نازِحو سِنجار في كردستان العراق.. جِراح نفسية عميقة تحتاج إلى الدعمِ وإعادة التأهيل
نازِحو سِنجار في كردستان العراق.. جِراح نفسية عميقة تحتاج إلى الدعمِ وإعادة التأهيل

دهوك، العراق، 24 أغسطس 2014 (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - الآلاف من العائلات، بما فيهم الأطفال والنساء والمسنين، يفترشون الأرض والطرقات فى محافظة دهوك شمال العراق. وكان هؤلاء قد تدفقو نزوحاً على إقليم كردستان من مدينة سنجار، بعد مسيرة أيام مشياً على الأقدام، هاربين من أجل سلامتهم.
وبجانب الإحتياجات الأساسية كالمأوى والمأكل والمشرب، فإن معظم هؤلاء يعانون من إضطرابات وجراح نفسية عميقة، بعد أن واجهو خلال الأيام الماضية ظروفاً قاسية، ونال منهم الخوف والجوع والعطش، وفقدوا أملاكهم و أعزاءهم الذين أُختطفوا أو قُتلوا أو مَاتو فى الطريق جراء التعب والإرهاق والمرض.
فى قرية خانكى التابعة لمحافظة دهوك، وجد آلاف النازحين، من الأقلية الإيزيدية، مأوى آمناً لهم فى بنايات قيد الإنشاء وفي المدارس والمناطق العامة وبعض المبانى الحكومية. معظمهم مايزال يجتر زكريات مؤلمة من الأيام الماضية، حيث كانوا قاب قوسين أو أدنى من الموت، ففارقوا ديارهم على مضض، وكذلك فقدوا كل شيء، بما فى ذلك بعض أقاربهم. يقول حيدر وهو يدخن، "لقد إضطررنا أن نهرب وتركنا والدي خلفنا لأنه مُسن ولايستطيع السير." " قال لنا إذهبوا وأتركونى هنا، من أجل سلامة النساء والأطفال."
إن التجربة المريرة والقاسية التى عاشها مواطنو سنجار، بما فيها نزوحهم، ألقت بظلالها على المجتمع المحلي في مناطق مختلفة من إقليم كردستان، والذي تفاعل بدورة مع المأساة. فعلى سبيل المثال، وفي بادرة إنسانية عميقة المعنى، يقوم أفراد ورجال أعمال من المجتمع المضيف فى محافظة دهوك بتقديم جميع مستلزمات الضيافة والإحتياجات الأساسية للنازحين، من طعام وشراب وكساء، آخذين من أموالهم ومواردهم الخاصة ليمدوا يد العون، مما يعتبر دعماً وسنداً معنوياً ربما يكون له بالغ الأثر فى نفوس النازحين. يقول أحد الأثرياء في خانكى: "فوجئنا بعشرات الآلاف من النازحين فى قريتنا، وهم في حاجة إلى المأوى والطعام والشراب والكساء، فكان واجباً علينا أن نساعدهم."
إلا أن المزيد من الإهتمام والدعم والعلاج النفسي الذى يمكن أن يقدمة المختصون فى هكذا مجال يبدو مطلوباً وبشدة فى الوقت الحالي. تقول مسؤولة الخدمات الإجتماعية بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق، تيغيست غيرما: "يجب علينا الإهتمام بالنواحي النفسية لهؤلاء النازحين، وتقديم كل ما في وسعنا من أجل أن نعيد لهم الثقة بأنفسهم ومنحهم القدرة على ممارسة حياتهم الطبيعية من جديد بعد أن يتخلصوا من الخوف والقلق". وتضيف: "معظم الذين نزحوا من سنجار يحتاجون إلى دعم وإعادة تأهيل بسبب الظروف العصيبة والصدمات التي عانوا منها في الأيام السابقة."
إن العمل على إعادة التأهيل النفسي للنازحين، خاصة النساء منهم والأطفال، يمكن أن يٌدرج ضمن أولويات المرحلة القادمة بالنسبة لجميع الشركاء في مجال العمل الإنساني، بما فى ذلك دعم المجتمع المحلي المضيف، الذى عليه أن يتعامل مع الكثير من حالات الإضطراب النفسي التي يعاني منها النازحون. تقول غيرما: "لدينا عدد قليل جداً من المنظمات التي تقدم هذا النوع من الخدمات في الوقت الحالي، ولذلك فإن جُل الإهتمام يذهب إلى أفراد قليلون جداً. نتوقع ازدياد الحاجة لتلك الخدمات بمجرد أن يبدأ هؤلاء النازحون في إستدراك طبيعة الصدمات التي مروا بها، وإستيعاب حجم خسائرهم، مما يتطلب تدخل عدد كبير من المهنيين المؤهلين لتقديم العلاج المناسب، وهذا غير متوفر لدينا الآن."
وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد بدأت بتقديم الدعم على الأرض منذ بداية النزوح، من خلال المتابعة الميدانية في جميع المواقع ذات الصلة بالنازحين. بالإضافة للتنسيق المستمر الذي ظلت تقوم به المفوضية مع الحكومة والسلطات المحلية والمنظمات الإنسانية والشركاء على كافة الأصعدة. فقد قامت المفوضية بتوزيع مواد إغاثية للآلاف ممن تقطعت بهم السبُل. وبالرغم من ذلك، فإنة لايزال هنالك الكثير من العمل الذي يجب فعلة نسبة لوجود أعداد كبيرة من النازحين الذين يحتاجون أنواعاً أخرى من الدعم.
تشير آخر الإحصائيات الحكومية إلى أن محافظة دهوك وحدها تستضيف الآن أكثر من 200,000 نازح من سنجار. ويقول والد منال البالغة من العمر سبعة عشر عاماً بحزن وأسى شديدين: "إبنتى أصبحت تعانى من نوبات اكتئاب وهلوسة، فهى لا تستطيع النوم وممارسة حياتها بشكل عادي. إنها منهارة نفسياً و تبكي وتقول إنها سوف تموت." وتقول منال وهي تبتسم بحزن: "لا أريد العودة إلى سنجار، فأنا لاأزال خائفة، ولا يمكنني الشعور بالأمان بعد الآن."
تم تغيير الأسماء لأسباب تتعلق بالحماية
حسام الدين مصطفى- المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين- دهوك، العراق