إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

فريق من اللاجئين يتصدى لحرائق الغابات في موريتانيا

قصص

فريق من اللاجئين يتصدى لحرائق الغابات في موريتانيا

1 ديسمبر 2021 متوفر أيضاً باللغات:

تندفع قافلة من الشاحنات الصغيرة عبر حقل من الأعشاب الطويلة والشجيرات، باتجاه عمود من الدخان يبدو من بعيد. يجلس في مؤخرة الشاحنات رجال من جميع الأعمار، أعينهم مثبتة على الدخان المتصاعد.


ومع اقتراب المركبات من مصدر الدخان – والذي يتبين بأنه واحد من حرائق الغابات الضخمة - يقفز الرجال من على متن الشاحنات، مسلحين بأغصان الأشجار فحسب، لينهالوا على النار ويصرخون عالياً ويتحركون في انسجام تام. وفي غضون دقائق، يتمكنون من إخماد الحريق الذي خلّف وراءه منطقة متفحمة يبلغ طولها حوالي كيلومترين بعرض ثلاثة كيلومترات.

في قلب الحدث يقف أحمد البخاري، البالغ من العمر 52 عاماً، وهو لاجئ من مالي وقائد فرقة الإطفاء التطوعية هذه.

يقول وهو يمسح العرق الذي يتصبب حول عينيه: "هذا هو الحريق الثالث الذي نطفئه خلال 24 ساعة".

وبينما كان رفاقه مجتمعون حوله، يلتقط هاتفه ويتحدث بسرعة ويطلق تعليمات جديدة، إذ أن هناك حريق آخر على بعد حوالي خمسة كيلومترات؛ ليقفز الرجال على متن الشاحنات ويهرعون في الاتجاه المعاكس.

هذا هو يوم نموذجي لأحمد ورفاقه من فرقة رجال الإطفاء، والمؤلفة من حوالي 100 لاجئ من مالي ومواطنين موريتانيين. وتتولى هذه الفرقة مهمة إخماد الحرائق في المنطقة المحيطة بمخيم أمبرة للاجئين في منطقة الحوض الشرقي الواقعة في جنوب شرق موريتانيا.

بدأت موريتانيا تستشعر الآثار الناجمة عن تغير المناخ، إذ أن حوالي 90 بالمائة من أراضيها عبارة عن مناطق صحراوية، مما يجعلها عرضة بشكل خاص لآثار تصحر الغابات والجفاف.

نظراً لأن المناخ هنا أصبح أكثر سخونة، فإن تواتر حرائق الغابات قد ارتفع بمعدل ينذر بالخطر، مما يشكل تهديداً خطيراً للأعشاب المتناقص عددها ولغطاء الأشجار. في موسم الجفاف هذا (من سبتمبر 2020 إلى يوليو من هذا العام)، تم تسجيل أكثر من 35 حريقاً من حرائق الغابات، وهو ارتفاع من 15 في موسم الجفاف السابق.

يقول أحمد، والذي يعيش هنا منذ عام 2012: "لم نشهد مثل هذا العام من قبل. هذا هو العام الذي يشهد أكبر عدد من حرائق الغابات".

يعيش حوالي 68,000 مالي في مخيم أمبرة وما حوله، والواقع على بعد حوالي 60 كيلومتراً من الحدود مع مالي. معظم اللاجئين، مثل مضيفيهم الموريتانيين، هم من الرعاة ولديهم قطعان كبيرة من الماشية. وكان اعتمادهم الشديد على البيئة لتوفير المراعي لقطعانهم ورغبتهم في المساعدة في حماية المجتمعات المحلية التي تستضيفهم السبب وراء تشكيل فرقة الإطفاء.

"إذا لم نهب لإخماد حرائق الغابات، فسوف تتأثر حياتنا"

خلال موسم الجفاف، والذي يمتد من سبتمبر إلى يوليو، يجف العشب الأخضر الطويل الذي ينمو خلال موسم الأمطار ويصبح مثل القش، مما يجعله سهل الاشتعال.

ويوضح أحمد، قائلاً: "هناك الكثير من العشب الجاف الآن وعندما تشتعل النيران في جزء منها، تشتعل النيران في المنطقة بأكملها بسرعة. نتدخل لأنه ليس لدينا خيار. وإذا لم نهب لإخماد حرائق الغابات، فسوف تتأثر حياتنا".

يظهر رجال الإطفاء هؤلاء قدراً كبيراً من التفاني لدرجة أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والسلطات المحلية تدعمهم بأمور مثل النقل والاتصالات لتمكين هواتفهم المحمولة من التواصل مع شبكة من الأشخاص في المنطقة والذين ينبهونهم عند نشوب حريق.

يقول محمد شيخ، محافظ مقاطعة باسكنو: "كلما اندلع حريق ما، فإننا نتصل بفرقة إطفاء اللاجئين، ونعمل جميعاً معاً لإطفائه".

ويضيف أن الحرائق مصدر قلق كبير لكل من اللاجئين والموريتانيين. من خلال العمل معاً لإطفائها، فإن المجتمع بأكمله يحارب عدواً مشتركاً ويحسن العلاقات في هذه العملية.

وأشار بنجامين كامبالي، المسؤول الميداني للمفوضية في باسكنو، إلى أن فرقة الإطفاء أصبحت رمزاً للنشاط البيئي، مما دفع اللاجئين والمجتمعات المضيفة والوكالات الشريكة إلى بذل المزيد من الجهد.

ويوضح أن إحدى الطرق الرئيسية التي اعتمدتها المجتمعات المحلية للحد من حرائق الغابات هي إنشاء "جدران الحماية من النار" – وهي عبارة عن مساحات من الأرض يتم تطهيرها من النباتات الجافة والنباتات الأخرى التي يمكن أن تغذي حرائق الغابات.

ويوضح قائلاً: "في العام الماضي، تم بناء 100 كيلومتر من جدران الحماية من النار"، مضيفاً أن هذه الجهود تساهم في السور الأخضر العظيم - وهو مشروع ضخم لإعادة التشجير يهدف إلى زراعة حاجز بطول 8,000 كيلومتر لمكافحة التدهور البيئي في منطقة الساحل.

أسست "نجدة الصحراء"، وهي منظمة محلية شريكة للمفوضية، مشاتل للأشجار في جميع أنحاء المخيم، حيث يقوم اللاجئون والموريتانيون على حد سواء برعاية الآلاف من الشتلات. وحتى سبتمبر من هذا العام، تم زرع أكثر من 58,000 شجرة كجزء من جهود إعادة التشجير في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص ما يقرب من 10 هكتارات من الأراضي داخل المخيم وحوله للاجئين والسكان المحليين لزراعة الخضروات مثل الطماطم والفلفل والكركديه والفاصولياء والبصل. لا تساعد حدائق الخضروات في الحفاظ على البيئة من خلال زيادة الغطاء الأخضر وتقليل تدهور التربة فحسب، بل إنها تعمل أيضاً على تحسين النظم الغذائية للاجئين والموريتانيين.

تقوم المنظمات التي يقودها اللاجئون مثل "متطوعون من اللاجئين من أجل نظافة المخيم" أيضاً بإجراء حملات توعية مجتمعية منتظمة بهدف تثقيف سكان المخيم حول كيفية الحفاظ على البيئة، وفوائد زراعة الأشجار، والحد من استخدام الحطب، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية.

يقول كامبالي: "كل شخص يقوم بواجبه لمواجهة تحديات المناخ"، مضيفاً أنه تم افتتاح مركز تدريب مهني في المخيم، حيث يمكن للاجئين والموريتانيين تلقي دورات في الهندسة الكهربائية والميكانيكية وتعلم كيفية تركيب وصيانة ألواح الطاقة الشمسية.

وبينما تواصل المفوضية - والتي تخطط للتبرع بسيارة إطفاء لمقاطعة باسكنو في عام 2022 - العمل مع الشركاء الآخرين والسلطات المحلية لتوسيع نظاق الأنشطة البيئية في المنطقة، يبقى أحمد ورجال الإطفاء الشجعان العاملون معه ملتزمين بقضيتهم – وهي إنقاذ المراعي التي هي بمثابة شريان حياة لأسلوب حياتهم.

يقول: "لا أحد يجبرنا على القيام بهذا العمل. نحن نفعل ذلك بمحض إرادتنا لأنه بالنسبة لنا، من يحمي الماشية، ويحمي ذويه، وفي نفس الوقت يقيم علاقات جيدة بين اللاجئين والسكان المحليين، لا يسعنا إلا أن نكون فخورين به".