رسالة المفوض السامي غراندي بمناسبة يوم اللاجئ العالمي 2025
رسالة المفوض السامي غراندي بمناسبة يوم اللاجئ العالمي 2025

المفوض السامي غراندي على متن حافلةٍ تُقل نساءً وأطفالاً عائدين إلى سوريا من لبنان عند معبر جديدة يابوس الحدودي.
نحتفي اليوم بمناسبة يوم اللاجئ العالمي – وهو فرصةٌ لتسليط الضوء على شجاعة وصمود الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم؛ ممن أجبروا على الفرار من الحرب والعنف والاضطهاد.. ولكنه أيضاً لحظة لدق ناقوس الخطر نيابةً عنهم.
اضطرت أعداد قياسية من الرجال والنساء والأطفال – أكثر من 122 مليون شخص في جميع أنحاء العالم – للفرار من ديارهم، لكن قدرتهم على إيجاد الأمان والدعم قد أصبحت مهددةً أكثر من أي وقت مضى.
ما زال الفشل الذريع في إنهاء النزاعات – من السودان إلى أوكرانيا، ومن جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى غزة – يتسبب في معاناة إنسانية يصعب وصفها. ومع ذلك، فإن الأبرياء الذين يفرون للنجاة بأرواحهم، وسط تطاير الرصاص وانهمار الصواريخ، يتعرضون للوصم دون وجه حق، مما يصعّب عليهم الفرار من المخاطر، وإيجاد مكانٍ يتيح لهم التعافي وإعادة البناء.
ويزداد الوضع البائس سوءاً نتيجة الخفض الحاد للتمويل الإنساني، والذي يؤدي إلى قطع المساعدات، ويهدد حياة ملايين الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها.
وعند هذا المنعطف الحرج، لا بد لنا من إعادة تأكيد تضامننا مع اللاجئين – ليس بالكلمات فقط، بل بالأفعال أيضاً ودون أي تأخير. ولحسن الحظ، لا تنقصنا الأمثلة الملهمة في هذا السياق: فالبلدان الواقعة على أطراف مناطق الحرب ما زالت تواصل الترحيب باللاجئين واستضافتهم؛ والمجتمعات المحلية ظلت تفتح أبواب بيوتها وأماكن عملها وقلوبها للنازحين قسراً؛ والأعمال الفردية التي لا حصر لها من اللطف والتعاطف تبقى انعكاساً لإنسانيتنا المشتركة.
وفي العديد من الحالات، يمكن العثور على هذا الدعم بين أشخاصٍ لا يملكون من الموارد ما يكفي لتشاطرها مع الآخرين، وفي أماكن تواجه تحديات اقتصادية كبيرة. ومن الدول الأكثر ثراءً إلى بنوك التنمية والشركات وغيرها الكثير، باستطاعتنا، ويتوجب علينا، دعم هذه الدول والمجتمعات عبر تقاسم مسؤولية حماية اللاجئين. ومن شأن مثل هذه الأعمال التضامنية أن توفر الأرضية الملائمة لاستمرار هذا السخاء.
حتى في خضم هذه الأوقات المضطربة، تصادفنا لحظاتٌ من الأمل العميق. إنّني أقضي يوم اللاجئ العالمي لهذا العام في سوريا، حيث اختار مليونا شخصٍ العودة إلى ديارهم ومجتمعاتهم منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي بعد 14 عاماً من الأزمة واليأس. لقد عانت هذه المنطقة وما زالت تعاني من العنف، إلا أننا الآن أمام فرصة استثنائية لمساعدة السوريين على تحقيق الاستقرار والازدهار، وعلينا ألّا نضيعها.
التقيت اليوم بعائلات سورية عادت إلى ديارها بعد أكثر من عقدٍ من الزمن قضاه أفرادها لاجئين. إنّ فرحتهم العميقة بالألفة الاجتماعية والمكانية – وعلى الرغم من كثرة التحديات – ما هي إلا انعكاس حي لمشاعر الحنين إلى الوطن التي يحملها اللاجئون في نفوسهم.
لا يمكن لمثل هذه اللحظات أن تصبح حقيقةً إلا من خلال التضامن: التضامن الذي أبدته البلدان المجاورة لسوريا بتوفير ملاذٍ آمنٍ للأشخاص حتى اللحظة التي يشعرون فيها بأن العودة ممكنة وآمنة، والتضامن الذي أبدته المجتمعات السورية بترحيبها بعودة مواطنيها بعد غياب طويلٍ ومؤلم؛ والتضامن الذي أبداه زملائي في المفوضية وشركاؤهم المحليون والدوليون باستعدادهم لدعم العائلات العائدة وبقائهم بجانبهم بينما يعيدون بناء بيوتهم وحياتهم.
يجب علينا الآن أكثر من أي وقت مضى أن نقف مع اللاجئين للحفاظ على آمالهم بمستقبلٍ أفضل. في يوم اللاجئ العالمي هذا، وفي كل يوم، يمكن للحكومات والمؤسسات والشركات والأفراد إثبات أنه من خلال مساعدة أولئك العالقين في صراعات لا معنى لها، فإننا نمضي قدماً نحو مزيد من الاستقرار والإنسانية والعدالة لنا جميعاً. وإذا ما فعلنا ذلك، أعدكم بأن اللاجئين سيستثمرون كل ما أوتوا من شجاعةٍ وعزيمةٍ وإبداعٍ لبناء غد أفضل وأكثر إشراقاً.