أطباء من اللاجئين السودانيين يحصلون على فرصة للعمل في تشاد
أطباء من اللاجئين السودانيين يحصلون على فرصة للعمل في تشاد

حسن زكريا يتحدث مع زملائه من الطاقم الطبي السوداني الذي يعمل في مستشفى داخل مخيم أبوتنغ للاجئين في شرق تشاد.
عند مدخل الجناح النسائي في المستشفى الرئيسي لمخيم أبوتنغ للاجئين شرق تشاد، ترتدي الدكتورة فاطمة عبد القادر وزملاؤها، حسن زكريا ويعقوب إدريس، معاطفهم البيضاء استعداداً لبدء نوبات عملهم المسائية.
قد يبدون كطاقم طبي عادي خلال عمله، لكن قصص هؤلاء اللاجئين السودانيين الثلاثة استثنائية.
قبل عامين، انقلبت حياتهم رأساً على عقب عندما وصل القتال الذي اندلع في الخرطوم إلى مسقط رأسهم الجنينة في غرب دارفور. تعرض المستشفى التعليمي الذي كان يعمل فيه الثلاثة للهجوم، ليضطر للإغلاق. لكن بدلاً من الفرار، انضموا إلى زملائهم العاملين في مجال الرعاية الصحية لتحويل أحد المنازل في حيهم إلى عيادة مؤقتة عالجوا فيها المدنيين المصابين وغيرهم من المرضى.
وقال حسن: "اتصلنا بكل العاملين في القطاع الطبي ليأتي ويقدم الخدمات اللازمة. افتتحنا وحدة طوارئ لمساعدة المصابين بإصابات طفيفة ومن يحتاجون إلى تدخل جراحي".
مع اشتداد القتال، خاطر الأطباء ومتطوعو المجتمع المحلي بأنفسهم لمساعدة السكان. وقال حسن: "فقدنا 19 فرداً من الطاقم الطبي ممن كانوا جزءًا من وحدة الاستجابة للطوارئ".
خطوة جريئة
بعد أكثر من سبعة أسابيع من الحصار في مدينة الجنينة دون ما يكفي من الطعام والماء والدواء، قرروا الفرار للنجاة بحياتهم والانضمام إلى عائلات أخرى فرّت يائسةً عبر الحدود إلى تشاد.
وقالت فاطمة، التي فرت مع أطفالها الأربعة: "كان قراراً صعباً للغاية. غادرنا رغماً عنا... لدي أطفال، ولم أستطع العيش في هذا الوضع".
قبل الفرار، تعرض منزل يعقوب لهجوم مسلح قتل فيه اثنان من إخوته. خلال الهجوم، لفّ شهاداته الطبية بالبلاستيك ودفنها في الأرض خوفاً من استخدامها ضده. كانت خطوة جريئة ليس لإنقاذ حياته فحسب، بل من أجل مستقبله أيضاً.
وقال: "كنت محظوظاً لأنني تمكنت من الهروب بشهاداتي الأصلية، في حين فقد معظم زملائي وثائقهم".

فاطمة تجلس على مكتبها داخل الجناح النسائي في مستشفى أبوتنغ في شرق تشاد.
في بلدة أدري الحدودية شرق تشاد، التقى بوالدته وشقيقتيه، ثم نُقلت العائلة لاحقاً إلى مخيم أبوتنغ للاجئين، حيث التقى بزميليه السابقين، فاطمة وحسن.
أجبر الصراع في السودان - الذي دخل عامه الثالث الآن - ما يقرب من 4 ملايين شخص على الفرار إلى الدول المجاورة، بما في ذلك تشاد، حيث التمس فيها الأمان أكثر من 770 ألف لاجئ سوداني. من بين هؤلاء أطباء مدربون مثل فاطمة ويعقوب وحسن، والذين يواصلون توظيف مهاراتهم لمساعدة مجتمعهم في مخيمات اللاجئين.
بدعم من مؤسسة ماستركارد، تعمل المفوضية مع السلطات التشادية للتصديق على الشهادات الطبية للأطباء من اللاجئين، وذلك حتى يتمكنوا من ممارسة المهنة في تشاد. حتى الآن، حصل 51 طبيباً لاجئاً سودانياً، بمن فيهم يعقوب وفاطمة، على اعتمادهم، بينما لا تزال إجراءات اعتماد حسن و141 آخرين جارية.
وقال يعقوب: "عندما حصلت على تسجيلي، شعرت بسعادة غامرة. أستطيع الآن استخدام كل خبرتي لمساعدة الناس".

يعقوب إدريس يكتب معلومات على قطعة من الورق أثناء تأدية عمله في المستشفى الرئيسي في مخيم أبوتنغ للاجئين في شرق تشاد.
شراكة جديدة
للبناء على نجاح هذه المبادرات، أعلنت مؤسسة ماستركارد والمفوضية هذا الأسبوع عن شراكة جديدة بقيمة 300 مليون دولار، وذلك لدعم أكثر من نصف مليون لاجئ ونازح شاب في جميع أنحاء إفريقيا لإكمال تعليمهم، و200 ألف شاب لإيجاد عمل كريم.
وقد صرحت نائبة المفوض السامي، كيلي كليمنتس، عند الإعلان عن الشراكة خلال منتدى إفريقيا حول النزوح في نيروبي يوم الثلاثاء، قائلة: "إن الاستقرار والفرص التي يوفرها هذا الدعم هي بالضبط ما تحتاجه المجتمعات النازحة لإعادة بناء حياتها والمضي قدماً في ظل جميع التحديات التي تواجهها".
وقالت ريتا روي، الرئيسة والمديرة التنفيذية لمؤسسة ماستركارد: "قصص مثل قصة الدكتورة فاطمة تُذكرنا بأن الموهبة والعزيمة والقيادة موجودة في كل ركن من أركان عالمنا - حتى في أصعب الظروف".
وأضافت: "عندما يتم تمكين اللاجئين الشباب من التعلم والقيادة وبناء سبل عيشهم، فإنهم لا يُغيِّرون حياتهم فحسب، بل يساهمون أيضاً في تقوية المجتمعات المحيطة بهم".