندلاع حرائق الأدغال، ترسل لنا المفوضية مركباتٍ، ونحن – اللاجئون – نصعد على متنها بمرافقة من الدرك. وعند وصولنا إلى مكان الحريق ننضم إلى السلطات المحلية في العمل لإخماده".

في عام 2020، لعب اللاجئون دوراً محورياً في إخماد 22 حريقاً على الأقل من حرائق الأدغال في مديرية باسكنو، وقد أخبرنا نديكينتوم بأن اللاجئين ينشئون عوازل للنيران تتسبب بأضرارٍ محدودة على البيئة.

وقال نديكينتوم: "قبل مجيء اللاجئين، كان المجتمع المضيف يستخدم الآليات لإنشاء عوازل النيران، وبذلك، كانت أشجار كثيرة تقطع، والتربة تتعرض للتآكل. أما الآن، فالطريقة التي يتبعها اللاجئون تتمثل في استخدام المناجل لقطع بعض الأغصان، بحيث يتم الإبقاء على الأشجار، وتكون المراعي قابلةً للتجدد".

"عندما نعود، لن يقول أحد بأن اللاجئين كانوا سبباً للبؤس"

لقد ضاعف وصول اللاجئين من عدد السكان في هذه المنطقة، لكن الخلافات بين اللاجئين والسكان المحليين على الموارد الطبيعية المحدودة فيها ظلت طفيفة. وقال نديكينتوم: "بحسب ما قاله ممثل لجان القرى، فالسكان يقدرون مساهمة اللاجئين في حماية البيئة".

بالنسبة للاجئين مثل أحمد، فإن المساعدة في حماية البيئة المحلية هي وسيلة لرد الجميل للمجتمع الذي استضافهم لنحو عقدٍ من الزمن. وفي هذا السياق قال أحمد: "نريد العودة إلى ديارنا، ، لكن المشاريع التي أقيمت هنا، هي مشاريع للمنطقة. وعندما نعود، لن يقول أحد بأن اللاجئين كانوا سبباً للبؤس، بل سنعود ورؤوسنا مرفوعة".

واختتم قائلاً: "هناك مَثَلٌ بلهجة التماشق يقول ’من غرس شجرة لم يضيع حياته سدىً’".