إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

ارتفاع في حالات الانتحار بين لاجئي جنوب السودان في أوغندا

قصص

ارتفاع في حالات الانتحار بين لاجئي جنوب السودان في أوغندا

توفر مبادرات الصحة العقلية مساحة للاجئين والمجتمعات المضيفة للتغلب على الألم والعزلة – والحد من المزيد من الوفيات.
28 يناير 2020 متوفر أيضاً باللغات:
5e21efc31.jpg
اللاجئة السودانية الجنوبية روز* (باللون الوردي) في مستوطنة بديبيدي الأوغندية. تلقت روز المشورة منذ يوليو 2019 عندما حاولت الانتحار. * تم تغيير الأسماء لأسباب تتعلق بالحماية

عندما طلب أحد الأخصائيين النفسيين من روز* اختيار نموذج يمثل وجهها وحالتها المزاجية، ترددت وعضت على شفتيها ثم أشارت إلى وجه بعينين مفتوحتين وفم مغلق.


لم تشعر روز لا بالسعادة ولا الحزن، لكن هذا بحد ذاته كان بمثابة تحسن.

اضطرت هذه الأم والتي لديها خمسة أطفال للفرار من النزاع في جنوب السودان بعد أن شهدت مقتل زوجها قبل الوصول إلى مخيم اللاجئين في أوغندا والذي يبلغ تعداد سكانه 230,000 شخص.

قد أمضت الأشهر القليلة الماضية في حضور جلسات منتظمة للإرشاد الجماعي بعد أن أنقذها ابنها البالغ من العمر 10 سنوات من محاولة انتحار.

انهمرت الدموع من وجه روز البالغة من العمر 33 عاماً، لكنها لم تكن تشعر بالحرج، وقالت: "أدرك بأنني لست سعيدة بحياتي، لكنني على الأقل أعرف الآن أنه ليس من العيب أن أشعر بذلك".

وجدت المفوضية بأن عدد حالات الانتحار ومحاولات الانتحار التي تقع بين لاجئي جنوب السودان الذين يعيشون في مخيمات عشوائية في أوغندا قد ارتفع لأكثر من الضعف في عام 2019 مقارنة بالعام السابق. وقد كانت هناك 97 محاولة انتحار نتجت عنها 19 حالة وفاة.

على الرغم من أن الانتحار هو أيضاً مشكلة شائعة بين عامة السكان في شمال أوغندا، إلا أن الزيادة بين اللاجئين في أماكن مثل بيديبيدي يعني أن هناك مشكلة متفاقمة، وهي الحاجة الماسة لخدمات الرعاية الصحية النفسية للأشخاص الذين فروا من الأزمات وفقدوا شبكات الدعم وكافحوا من أجل كسب لقمة العيش في بلد اللجوء.

فر أكثر من مليوني شخص جنوب سوداني، معظمهم من النساء والأطفال، من وطنهم هرباً من الصراع الدامي بين الحكومة وأحزاب المعارضة، ويعيش 40% منهم في أوغندا. وقد شهد الكثير منهم أو تعرضوا لهجمات وانتهاكات جنسية وتعذيب سواء في ديارهم أو أثناء فرارهم.

5e21efc72.jpg
اللاجئة روز* من جنوب السودان تسير مع ولدها البالغ من العمر 10 سنوات في مخيم بديبيدي الأوغندي. أنقذها ابنها في اليوم الذي حاولت فيه الانتحار في يوليو 2019.

وقد خلص تقييم مشترك أجرته المفوضية والمنظمات الشريكة في عام 2018 إلى أن 19% من أسر اللاجئين في شمال أوغندا أفادت بأن فرداً واحداً على الأقل من الأسرة يعاني من ضائقة نفسية أو من الخوف.

وقال أقل من نصف المشاركين في الاستبيان بأن أفراد الأسرة المتأثرين حصلوا على الرعاية النفسية والاجتماعية، كالاستشارة الفردية وجلسات جماعية للعلاج النفسي والتأمل.

هناك عدد من برامج الحد من الانتحار، كتلك التي شاركت فيها روز، والتي تديرها "منظمة عبر الثقافات النفسية الاجتماعية" وهي منظمة محلية غير حكومية، وذلك بدعم من المفوضية. وقد تمكنت المنظمة من الوصول إلى 9,000 لاجئ وأوغندي من السكان المحليين في مخيم بيديبيدي وحوله في العام الماضي، حيث قدمت لهم المشورة بشأن كيفية التعامل مع الأفكار السلبية والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والوصول إلى سبل المساعدة.

كما تدير المنظمة برامج للمساعدة في القضاء على الشعور بالعار المرتبط بالصحة النفسية، ومساعدة مقدمي الرعاية الصحية المدربين والمستشارين المجتمعيين.

"لقد مروا بعقود من الحروب الدموية"

حصلت المفوضية وشركاؤها على 40% فقط من 927 مليون دولار، وهو المبلغ المطلوب لمساعدة اللاجئين والمجتمعات المضيفة في أوغندا في عام 2019. وفي ظل هذا التمويل المحدود، لم تصل "منظمة عبر الثقافات النفسية الاجتماعية" وغيرها من المنظمات التي تقدم الدعم في مجال الصحة العقلية والصحة النفسية الاجتماعية إلا إلى 29% فقط من لاجئي جنوب السودان ممن هم بحاجة إلى خدماتها، وإلى نسبة أصغر من أفراد المجتمع المحلي.

آفاق التمويل لعام 2020 ليست واعدة، وسيكون من المستحيل دعم برامج فعالة للصحة العقلية - أو حتى تحديد من الذي يحتاج إلى المساعدة - من دون توفر المزيد من الأموال من جانب الحكومات والقطاع الخاص والمانحين الآخرين.

ووفقاً لإيجاز صحفي للمفوضية مؤخراً حول هذه القضية، فإن من بين العوامل الرئيسية التي تسهم في ارتفاع معدل الانتحار، حوادث العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، والتجارب التي تتسبب بصدمات نفسية سواء قبل الفرار من البلد الأم أو بعد الوصول إلى مخيم اللاجئين، والفقر المدقع، والافتقار إلى الوصول الهادف إلى سبل التعليم وفرص العمل.

كما ساهمت معرفة عدد قليل من الأشخاص في البلدان الجديدة في تنامي شعور اللاجئين بالعزلة والعجز.

وقال آدم*، البالغ من العمر 42 عاماً وهو أب لخمسة أطفال، بأنه تم تشخيص زوجته ماري* باضطراب ثنائي القطب في عام 2012 في بلدة يي الواقعة في جنوب السودان.

تدهورت حالة ماري بعد وصول العائلة إلى مخيم بيدبيدي في سبتمبر 2016. وفي يوم مشمس من شهر يونيو، قالت ماري لآدم بأنها ذاهبة إلى منزل شقيقها، لكنها لم تصل إلى هناك أبداً، حيث وجدها أحد الجيران في اليوم التالي وهي معلقة على شجرة المانغو.

وأوضح آدم قائلاً: "لم تستطع زوجتي قبول حقيقة أنها لم تعد قادرة على الطهي، ورعاية المحاصيل وتنظيف فناء المنزل. لم يكن بمقدورها تحمل حالة التعب المستمرة".

وأضاف: "لم يكن لديها أي أصدقاء هنا لتتبادل معهم مشاعرها وقلقها. لم يرغب جيراننا في التعامل معنا بسبب المشكلة النفسية لزوجتي. أعتقد أن هذا هو ما حطمها في أعماقها".

تتعامل أيضاً المجتمعات المضيفة مع حالات مشابهة تتعلق بمشاكل الصحة العقلية. ووفقاً للدراسة المشتركة لعام 2018، ذكرت 27% من الأسر في شمال أوغندا أن فرداً واحداً على الأقل من أفراد الأسرة يعاني من ضائقة نفسية.

وقال تشارلز أولارو، مدير الخدمات العلاجية في وزارة الصحة الأوغندية: "لديهم الكثير من العوامل المشتركة مع اللاجئين من جنوب السودان. لقد مروا أيضاً بعقود من الحروب الدموية والنزوح المتعدد والأوبئة والحرمان وأجيال من الصدمات النفسية غير المعالجة".

في بلدة يومبي، الواقعة على بعد حوالي 30 كم غرب مخيم بيديبيدي، أقدم العديد من الأوغنديين على الانتحار مؤخراً، بمن فيهم أندرو* البالغ من العمر 16 عاماً. وقد كان هذا الشاب محباً لكرة القدم وكان يساعد والدته في بيع حوافر البقر بعد المدرسة لكسب الرزق، وقد توفي في أكتوبر الماضي.

تخلى والد أندرو عن العائلة، وكان لدى والدته بالكاد ما يكفي من المال لإعالة الأسرة. وقالت لوسي بأنه لدى عائلتها سجل في الانتحار، لكنها أصرت على أن الشعوذة هي التي قتلت ابنها: "ليس هناك تفسير آخر. لقد وضع الجيران تعويذة عليه لأنهم يحسدونني على وجود صبي قادر على رعاية المنزل وكسب المال الخاص به".

تتلقى روز وآدم ولوسي وأطفالهم بانتظام الدعم النفسي والاجتماعي من "منظمة عبر الثقافات النفسية الاجتماعية"، سواء بشكل فردي أو كمجموعة، ويتبادلون قصصهم ويبنون الصداقات.

وقالت روز: "ساعدتني جلسات الإرشاد على استعادة الأمل والحب لنفسي".

*تم تغيير الأسماء بناء على طلب من أجريت معهم المقابلات

محتوى ذو صلة: هل يمكن لأدوات "المساعدة الذاتية الموجهة" أن تحفز عملية التعافي أثناء الأزمات الإنسانية؟ دراسة جديدة أجرتها منظمة الصحة العالمية وجامعة جونز هوبكنز بدعم من المفوضية وشركاء آخرين توفر الأمل ولكن هناك حاجة للمزيد من البحث. وقال بيتر فينتفوغيل، كبير مسؤولي الصحة العقلية في المفوضية: "يمكن توسيع هذا النوع من التدخل بسرعة في حالات الطوارئ والوصول إلى أعداد كبيرة من الأشخاص المحتاجين، ولكن يجب استكماله بتدخلات أكثر كثافة لمن يحتاجون إليه".