عشر رؤى شاملة حول أزمة اللاجئين السوريين في ذكراها الخامسة
عشر رؤى شاملة حول أزمة اللاجئين السوريين في ذكراها الخامسة
بقلم أمين عوض، المنسق الإقليمي للاجئين لسوريا والعراق ومدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مقر المفوضية في جنيف.
يدخل الصراع في سوريا عامه السادس هذا الشهر، وفي هذه الذكرى الحزينة التي تمر على العالم تُطرح أسئلة كثيرة؛ "ما هو عدد اللاجئين الذين غادروا سوريا؟"، "ما هو عدد اللاجئين الذين سيأتون إلى أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا؟"، "هل يشكل اللاجئون مخاطر أمنية؟"، والسؤال الأكثر تحديداً: "متى سيتوقف كل ذلك؟"
بصفتي المنسق الإقليمي للاجئين لسوريا والعراق، فقد سمعت كل هذه الأسئلة، وأشعر بأن الوقت قد حان لتقديم بعض الإجابات.
1. يقف العالم على مفترق طرق في ما يتعلق بالمعالجة العالمية للجوء وتصورات اللاجئين:
تحدد الأزمة السورية مدى إحساسنا بالمهجرين أو التعبير عن تعاطفنا معهم أو تخلينا عن احتياجاتهم أو رفضها. إننا نشهد هذه الظاهرة تتجلى في العديد من البلدان حول العالم، إذ أن كل يوم يأتي بتطورات جديدة بشأن التشريعات المتعلقة باللاجئين وإغلاق الحدود والقرارات السياسية. وستحدد كيفية استجابتنا للأزمة الحالية مستقبل الحماية الدولية والاستجابة الإنسانية.
2. ثمة فارق قانوني بين اللاجئين والمهاجرين، ويتعين توخي الحذر لدى استعمال المصطلحين:
تعرّف اتفاقية عام 1951 اللاجئ على أنه شخص موجود خارج بلد جنسيته، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد أن يستظل بحماية ذلك البلد. وتضمن الاتفاقية الحماية الدولية لهؤلاء الأشخاص. ويجب ألا يُصنّف اللاجئون بشكل خاطئ على أنهم "مهاجرون" في وسائل الإعلام والقانون. وعلى الرغم من أن المهاجرين لأسباب اقتصادية لا يتمتعون بالصفة القانونية نفسها التي يتمتع بها اللاجئون، إلا أنه يجب معاملتهم هم أيضاً بكرامة واحترام، ووضع ضمانات مناسبة لحماية حقوقهم الأساسية.
3. على الرغم من النداءات المتواصلة، لا تزال الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة تعاني من نقص كبير في التمويل:
هنالك تصورات مفادها بأن الأمم المتحدة ممولة بصورة جيدة أو حتى أنها تملك فائضاً في التمويل، ولكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. المفوضية ممتنة للمساهمات المقدمة من الجهات الفاعلة، ولكن النداء المشترك بين الوكالات للخطة الإقليمية لدعم اللاجئين وتمكين المجتمعات المستضيفة لهم لعام 2015 لم يتم تمويله إلا بنسبة 62% فقط. بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم ميزانية المفوضية تأتي عموماً من عدد محدود من الجهات المانحة، لذا يجب توسيع قاعدة التمويل لتشمل المزيد من البلدان، كما نحتاج أيضاً إلى زيادة المساهمات المقدمة من القطاع الخاص.
4. التحركات الكبيرة نحو أوروبا متصلة بنقص التمويل الحالي:
تكشف التقييمات التي أجرتها المفوضية وشركاؤها عن سبعة أسباب رئيسية تدفع اللاجئين إلى الانتقال إلى خارج المنطقة المحيطة، وتتلخص هذه الأسباب بما يلي: فقدان الأمل في الوصول إلى حل سياسي للصراع؛ والشعور بعدم الأمان والضعف؛ وازدياد الفقر في بلدان اللجوء الأول؛ ومحدودية فرص كسب العيش والبطالة؛ ونقص المساعدات؛ وعقبات تجديد الإقامة القانونية؛ ومحدودية فرص التعليم. وقد تساعد زيادة التمويل للاستجابة الإنسانية للمفوضية على تثبيت أعداد الأشخاص المنتقلين من خلال تحسين المساعدات بحيث يتمكن اللاجئون من تصور مستقبل أفضل لأنفسهم في بلدان اللجوء الأول إلى أن يتمكنوا من العودة إلى الوطن.
5. تقوم المفوضية بإعادة توطين 1% فقط من اللاجئين في بلدان ثالثة، ويخضع الذين أعيد توطينهم لفحص أمني مشدد:
لا بد من التوضيح أن معظم اللاجئين في العالم الذين يبلغ عددهم 20 مليون شخص، يعيشون اليوم في البلدان النامية والمتوسطة الدخل المجاورة لبلدان الصراع، كتركيا والأردن ولبنان وباكستان وإثيوبيا وكينيا. وتؤدي هذه البلدان خدمة للعالم ولا بد من الاعتراف بسخائها المتواصل. وستفوم المفوضية بإعادة توطين 1% فقط من هؤلاء اللاجئين في بلدان كالمملكة المتحدة والسويد وكندا والولايات المتحدة وأستراليا. وليس للعديد من البلدان حول العالم حالياً أي برامج لإعادة توطين اللاجئين وتدعو المفوضية إلى لتوسيع عدد البلدان التي ترغب في بدء برامج إعادة توطين اللاجئين. بالإضافة إلى ذلك، وفي أعقاب الحوادث الإرهابية المأساوية الأخيرة، عبر البعض عن قلقهم إزاء استفادة اللاجئين من نظام إعادة التوطين للدخول إلى البلدان الغربية. ولا بد من أن نوضح في هذا المجال أن المفوضية وضعت نظاماً موحداً تحدد بموجبه اللاجئين الأكثر ضعفاً فقط لإعادة التوطين. فاللاجئون لا "يتقدمون بطلب" لإعادة التوطين. أما اللاجئون الذين يعاد توطينهم، فيخضعون لمجموعة من الفحوصات الأمنية التي تجريها المفوضية أولاً ومن ثم الحكومات المضيفة المعنية.
6. يعود اللاجئون بالفائدة على اقتصادات البلدان المضيفة والاقتصادات المحلية:
في حين أنه غالباً ما يتم تصوير اللاجئين على أنهم يشكلون عبءاً هائلاً على الدول المضيفة، إلا أن الأبحاث تظهر باستمرار أنهم يستطيعون أن يكونوا نعمة، لا عبءاً على البلدان المضيفة، إذا حصلوا على الفرص المناسبة، حيث يوفرون مصادر عمل متنوعة ويساهمون في النمو الاقتصادي.
7. يمكن القول بأنها الفترة الأصعب على الإطلاق التي تمر على اللاجئين:
احتفلت المفوضية بالذكرى السنوية الـ65 على تأسيسها في 14 ديسمبر/كانون الأول 2015. وحالياً، تشير أرقام المفوضية إلى وجود أكثر من 18 مليون مهجر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من بينهم أكثر من 5,390,000 لاجئ وطالب لجوء و12,855,000 نازح داخلياً، ويُضاف هؤلاء إلى ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقون المساعدة حالياً من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا). ونظراً إلى العدد غير المسبوق من الصراعات في جميع أنحاء العالم، ازدادت أعداد اللاجئين بسرعة ولم تعد المساعدات المالية تلبي المتطلبات. ومنذ عام 2010، ارتفعت المتطلبات المالية للمفوضية بأكثر من الضعف. وفي السياق الحالي، يعيش الكثير من اللاجئين في مآوٍ غير مناسبة ويعانون من الجوع ويضعيون الفرص التعليمية ويواجهون أيضاً الكثير من ردود الفعل السلبية بسبب كره الأجانب والخوف.
8. يمكن القول بأنها الفترة الأصعب على الإطلاق التي تمر على عاملي الإغاثة في المجال الإنساني:
طوال فترة عملي في الأمم المتحدة البالغة 27 عاماً، قمت بزيارة العديد من مخيمات اللاجئين في إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية وآسيا، ولم يواجه عمال الإغاثة يوماً المخاطر الأمنية التي يتعرضون لها اليوم، بما أنهم مستهدفون من قبل جماعات متطرفة، مما غيّر السياق الذي يعمل فيه موظفو المفوضية. وأنا أشعر بفخر كبير بالعاملين معي، وقد حصلت المفوضية على جائزتي نوبل للسلام في العامين 1954 و1981، الأمر الذي يظهر شجاعتها والتزامها الدائم بمساعدة الأشخاص الأكثر ضعفاً في العالم.
9. تستمر أزمات اللاجئين المتوسطة لأعوام عديدة:
قد يظن البعض أن أزمة اللاجئين تستمر لستة أشهر أو عام واحد، تُنزع بعدها الخيم ويعود اللاجئون إلى الوطن، ولكن الواقع يثبت أن معظم حالات النزوح تستمر لعدة أعوام. ويعاني حالياً غالبية اللاجئين والنازحين حول العالم، والذين يبلغ عددهم 60 مليون شخص، من أوضاع نزوح طويلة الأمد. وهذا يعني، من الناحية العملية، أنه بعد فترة طويلة من فقدان الوسائل الإعلامية الدولية الاهتمام بالموضوع، سيبقى الكثيرون بعيدين عن وطنهم طالبين الإغاثة والمساعدة. ويحتاج المجتمع الدولي إلى تغيير طريقة تفكيره بشأن مساعدة اللاجئين - مع التركيز بشكل أكبر على التخطيط البعيد الأمد وفرص العمل وسبل كسب العيش والاعتماد على الذات.
10. أخيراً، عندما ننظر إلى التاريخ، ندرك بأن الحدود والعقول المغلقة لم تؤدِّ على الإطلاق إلى التقدّم أو الابتكار ولم تجعل من هذا الكوكب مكاناً أفضل:
قد تحمل التحركات السكانية الجديدة، حتى تلك التي الغارقة بالمأساة، معها أحلاماً وأفكاراً جديدة. لذا، ففي خضم النقاش الحالي حول أزمة اللاجئين، أتوجه إلى الأشخاص الذين ينادون بـ"إقفال الحدود"، وأقول لهم بأن السياسات المتجذرة في الخوف والاستبعاد ليست خاطئة من الناحية القانونية والاقتصادية والنفسية فحسب، بل هي أيضاً نهج ضيّق الآفاق لن يفيد في تقدمنا كبشر. وعندما نتمتع بالشجاعة وببعد النظر بما يتيح لنا النظر إلى التحركات السكانية الجديدة والتغيير في المشهد باعتبارها دعوة أو فرصة لا تهديداً، فعندها سنرى إمكانيات لا حدود لها للنمو البشري والابتكار.
أمين عوض هو المنسق الإقليمي للاجئين لسوريا والعراق ومدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مقر المفوضية بجنيف. التحق بالمفوضية منذ أكثر من 25 عاماً وقد أدى مهاماً في الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا والاتحاد السوفييتي السابق و يوغوسلافيا السابقة ومقر المفوضية في جنيف. والآراء المعبر عنها هنا لا تعكس بالضرورة السياسة الرسمية للمفوضية.
لمعرفة المزيد عن استجابة المفوضية للأزمة في سوريا، الرجاء زيارة unhcr-arabic.org. أظهر دعمك للاجئين السوريين من خلال التبرع اليوم.