إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

انعدام الأمن ووباء فيروس كورونا يؤجّجان المخاوف بشأن الصحة النفسية للاجئين في ليبيا

قصص

انعدام الأمن ووباء فيروس كورونا يؤجّجان المخاوف بشأن الصحة النفسية للاجئين في ليبيا

برامج المفوضية تساعد في تعزيز الصحة النفسية للاجئين وطالبي اللجوء التي طالتها تأثيرات الوباء والحملات الأمنية مؤخراً.
20 أكتوبر 2022 متوفر أيضاً باللغات:
633d93e84.jpg
يجلس ابراهيم* في منطقة الانتظار في مركز مجتمعي للمفوضية في العاصمة الليبية طرابلس لرؤية الطبيبة النفسية الدكتورة حنان الشريمي.

في هذه الأيام، تبدو مفكرة الدكتورة حنان الشريمي مليئة بالكامل بمواعيد المعاينات، حيث تساعد هذه الطبيبة النفسية – والتي تعمل في العاصمة الليبية طرابلس – اللاجئين وطالبي اللجوء في التصدي لتحديات الصحة النفسية التي تجابههم؛ مثل الإجهاد والاكتئاب، وكلاهما – على حد قولها – قد شهدا ارتفاعاً ملحوظاً في أعقاب أزمة وباء فيروس كورونا والحملات الأمنية التي جرت في المدينة العام الماضي.

وقد ولّدت المداهمات الأمنية في حي قرقارش وسواه من أحياء المدينة شعوراً حاداً بالخوف في نفوس طالبي اللجوء واللاجئين؛ والذين تعتبرهم السلطات الليبية كمهاجرين غير شرعيين، وهو ما يعرضهم للاعتقال والاحتجاز. وقد شهد الكثيرون منهم دمار منازلهم أثناء الحملات الأمنية، مما عرضهم لمخاطر التشرد وبث في نفوسهم حالة من القلق إزاء أمنهم وسلامتهم، فيما زُجّ بالآلاف في مراكز الاحتجاز.

وقالت الدكتورة الشريمي، التي تعمل مع لجنة الإنقاذ الدولية في عياداتٍ للصحة العامة وفي مركز مجتمعي تديره المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في المدينة: "أتلقى وسطياً ما بين 10 حالات و12 حالة في اليوم، أما في السابق فقد كان العدد يتراوح من خمس إلى سبع حالات".

وأضافت: "يأتي الكثيرون وهم يعانون من الإجهاد النفسي ونوبات الذعر، ولا يستطيع البعض الخروج للعمل نتيجة الخوف، رغم أنهم قادرون جسدياً على ذلك. يشعرون بأنهم لن يجدوا من يساعدهم، لكنهم يشعرون بالراحة عندما يأتون إلى هنا. ويقول لي معظمهم: ’نحن لا ننشد سوى الأمان والعيش بكرامة؛ طموحنا ليس الوصول إلى أوروبا’.. لا أحد يغادر دياره طواعيةً، وأصعب شيء على أي شخص هو ألا يكون له وطن".

بحسب منظمة الصحة العالمية، فقد أدى وباء فيروس كورونا إلى نشوء أزمة عالمية في مجال الصحة النفسية، مع زيادة بنسبة 25 بالمائة في عدد حالات الإجهاد والاكتئاب خلال العام الأول من الوباء.

في الوقت نفسه، تعرضت خدمات الصحة النفسية لانقطاعٍ حاد، نظراً للقيود المفروضة على الحركة، مما صعّب على البعض الحصول على المساعدة والعلاج اللذين يحتاجون إليهما. ويعتمد الكثيرون من طالبي اللجوء واللاجئين في ليبيا على الأعمال المؤقتة لإعالة أنفسهم وأسرهم، وقد نضبت فرص العمل هذه مع البدء بتطبيق القيود على الحركة، خاصة خلال السنة الأولى من الوباء.

واستطردت الدكتورة الشريمي، قائلة: "ازدادت حالات الإجهاد النفسي، وقد كان لفترة الإقفال الناجمة عن الوباء آثارها (السلبية) الكبيرة. كنّا نعمل في بعض الأيام، لكن الأشخاص لم يستطيعوا الوصول إلينا".

وكان الاستمرار في توفير العلاج لمرضاها الاعتياديين أمراً صعباً، لكن الأمر الأصعب كان في استقبال حالاتٍ جديدة، إذ كانت بحاجة للقاء المرضى وجهاً لوجه لتتمكن من تقييم حالتهم وتشخيصهم ووضع خطة علاجية لهم.

633d93354.jpg
الدكتورة حنان الشريمي تستشير صيدلانياً بشأن الأدوية الموصوفة لأحد مرضاها.

لفتت الدكتورة الشريمي إلى وجود تحديات أخرى في الوقت الحاضر تواجه أولئك الذين يحتاجون إلى الرعاية العاجلة في ليبيا. فمستشفيات الطب النفسي العامة لا تقبل المرضى من صفوف اللاجئين وطالبي اللجوء، بينما يكون الدخول إلى العيادات الخاصة مكلفاً جداً، إضافة إلى وجود نقص في الأدوية. وأضافت بأن هذه التحديات تشمل أيضاً الوصمة المتعلقة بالصحة النفسية، حيث يخشى بعض المرضى على نحو خاطئ بأن يؤثر ذلك على فرصهم في إعادة التوطين أو رحلات الإجلاء، فيطلبون إغلاق ملفاتهم. ويتوقف البعض عن العلاج ما أن يشعروا بتحسنٍ طفيف.

وأشارت الطبيبة إلى وجود العديد من قصص النجاح أيضاً رغم التحديات. 

وقالت الدكتورة الشريمي: "في بعض حالات المرضى، تراودني الشكوك حول ظروفهم، لكن المفاجأة تأتي عندما يقولون لي بأنهم يشعرون بتحسن". وقد ذكرت حالة لاجئة مطلقة وابنها، حيث قصداها للحصول على المساعدة لأنهما يعانيان من مشاكل صحية ونفسية جدية.

وأضافت: "بدأت حالتهما بالتحسن رويداً رويداً.. وأتت لرؤيتي قبل أسبوع تقريباً وأخبرتني بأنه ستتم (إعادة توطينها) إلى كندا".

"لا يمكن الحديث عن الصحة دون ذكر الصحة النفسية".

مريض آخر يدعى إبراهيم* ويبلغ من العمر 22 عاماً، بدأ يفقد بصره، وهو ما كان له تأثير كبير على صحته النفسية. وقد دأب على زيارة الدكتورة الشريمي لتلقي العلاج على مدى الأشهر السبعة الماضية، وقال بأن المساعدة التي حصل عليها منحته الأمل في مواصلة الحياة.

وقال إبراهيم: "قبل العلاج، لم يكن بإمكاني الخلود إلى النوم، بسبب تفكيري بوضعي وشعوري بعدم الأمان ولكوني أفقد بصري.. أنا أشعر بالتحسن الآن".

تولي الطبيبة أهمية كبيرة لقدرة المرضى على التحدث دون تحفظ حول الصحة النفسية وتوفير المساعدة لمن يعيشون تحت وطأة المعاناة.

واختتمت حديثها قائلة: "إنه أمر بالغ الأهمية.. فالضوائق والاكتئاب والصدمات النفسية قد تتسبب بتوليد أفكارٍ هدامة.. قد يقود المرض النفسي الأشخاص إلى اليأس وانعدام الأمل. لا يمكن الحديث عن الصحة دون ذكر الصحة النفسية".

* تم تغيير الأسماء لأسبابٍ متعلقةٍ بالحماية.