إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

اللاجئون العائدون إلى جنوب السودان يطلقون مشاريع زراعية

قصص

اللاجئون العائدون إلى جنوب السودان يطلقون مشاريع زراعية

يتطلع اللاجئون العائدون إلى بناء مستقبل آمن، ويعملون جنباً إلى جنب مع السكان المحليين لتحويل قطعة أرض مساحتها 250 فداناً من الأدغال إلى مزرعة منتجة.
27 أكتوبر 2022 متوفر أيضاً باللغات:

مع اقتراب موسم الأمطار بعد أيام قليلة، تتسابق مجموعة من عمال المزارع لإزالة جذوع الأشجار وتقطيع الأغصان وحفر التربة عبر مساحة واسعة من الأدغال في هذه الزاوية النائية من جنوب السودان، والواقعة بالقرب من الحدود مع أوغندا.


يعملون من أجل هدف واحد، حيث يأملون في زراعة المحاصيل على نطاق كافٍ من الأرض لانتشال أنفسهم ومجتمعهم من العيش المشترك في ظل فقر مدقع لمجرد سد الرمق في أحد أفقر بلدان العالم وأكثرها تضرراً من النزاعات.

يقول اللاجئ العائد مواكا بول وهو يوضح الطاقة التي تتدفق عبر المزرعة على بعد ستة كيلومترات من مسار ترابي جنوب مدينة ماغوي: "إذا لم تكن تشعر بالأمل، فأنت لا تقوم بعملك. [لكن] إذا رأيت شيئاً ما في المستقبل، فسوف تركض للحصول عليه".

بول، البالغ من العمر 33 عاماً، هو عضو في مجتمع "كان-كويا" الزراعي الذي يضم لاجئين عائدين وسكان محليين في مهمة لتغيير حياتهم.

بدأت المجموعة المتسارعة النمو، والتي يعني اسمها "الفقر يبقيني مستيقظاً" في لغة أكولي، في زراعة الملفوف والطماطم والقرع والموز والسبانخ في العام الماضي على قطعة أرض مساحتها أربعة أفدنة منحدرة بشكل طفيف ويحدها أحد الجداول، وتهدف هذا العام لزراعة 250 فدان.

بدأوا بـ 31 عضواً، لكن الفريق توسع ليصبح عدد أفراده 54 شخصاً، نصفهم من اللاجئين العائدين. ويتطلعون إلى إضافة الذرة والفول السوداني والبصل هذه المرة، وبيع محاصيلهم في جوبا، عاصمة البلاد والسوق الرئيسي، حيث الأسعار أعلى.

يقول رئيس المجموعة أودونغ أنتوني: "تكمن الفكرة في العمل معاً والقضاء على الفقر ... والتوقف عن استيراد الغذاء".

"إذا كنت تعمل بمفردك، فهذا أمر صعب. إذا تعاونت، فإن الأمر يكون أسهل"

بحسب أنتوني، فإنه من أجل توسيع نطاق العمل على نحو سريع، سوف يحتاجون للمساعدة، وإن إقناع المزيد من اللاجئين بالعودة من الشتات للعمل معهم أمر أساسي. يقول إن هذه الأخبار تعود إلى المخيمات في أوغندا على بعد أميال قليلة عبر الحدود، حيث يكتسب الكثيرون مهارات ومعارف مفيدة.

وقال الرجل البالغ من العمر 45 عاماً، بينما كانت المجموعة تضع أدواتها اليدوية في مكان للاستراحة لتناول طعام الغداء المطبوخ على نار مفتوحة: "رسالتنا (لهم) هي ‘على الرحب والسعة‘. عندما تعمل بمفردك، فالأمر صعب. أما إذا تعاونت، فالأمر يكون أسهل".

من بين العائدين الجدد ممن يتمتعون بمهارات متخصصة، هناك أليس أيو ماتاتا، البالغة من العمر 30 عاماً، والتي تعلمت زراعة الغراس في المشتل، وتمكينها وتطعيمها. منذ عودتها إلى المنزل قبل عام من الآن، تحرص أيضاً على مشاركة معرفتها في تربية الحيوانات والنحل مع المجتمع الذي تعيش ضمنه، والذي يبحث بعض أفراده عن العسل البري في الغابة المجاورة، مستخدمين الدخان لتهدئة النحل. تقول: "أعرف كيف أفعل ذلك، ويمكنني تعليم الناس أيضاً".

في الوقت نفسه، يعتقد مواكا، والذي عاد من أوغندا في عام 2010 وحصل منذ ذلك الحين على شهادة جامعية في الاقتصاد ودرس المحاسبة، أن معرفته العملية يمكن أن تساعد المجموعة في أن تتطور.

"إذا تمكنا من الزراعة ونقل إمداداتنا إلى السوق، فسوف نكون بحاجة إلى محاسب. شخص يعرف كيف يُفترض أن الحفاظ على المال، وكيف يُفترض استخدامه، لعمل سجلات جيدة. هذه المعرفة يمكن أن تساعد كل التعاونيات".

يشرع الأعضاء حالياً برحلة يومية إلى المزرعة من ماغوي سيراً على الأقدام، وباستخدام الدراجات الهوائية والنارية. لكنهم يبنون منزلاً من الطوب الطيني وسط قطعة الأرض، ليكون لهم وجود على مدار الساعة، ولحماية أنفسهم من السرقة وحتى من هجمات تشنها القرود من الغابة الواقعة عبر النهر الحدودي.

وسط طنين الحشرات وتغريد العصافير والضحك الذي يملأ المكان، عادت غريس أبالو، وهي أرملة وأم لسبعة أولاد، إلى جنوب السودان قبل شهرين، مستمتعة بالطاقة والشعور بوجود هدف مشترك.

تقول غريس: "عندما أعمل ضمن مجموعة، أشعر أنه يمكننا إنجاز شيء ما. من الجيد العودة إلى الديار".

يوجد حالياً ما يقرب من 2.3 مليون لاجئ من جنوب السودان موزعين على خمس دول مجاورة. عاد أكثر من 500,000 لاجئ حتى الآن إلى جنوب السودان منذ عام 2018، حوالي 110,000 منهم إلى ولاية شرق إيكواتوريا، حيث تتخذ المجموعة مركزاً لها.

تساعد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أولئك الذين يعودون طوعاً لعيش حياة آمنة وكريمة من خلال دعم جهود بناء السلام والإدارة وسبل كسب الرزق في مقاطعة ماغوي وغيرها من "جيوب الأمل" في البلاد.

كما تساعد المفوضية مجتمع "كان-كويا" الزراعي على العمل على شكل جمعية تعاونية، حيث توفر الجرارات، وتقدم الدعم في مجال الري، والأدوات اليدوية والتدريب لأعضائها، لمساعدتهم على الانتقال من عيش الكفاف إلى اقتصاد السوق.

في حين أن مقاطعة ماغوي تعتبر آمنة إلى حد كبير في الوقت الحالي، إلا أن البلاد بأكملها لا تزال تتسم بالضعف منذ تحقيق الاستقلال في عام 2011. كما أن البلاد لا تزال تعاني من العواقب الناجمة عن اندلاع العنف الدموي بين القبائل، فضلاً عن التحديات السياسية وتأثيرات تغير المناخ.

على الرغم من الصورة المبهمة، فقد حقق المشروع حتى الآن مكاسب ملموسة للمجموعة لدرجة أن أعضاءها باتوا يشعرون بأنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح.

تقول أليس، وهي تأخذ استراحة من تنظيف أغصان الأشجار: "المثير في الموضوع هو أنني أستطيع إعالة أطفالي وهم يذهبون إلى المدرسة. هناك طعام ويمكنني شراء الملابس لهم والحصول على الرعاية الطبية". وتضيف: "أشعر بالفخر لوجودي هنا وفخورة بالعودة إلى الوطن".

"أشعر بالفخر لوجودي هنا وفخورة بالعودة إلى الوطن"

يدرك أنتوني نفسه التحديات الجمة التي يواجهها جنوب السودان، لكنه يعتقد أن المجموعة الزراعية تقدم درساً عن فوائد الوحدة التي يمكن للبلد ككل أن يتعلم منها.

يقول: "هناك مجموعات مختلفة تجتمع (هنا) من مجتمعات مختلفة لهدف واحد وهو الإنتاج. هذا هو السلام الذي يتجسد في العمل. لماذا الانتظار؟".

هذه القصة جزء من سلسلة حول مبادرة "جيوب الأمل" في جنوب السودان.