إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

إمام مسجد يدير مخيماً للنازحين داخلياً في العراق

قصص

إمام مسجد يدير مخيماً للنازحين داخلياً في العراق

أعمال العنف في محافظة الأنبار المجاورة أجبرت المدنيين على مغادرة منازلهم، وقد تدفّق المئات منهم إلى الحي الذي يُقيم فيه في منطقة المنصور الواقعة غرب بغداد.
31 يوليو 2015 متوفر أيضاً باللغات:
55ba370b6.jpg
بدأ أبو سيف بإدارة المخيم منذ أقلّ من ثلاثة أشهر. وباعتباره إمام المسجد المحلي، كان شاهداً، على مدى أكثر من عام، على أعمال العنف في محافظة الأنبار المجاورة التي أجبرت المدنيين على مغادرة منازلهم.

بغداد، العراق، 3 أغسطس/آب (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - تنعكس صورة الخيام المصطفة في مخيم حي الجامعة على زجاجتَيْ النظارة الشمسية الكبيرة الحجم التي يضعها الشيخ رمزي أبو سيف الذي يرتدي دشداشة بيضاء طويلة ويمسك بيدَيْه جهاز إرسال واستقبال لاسلكي ويحاول تسيير أمور حشد كبير من المسؤولين المحليين والموظفين الثانويين وسكّان المخيم الذين يريدون تقديم الشكاوى أو طلب الحصول على الخدمات أو الذين يقصدونه لشرب الشاي أو التدخين.

يتصرّف أبو سيف بسلاسة تامّة وسط هذه الفوضى إلى حد أن القليل من الأشخاص قد يصدقون أنّه لم يمضِ على توليه إدارة هذا المخيم المخصّص للنازحين داخلياً سوى أقلّ من ثلاثة أشهر. وباعتباره إمام أحد المساجد المحلية، كان شاهداً، على مدى أكثر من عام، على أعمال العنف في محافظة الأنبار المجاورة التي أجبرت المدنيين على مغادرة منازلهم، وقد تدفّق المئات منهم إلى الحي الذي يُقيم فيه في منطقة المنصور الواقعة غرب بغداد.

يقول أبو سيف أنّ مخيم حي الجامعة تأسس مؤخراً، ويصف حال النازحين بأنّهم تُركوا بصورة عامّة لمواجهة هذه الأزمة بمفردهم بعد أول التدفقات التي حدثت في أوائل عام 2014: "كان الناس ينامون في المدارس والمنازل وحتى في الحدائق".

وفي الإجمال، يستضيف مخيم حي الجامعة حالياً ما يزيد عن 300 أسرةٍ. وقد أقام معظمها في البداية مع أفراد من عائلتهم الممتدّة، في حين اضطرت الأسر الباقية إلى الإقامة في مبانٍ نصف مكتملة أو إلى النوم على أرضيات غرف التدريس.

ومنذ اللحظة التي وصلت فيها العائلة الأولى، تولّى أبو سيف مسؤولية إدارة الوضع.

وقال وهو يسحب سجلاً ثقيلاً من وراء مكتبه: "لقد أخذت المعلومات الضرورية من كلّ شخص جديد قَدِم إلى المخيم. ولدي قائمة بأسماء كلّ عائلة، كما احتفظتُ بسجّل يذكر بدقّة الجهات التي ساعدتها والتي كانت تقدّم لها كلّ وجبة غداء ووجبة عشاء".

وقد حضّرت العائلات التي تُقيم في الحي الوجبات وتبرّعت بها بالتناوب، كما قدّم الأطباء المحليون خدماتهم مجاناً وأمّن رجال الأعمال الأثرياء نقل الإمدادات بالشاحنات. وكانت الاستجابة عشوائيةً وإنّما سريعةً وفعّالةً في معظمها.

ولكن مع تفاقم حدّة القتال في محافظة الأنبار دون ظهور أي مؤشرات تدلّ على إمكانية انتهائه عمّا قريب، قال أبو سيف بأن الأزمة الإنسانية الناشئة تحولت إلى أزمة شائكة سريعاً. وفي فترة ما بعد الظهر من أحد أيام الجمعة المُوافق في منتصف شهر أبريل/نيسان، وجّه نداءً مباشراً إلى الحكومة العراقية.

وقال أبو سيف رافعاً صوته وراسماً إشارات واسعة بيدَيْه بينما يتذكّر كلمته: "قلتُ لهم، أوّلاً نحن جميعاً عراقيون. ونحن شعبٌ واحد، يجب ألا يكون هناك أي فرق بين القادة والمدنيين. لقد انتخبناكم! والآن، لا بدّ لكم من تقديم الخدمات لنا!"

وفي اليوم التالي، وصلت الخيام والإمدادات التي قدمتها الحكومة إلى عتبة مسجده. فضحك أبو سيف وهو يشعر بالدهشة إزاء سرعة الاستجابة. وفي غضون بضعة أيام، نُقلت كافّة الأسر البالغ عددها 300 إلى الخيام التي نُصبت على أرض ملعب قديم لكرة القدم.

ولا يزال يجري التبرّع بالغذاء محلياً ولكنّ العملية أصبحت أكثر تنظيماً في الوقت الحالي، مع الدجاج المطهو وأكوام الأرز التي تصل بكميات وافرة إلى المخيم داخل علب بلاستيكية كبيرة. وقد قدّمت المفوضية للأسر في المخيم الفرش والبطانيات ومستلزمات النظافة الصحية والأوعية البلاستيكية لتخزين المياه والوقود.

وقال برونو جيدو ممثل المفوضية في العراق: "تعتبر قصّة مخيم حي الجامعة مثالاً رائعاً على التضامن والسخاء اللذَيْن أظهرهما عدد لا يُحصى من العراقيين لمساعدة شركائهم في الوطن الذين أُجبروا على الفرار من النزاع وأعمال العنف".

وأضاف غيدو: "لكن قد يتغيّر هذا السلوك الإيجابي مع تفاقم أزمة النزوح أو تحولها إلى أزمة طويلة الأمد وبالتالي لا يُمكن اعتباره أمراً مسلماً به. ومن خلال توفير المستلزمات المنزلية، تسعى المفوضية جاهدةً إلى استكمال الجهود التي تبذلها المجتمعات المحلية بهدف تحسين اعتماد العراقيين النازحين داخلياً على أنفسهم وبالتالي ضمان التعايش السلمي بين النازحين والمجتمعات المحلية التي تستضيفهم".

وكانت عائلة أحمد وزوجته هيام التي تضم أربعة أطفال، إحدى العائلات التي تقيم في مبنى نصف مكتمل قبل افتتاح المخيم.

قالت هيام من داخل الخيمة التي تتشاركها حالياً مع عائلتها: "لم يكن لدينا نوافذ أو أبواب، وكنّا معرضين لكلّ شيء. وقد كان الطابق الثاني من المبنى مليئاً بالقمامة. وبصراحة، كان اضطرارنا لتحمّل هذه الرائحة يومياً الجزء الأصعب من هذه التجربة".

وفي المخيم، تتشارك عائلة هيام خيمةً واحدةً وقد افتتح زوجها أحمد متجراً صغيراً يبيع فيه المشروبات والوجبات الخفيفة. ويقولان إنّهما في الوقت الراهن يحمدان الله لأنّهما أصبحا يملكان مكاناً أكثر راحةً ينتظران فيه انتهاء النزاع الذي اجتاح مدينتهما، ولكنّهما سيفضلّان دوماً العودة إلى الفلّوجة.

بالنسبة إلى إمام المسجد المحلي، فإن إنشاء هذا المخيم وإدارته اليومية مهمة أخذها على عاتقه شخصياً. ولا يقع مخيم الجامعة في محيط إقامة أبو سيف فحسب بل أيضاً في الشارع الذي يقع فيه مسجده. فمنزل أبو سيف يقع مباشرةً فوق الخيام المتراصفة في الزاوية الشمالية الغربية من المخيم، أما مسجده فعلى طول الجهة المتاخمة للمخيم.

ويبتسم أبو سيف مشيراً إلى شرفة منزله المُواجهة من بين صفَيْن من الخيام ويقول: "أستطيع دوماً رؤية المخيم حتّى حين أكون في المنزل. فأنا لا أبتعد عنه أبداً".

بقلم سوزانا جورج، العراق