إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

نازحة هندوراسية تبرز كأحد ركائز مجتمعها رغم المصاعب

قصص

نازحة هندوراسية تبرز كأحد ركائز مجتمعها رغم المصاعب

21 ديسمبر 2022
63a097dd4.jpg
بالنسبة إلى لورا*، وهي أم لخمسة أطفال في هندوراس، كان النزوح القسري لفترة طويلة حقيقة مروعة في حياتها.

بالنسبة إلى لورا، كادت المأساة أن تصبح الشغل الشاغل في حياتها، حيث واجهت حوادث مروعة واحدة تلو الأخرى في دائرة لا نهاية لها على ما يبدو من العنف والنزوح.

هكذا كان الأمر عندما قُتل شقيقها، في مدينة سان بيدرو سولا، مسقط رأس العائلة في هندوراس، في عام 2003. ولأن قاتليه اشتبهوا في أن تكون لورا على علم بهويتهم، فقد اضطرت بعد جنازته بوقت قصير للفرار حفاظاً على حياتها، تاركة وراءها خمسة أطفال مع بعض الأقارب.

في ذلك الوقت، أتاحت لها مآسي العائلات الأخرى بالعودة بسرعة، وذلك بعدما قُتل قتلة شقيقها بعد شهر واحد فقط.

لكن بالنسبة إلى لورا، كان هذا النزوح الأولي بداية لما سيصبح نمطاً، مع حدوث موجات مفاجئة من العنف تقلب حياتها رأسها على عقب وتجبرها على الفرار.

"علينا الفرار لإنقاذ أنفسنا وأطفالنا"

وقالت لورا: "إنها تجربة صعبة للغاية أن تضطر لمغادرة بلدك أو منزلك بسبب ما يحدث في الحي، لكن للأسف هؤلاء الناس (العصابات) هم من يسيطرون ... ويمكنهم فعل أي شيء تقريباً. للأسف، علينا (الفرار) لإنقاذ أنفسنا وأطفالنا".

لورا ليست الوحيدة، فقد أجبر العنف المروع الذي تمارسه العصابات الإجرامية، مئات الآلاف من الأشخاص في هذه الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى على الفرار إلى دول أخرى وأيضاً داخل حدود هندوراس. وقد أشارت دراسة حكومية إلى أن التجنيد الإجباري للعصابات، والابتزاز، والقيود المفروضة على حرية تنقل السكان، والانتهاكات الجنسية، والأشكال الأخرى من العنف أدت إلى نزوح أكثر من 247 ألف هندوراسي بين عامي 2004 و 2018. وكان أكثر من نصف هؤلاء النازحين من النساء و 43 بالمائة من الأطفال والمراهقين.

لا يحرم النزوح الداخلي المتضررين من راحة البال فحسب، بل إنه يسلب منهم في أغلب الأحيان سبل عيشهم وأسرهم وكل شيء بنوه في حياتهم. وغالباً ما يصارع النازحون داخلياً من أجل التعامل مع الصدمات النفسية، ليس فقط بسبب ترك كل شيء وراءهم، ولكن أيضاً جراء الوقوع فجأة في حالة من عدم اليقين والفقر.

يناقش الكونغرس الهندوراسي حالياً مشروع قانون سيكون - في حالة إقراره - علامة بارزة من حيث حماية حقوق النازحين داخلياً في البلاد. ومن شأن التشريع أن يضع حجر الأساس لتوفير حلول طويلة الأجل ومستدامة لهؤلاء النازحين.

خلال آخر زيارة له لهندوراس، وهي المحطة الأولى في مهمة عمل لثلاث دول يقوم بها إلى أمريكا اللاتينية اشتملت أيضاً على محطات في كولومبيا والإكوادور، التقى المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، برئيس كونغرس هندوراس للتأكيد على أهمية مشروع القانون. كما التقى بعائلات نازحة داخلياً في كل من هندوراس وكولومبيا، والتي تضم حوالي 6.7 مليون نازح داخلياً، وهو ثاني أكبر عدد من النازحين داخلياً في العالم، بعد سوريا.

تعمل المفوضية في جميع أنحاء الأمريكيتين لتحقيق الاستقرار والأمل للنازحين داخلياً، وذلك من خلال المساعدة ليس فقط في توفير المساعدات الطارئة التي يحتاجون إليها في أعقاب نزوحهم مباشرة، بل أيضاً التوصل إلى الحلول المتوسطة والطويلة الأجل التي تهدف إلى إتاحة الفرصة لهم لإعادة بناء حياتهم.

أُجبرت لورا، وهي أم لخمسة أطفال في هندوراس، على الفرار مرة أخرى بعد حوالي تسع سنوات من نزوحها لأول مرة. وكما حدث في المرة الأولى، فقد كانت التجربة بالنسبة إليها بمثابة صاعقة مفاجئة.

بعد ظهر أحد الأيام من عام 2012، كانت تجلس في شرفة منزلها في مدينة تشولوما الواقعة على مشارف سان بيدرو سولا، عندما سمعت طلقات نارية تدوّي في مكان قريب. وسرعان ما أدركت أن أعضاء العصابات التي تعمل في المنطقة كانوا يعدمون بعض السكان. ركضت بحثاً عن غطاء تحتمي به لكنها علقت في مرمى النيران، لتصاب في ذراعها.

لحسن الحظ، أدركت إحدى جيرانها ما حدث وقفزت على الفور لنجدتها، لتضع لورا في سيارتها وتنقلها إلى المستشفى المحلي.

تستذكر قائلة: "أخبرني الطبيب أنني لو وصلت بعد خمس دقائق، لكنت فارقت الحياة لأنني فقدت الكثير من الدماء".

لكن بينما نجت بحياتها، إلا أن محنة لورا لم تنته: فكما حدث عندما تلقت تهديدات بالقتل في أعقاب مقتل شقيقها، فقد بزغ اليقين عليها هناك في المستشفى، بأنها لم تعد تتمكن من العودة مرة أخرى إلى منزلها.

عند خروجها من المستشفى، فرت لورا إلى حي ناءٍ، لتجرأ أخيراً على العيش في بيت لها والعودة إلى حياتها وأطفالها وإلى منزل متداعٍ بعد بضعة أشهر.

تنسب لورا الفضل إلى منظمة نسائية انضمت إليها كجزء من محاولتها للهروب من العلاقة المسيئة مع والد أطفالها الخمسة لمنحها الثبات من أجل تجاوز المآسي وحالات النزوح المتكررة.

تواصل أعضاء المجموعة، المعروفة باسمها المختصر باللغة الإسبانية MOMUCLAA، مع لورا، حيث قدموا لها الدعم الذي تشتد الحاجة إليه، بما في ذلك خدمات الصحة النفسية الطارئة ورأس مال صغير لبدء مشروعها الخاص بها.

تأسست المجموعة في عام 1993، وهي تعمل على مساعدة النساء في حي لوبيز أريانو الذي تسيطر عليه العصابات على النجاة من العنف والتصدي للأوضاع اليائسة التي تغذي النزوح القسري - والذي يؤثر أيضاً على النساء والأطفال أكثر من غيرهم. وتقدم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الدعم المالي والتقني للمنظمة.

"أحب أن أتمكن من رعاية النساء ومساعدتهن"

وقال أندريس سيليس، ممثل المفوضية في هندوراس: "تكمن القيمة التي لا تضاهى للمجموعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني في قدرتها على توفير الاستقرار لأولئك المجبرين على الفرار"، مضيفاً أن قصة لورا تسلط الضوء على أنه يمكن لمنظمات مثل MOMUCLAA مساعدة الناجين على استمداد القوة من المأساة: "من خلال حياة تتسم بالحركة المستمرة على ما يبدو، وجدت لورا الاستقرار عن طريق خدمة أولئك المتواجدين في مواقف مماثلة".

تعيل الآن لورا نفسها وعائلتها من خلال عملها في مجال المجوهرات، وقد تطورت من شخص يحتاج إلى المساعدة إلى أحد أركان مجموعة MOMUCLAA، حيث تقدم دعماً حيوياً للنساء الأخريات.

وقالت لورا بابتسامة عريضة: "أحب أن أتمكن من رعاية النساء ومساعدتهن. الآن أعيد ما تلقيته من MOMUCLAA لأنهم جعلوني المرأة التي أنا عليها الآن. أنا فخورة لكوني الشخص الذي أنا عليه اليوم".

* تم تغيير الاسم لأسباب تتعلق بالحماية.