إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

من طفل لاجئ في موزمبيق إلى مدير مدرسة في الولايات المتحدة

قصص

من طفل لاجئ في موزمبيق إلى مدير مدرسة في الولايات المتحدة

منحت إعادة التوطين برتين بهيج فرصة جديدة في الحياة. لم يكن اللاجئ الكونغولي السابق ليتصور أبداً بأنه سيعتبر وايومنغ وطنه الثاني.
19 ديسمبر 2018 متوفر أيضاً باللغات:
5c1a69d33.jpg
برتين بهيج، 38 عاماً، في مدرسة روهايد الابتدائية في جيليت، وايومنغ حيث يعمل كمدير.

ترعرع برتين بهيج في بوكوفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية وقد درس بجد حتى يصبح طبيباً. وفي الثالثة عشرة من عمره، أدرك كيف ستكون حياته.

تغير كل شيء عندما دخلت مجموعة ماي ماي المتمردة إلى بلدته في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وتوجهت إلى جميع المنازل لاختطاف مجندين جدد.

يتذكر برتين ويقول بصوت حزين: "هذا أصعب ما شاهدته، أن تنظر في عيني والديك وأنت تعلم بأنك ستنفصل عن كل الأمور في حياتك بشكل تام".

أمضى برتين عامين في الاحتجاز، ويتذكر قائلاً: "كان يتعين عليك أن تكون قاسياً حتى تتقدم في المراتب، وأنا لم أكن كذلك". لم يتمكن من تحمل العنف وقرر الفرار: "عرفت أنني قد أفشل ولكن كان يتعين علي أن أستفيد من الفرصة".

"حصلت على فرصة لعيش حياة جديدة وأردت أن أحقق أفضل ما يمكنني القيام به"

أثناء فراره، عبر آلاف الكيلومترات وصعد على متن قارب صياد سمك سمح له بالانتقال مجاناً عبر بحيرة تانغانيكا واختبأ في مؤخرة شاحنة للسمك المملح. ولمدة ثلاثة أيام كان هذا كل ما حصل عليه برتين من الطعام. يقول بتفاؤل كبير: "كان ذلك أول طبق شهي منذ وقت طويل".

كان برتين مرهقاً جداً ونام تحت شجرة. وعندما استيقظ، وجد أناساً حوله يتحثون لغة لا يفهمها. لم يعرف حتى في أي بلد كان. وتبين لاحقاً بأنه في موزمبيق. أمضى برتين 5 أعوام في مخيم مابوتو للاجئين الذي تديره المفوضية.

كان اللاجئ الكونغولي الشاب قلقاً بشكل خاص بشأن متابعة دراسته إذ لم يكن هناك مدرسة ثانوية في المخيم. بعد بعض المقابلات، قيل لبرتين بأنه ستتم "إحالته لإعادة التوطين" ولكنه لم يكن يعرف ماذا يعني ذلك.

تم إعادة توطين أقل من 1% من اللاجئين إلى بلدان ثالثة في عام 2017. يشارك 35 بلداً حول العالم في برنامج إعادة التوطين التابع للمفوضية. وفي الأعوام الأخيرة، كانت الولايات المتحدة بلد إعادة التوطين الأول في العالم تلتها كندا وأستراليا ودول الشمال.

في عام 2004، وصل برتين إلى بالتيمور في ميريلاند في الولايات المتحدة. ما إن نزل من الطائرة، حتى بحث عن ناطحات السحاب التي لطالما تصورها ولكنه لم يجدها. أحس بشعور جميل يتزايد في داخله: "أنا بأمان الآن".

أول عمل لبرتين كان في مطعم برغر كينغ حيث بدأ ينقل القمامة ثم راح يتقدم تدريجياً حتى أصبح أمين صندوق. يقول برتين: "لطالما كنت أتحدى نفسي لأتقدم. حصلت على فرصة لعيش حياة جديدة وتثقيف نفسي وأردت أن أحقق أفضل ما يمكنني القيام به".

عمل برتين في ثلاث وظائف في الوقت نفسه وقد انضم إلى مدرسة مجتمعية ولم يكن يفوت أياً من الدروس. ونظراً لأنه لم يكن يملك سيارة، كان يقود دراجته لحوالي 10 كلم ليصل إلى صفوفه المسائية.

كان أداء برتين جيداً جداً في المدرسة، فقد حصل على منحة للدراسة في جامعة وايومنغ. لم يكن يعرف سوى القليل عن الولاية الريفية وعندما كان يطلع أصدقاءه عليها لم يكن أحد يفهم الوجهة التي كان سيتوجه إليها، وكانوا يسألون: "هل أنت ذاهب إلى ميامي؟"

"كل ما يطلبه اللاجئون هو الحصول على فرصة"

ولكن سرعان ما أصبحت وايومنغ دياره. في الجامعة، التقى بزوجته وبعد التخرج في مجال الرياضيات وتعليم الرياضيات، أصبح مدرساً في مدرسة ثانوية في جيليت. لديه الآن طفلان وهو مدير مدرسة روهايد الابتدائية.

يقول برتين: "هذا البلد أعطى فرصة لشخص لم يكن يملك شيئاً وقد استفدت من هذه الفرصة لأصبح ما أنا عليه الآن. وأنا أرى أنه من واجبي ومن مسؤوليتي أن أقدم شيئاً في المقابل".

في زيارة حديثة إلى نيويورك، لبس برتين قبعة سوداء مقلمة بالأصفر والبنفسجي مُحاك عليها من الأمام "Cs" مرتين بخط كبير. إنه شعار المدرسة الثانوية حيث درّس الرياضيات لعشرة أعوام وما زال يدرب فريق كرة القدم بعد دوام المدرسة. ويقول: "أردت أن أحضر شيئاً من وطني".

صفقة جديدة لصالح اللاجئين

كان برتين في نيويورك لسرد قصته في مقر الأمم المتحدة دعماً لاتفاق عالمي جديد يُعرف بالميثاق العالمي بشأن اللاجئين ويهدف إلى تعزيز الدعم المقدم إلى اللاجئين والبلدان التي تستضيفهم. ومن بين الحلول التي يشجعها الاتفاق الجديد، هناك المزيد من فرص إعادة التوطين كالفرصة التي حصل عليها برتين.

يقول برتين: "هناك سوء فهم لما هو عليه اللاجئ وما يطلبه، فكل ما يطلبه اللاجئون هو الحصول على فرصة. أحياناً ننظر إلى ذلك من منظار 'ماذا سيكلفني ذلك؟' ولكننا لا ننظر إليه من الجهة الأخرى 'ما الذي يمكن للاجئين أن يقوموا به؟ كيف يمكنهم إغناء مجتمعنا؟'

ونظراً لما مر به خلال طفولته، يستمتع برتين بشدة في العمل مع أطفال معرضين للخطر وهو قادر على التواصل معهم أكثر مما يستطيع المدرس العادي التواصل معهم.

"لكننا لا ننظر إليه من الجهة الأخرى وهي 'كيف يمكنهم إغناء مجتمعنا؟'"

ويقول: "أنا أعرف من أين يأتون وما هو عليه الأمر بأن لا يحصلوا على الطعام وبأن يفكروا بأن العالم كله ضدهم وبأنهم لا يفهمون اللغة الإنكليزية. ولكنني أعرف أيضاً بأنها فرصة لأظهر لهم بأنني أفهمهم وبأنني سأعمل معهم تدريجياً حتى يتمكنوا من النجاح".

غالباً ما يعود طلابه السابقون حتى بعد مرور أعوام ليطلبوا منه المشورة أو المساعدة في أمر يواجهونه. إنهم من أكبر الداعمين له على وسائل التواصل الاجتماعي، وغالباً ما يضعون تعليقات جيدة عنه.

في متحف غوغنهايم، يناقش برتين لوحة مجردة مع ابنته جيزيل البالغة من العمر 8 أعوام. ترى الفتاة الصغيرة فراشة باللون الزهري والأصفر بجناحين مفتوحين في حين أن برتين يرى أنها تظهر محارة. يشعر اللاجئ السابق بالسعادة لكيفية إطلاق الفن للمخيلة. ويضيف قائلاً: "يمكننا النظر إلى الأمر نفسه ونرى شيئاً مختلفاً جداً".

ومع عرض لوحات مختلفة، يتحدث مع ابنته للاطلاع على وجهة نظرها والإجابة على أسئلتها. وحتى كسائح لا يستطيع برتين أن يبتعد عن صفته كمدرس.