بعد انتظار 25 عاماً للحصول على شهادة ميلاد، شابٌ جنوب إفريقي يحقق حلمه بالجنسية
بعد انتظار 25 عاماً للحصول على شهادة ميلاد، شابٌ جنوب إفريقي يحقق حلمه بالجنسية
باعتباره مشرفاً على الحفلات والصيد في مقاطعة ليمبوبو بجنوب إفريقيا، فإن معرفة تيبوغو خوزا بالأرض والحياة البرية هي مفتاح رزقه ومصدر سلامته. يعتني خوزا بالجواميس وغزلان الإمبالة في المحمية الطبيعية حيث يعيش عند سفح جبال يستيربيرغ، ويشعر بالانتماء الذي حرم منه معظم حياته.
في العام الماضي، عندما كان خوزا في الخامسة والعشرين من عمره، حصل أخيراً على شهادة ميلاد من وزارة الداخلية في جنوب إفريقيا، مما يمثل نهاية لمعركة استمرت عشر سنوات للاعتراف به كمواطنٍ جنوب إفريقي.
ولد خوزا في أطراف حديقة كروجر الوطنية في مقاطعة مبومالانغا، وكان عمره حوالي 6 سنوات عندما سافرت والدته المصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة إلى ليمبوبو لطلب المساعدة من أحد الأطباء الشعبيين المعروفين بتسمية "سانغوما". وعندما لم تعد بعد بضعة أسابيع، ذهب مع جدته إلى منزل الطبيب ليجد أن والدته قد توفيت. ويتذكر قائلاً: "كنت أنتظر خروج والدتي من المبنى.. لكنها لم تخرج أبداً".
لم يكن خوزا يعرف والده مطلقاً، ولم يرغب في العودة إلى مبومالانغا دون والدته، فجرى نقله إلى مأوى للأطفال.
وقال خوزا: "لم يكن لدي شهادة ميلاد، ولم أكن أعرف تاريخ ميلادي. عندما كان عمري 13 أو 14 عاماً تقريباً، اتصلنا بوزارة الداخلية للحصول على الوثائق، ولكن عندها اكتشفت أن جدتي لم يكن لديها بطاقة هوية أيضاً".
إرث الفصل العنصري
من الشائع أن يكون كبار السن في جنوب إفريقيا من غير الموثقين في السجلات المدنية، وهو إرث من سياسات عصر الفصل العنصري التي جعلت التسجيل المدني وتسجيل المواليد إلزامياً فقط لذوي البشرة البيضاء في البلاد. والنتيجة هي أن أحفادهم غالباً ما يكافحون من أجل الحصول على وثائق الهوية، مما يجعلهم من عديمي الجنسية.
عندما جاءت وزارة الداخلية لمقابلة عائلة خوزا في المنزل لتحديد جنسيتهم، ألقت القبض على جدته وخالته وعمه، بدعوى أنهم من إسواتيني (المعروفة سابقاً باسم سوازيلاند) وأنه يجب ترحيلهم. ويتذكر قائلاً: "لقد أخذوني إلى حدود سوازيلاند، ولكن عندما وصلنا إلى هناك، تمكن حرس الحدود من معرفة من ندوب التطعيم أنني كنت من جنوب إفريقيا".
في سن 18 عاماً، غادر خوزا مأوى الأطفال للعمل في محمية صيد قريبة، لكنه كان يخشى دوماً فقدان وظيفته لأنه بدون وثائق ثبوتية. كان خوزا أيضاً شغوفاً بالرياضة، وقد تم اختياره للعب مع أحد فرق كرة الركبي المحلية، ولكن نظراً لأنه لم يكن لديه بطاقة هوية، لم يتمكن من التطور على مستوى الدوري. وواصل التدريب، حيث كان يركض لمسافة تصل إلى 10 كيلومترات يومياً على طريق ترابي يؤدي إلى مدينة ثابازيمبي القريبة والمعروفة بالمناجم. وقد ساعده ذلك في التخلص من القلق في السنوات التي بدأ فيها يفقد الأمل في الحصول على وثائقه.
عندما التقى خوزا بصديقته، تسبب عدم حمله لأي جنسية بتعذر توثيق زواجهما رسمياً، وعندما أنجبا ابنهما جونيور، لم يكن بالإمكان إضافة اسم خوزا إلى شهادة ميلاده. وقد شعر بأنه غير مرئي من وجهة نظر قانونية.
قضية قانونية تبشر بالأمل
يوجد ملايين الأشخاص المحرومين من الجنسية في مختلف أنحاء العالم. ونتيجة لذلك، فإنهم في كثير من الأحيان لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة أو الحصول على الرعاية الصحية أو العمل أو فتح حساب مصرفي أو شراء منزل أو الزواج. تسعى حملة #أنا_أنتمي التي أطلقتها المفوضية إلى القضاء على حالات انعدام الجنسية من خلال خطة عالمية تتكون من 10 إجراءات. ومع اقتراب الحملة من نهايتها هذا العام، من المقرر أن تطلق المفوضية التحالف العالمي للقضاء على انعدام الجنسية – وهو عبارة عن منصة متعددة الأطراف للجهات المعنية تجمع بين الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب المنظمات التي يقودها أشخاص عديمو الجنسية، وجميعهم يتشاركون في النهج عينه؛ ألا وهو الالتزام الجماعي بالقضاء على حالات انعدام الجنسية.
تابعت منظمة محامون من أجل حقوق الإنسان، وهي منظمة شريكة للمفوضية، قضية خوزا، وفي العام الماضي تم استدعاؤه لحضور جلسة استماع في المحكمة العليا في بريتوريا. وأعلن القاضي أن وزارة الداخلية أظهرت أنها "غير مرنة" و"معارضة" في رفضها مساعدة خوزا، وحكم بأنه يجب أن يحصل على شهادة ميلاد وجنسية.
يوفر الحكم الوضوح لأول مرة في قانون جنوب إفريقيا بشأن معيار الإثبات الذي يجب تطبيقه في قضايا انعدام الجنسية. واعتمدت المحكمة توصية المفوضية بأن عبء الإثبات في تحديد أهلية الشخص للحصول على الهوية القانونية والمواطنة، يجب أن يجري تقاسمه بين مقدم الطلب وصانع القرار، وبأنه ينبغي تطبيق معيار منخفض للإثبات بسبب افتقار الأشخاص عديمي الجنسية إلى الوثائق الداعمة. ويأمل خوزا أن توفر قضيته الأمل للآخرين في جنوب إفريقيا، حيث تشير تقديرات للبنك الدولي إلى أن ما يصل إلى 15.3 مليون شخص ما زالوا غير موثقين.
ولمعالجة إرث سياسات حقبة الفصل العنصري، أدخلت وزارة الداخلية عملية يمكن بموجبها تسجيل الولادات بعد مرور عدة سنوات. وقال نائب مدير وثائق السفر والمواطنة بالإدارة ريتشارد سيكاكان: "تعمل وزارة الداخلية على زيادة تسجيل المواليد لمواطنيها وتحديث التوجيهات لضمان عدم إغفال الأشخاص من الفئات الضعيفة نتيجة الفجوات".
وبدوره قال خوزا مبتسماً: "عندما حصلت على هويتي، علمت أن حياتي ستكون على ما يرام". لكن القرار ترك لديه مشاعر مختلطة: "بالتأكيد شعرت بالسعادة، لكنني كنت غاضباً في الوقت نفسه. لقد فقدت أشياء كثيرة منذ سنوات دون بطاقة هوية. شعرت أنه كان بإمكاني عيش حياة مختلفة. لكن على الأقل، أصبحت الأبواب مفتوحة أمامي الآن".
يخطط خوزا وصديقته الآن للزواج وإضافة اسمه إلى شهادة ميلاد ابنهما. وأضاف خوزا: "بسبب تجربتي، أعرف أهمية إدراج كلا الوالدين في شهادة الميلاد. لا أريد أن يكبر ابني مثلي، ويجب أن أقاتل من أجل إثبات وجوده".
جونيور البالغ من العمر 6 سنوات – شأنه شأن والده – عداءٌ سريعٌ، ويأمل في يوم من الأيام أن يلعب الركبي مع فريق سبرينغبوكس الوطني لجنوب إفريقيا. ولأول مرة منذ ثلاثة أجيال على الأقل من عائلته، لن يعيقه افتقاره إلى الجنسية.
"عندما حصلت على هويتي، علمت أن حياتي ستكون على ما يرام".